بدأت الرهبنة منذ القرن الرابع الميلادى تحت نظم وقوانين رهبانية يتبعها طالب الرهبنة طوال حياته وحتى مماته وتبقى كل الأمور داخل أسوار الدير، ولم نكن نسمع عنهم شيئا قديما سوى الذهاب إلى الأديرة لحضور القداسات أو لزيارة الدير والتبرك من المكان ورؤية الراهب داخل الدير هى كل الأخبار التى قد نعرفها عنه.
ولكن حديثا أصبحت أحوال الرهبان والأديرة تداولها وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى بمختلف أشكالها.
ولا يمكن الجزم أن يكون هناك حوادث عرضت على المحاكم للفصل فيها ولكن حسب أقوال بعض الآباء من داخل الأديرة أن كل راهب فى النهاية هو بشر؛ أي يمكن له التعرض لمختلف المشاكل التى يتعرض لها العلمانى فى العالم كما أن الأفلام الدينية التى تقوم بتصوير الراهب بأنه الشخص المعصوم من الخطأ هى التى جعلت البعض لا يتقبل أمر أن الراهب لا يجب أن يعرض على النيابة مثله مثل أي مجرم أو أن يعاقب بأشد أنواع العقاب على فعل قام به وهو الإعدام، وهذا أعطانا ثقافة أن الراهب منزه عن الضعف البشري.
فى حين أن كتاب "بستان الرهبان" هذا الكتاب الذى يحكى سير وقصص الرهبان قد رصد حالات من الرهبان داخل الأديرة اتهم فيها الراهب بالسرقة أو تهمة الكذب أو تهمة التقاعس عن أداء المهام التى أوكلها له الأب المسئول عنه فى الدير حتى إن البعض منهم اتهم بالزنا، ويذكر أن الأب مارينا تلك الفتاة التى عاشت داخل الدير كرجل لم يعلم عنها أحد اتهمت ذات مرة بالزنا، وحكم عليها رئيس الدير فى ذلك الوقت بالطرد وعاشت لعدة سنوات على أعتاب الدير تربي هذا الطفل وبعد محاولات منها وإبداء الندم على فعل لم تفعلها عادت إلى الدير، ولم يكشف سرها أنها سيدة وليست رجلا إلا عند نياحتها، وكانت فى هذا الزمان مثالا للطاعة والاحتمال.
ولكن المشاهد أن تلك الأمور وطرق التعامل معها قديما كانت تتم داخل الدير ولكن مؤخرا وبسبب اندماج الرهبان داخل المجتمع أصبحوا يعاملون مثلهم مثل العلمانيين.
كما أن تلك الأمور التى حدثت مؤخرا تعتبر من أهم الركائز التى أدت لدهشتنا عندما تم توجيه الاتهام للراهبين السابقين الأب أشعياء المقارى والراهب فلتاؤوس والمتهمين فى مقتل الأنبا إبيفانيوس أسقف دير أبو مقار حيث أمرت النيابة أمس السبت بإحالة أوراقهم إلى فضيلة المفتى، وتحديد جلسة 24 أبريل المقبل للنطق بالحكم، صدر القرار برئاسة المستشار جمال طوسون، وعضوية المستشارين شريف عبد الوارث فارس ومحمد المر، وسكرتارية حسنى محمد عبد الحليم.
ويوضح بعض الآباء أن هناك عديدا من الفروق ما بين الراهب والعلمانى عندما يقع فى تجربة مثل تلك التجربة التى حدثت مؤخرا، وأبرز تلك الفروق أن الراهب أمامه فرصة فريدة للتوبة والرجوع عن تلك الأمور التى تسىء له كإنسان أولا وكراهب ثانيا، وذلك لأن الراهب يعيش داخل الدير هذا المكان الذى يمتلئ بالصلوات والتسابيح كما أن الممارسات الروحية التى يمارسها بصفة دورية تجعل فرصة توبة الراهب أكبر وأوسع مجالا من العلمانى وهو الشخص العادى الذى يعيش فى العالم.
كما أن فرصة الراهب فى التوبة أسرع من العلمانى فالراهب يقوم بسرعة ويحاول البعد عن هذا الفعل كل تلك الأمور إذا مورست بصدق وبمتابعة من المسئول عنه فى الدير لن تجعل الأمور يتطور ويتحول إلى حادثة قتل.
ولا ننسى حادثة رهبان الدير المنحوت الذين قاموا بالتنقيب عن الآثار بالاستعانة بخبير ألماني دون علم الدولة عام 2015 وعثر فيها الرهبان بالفعل على 16 مغارة أثرية حوت مئات القطع الأثرية النادرة والهياكل العظمية والمومياوات التى تعود للقرن الرابع الميلادي وعوضًا عن إبلاغ السلطات المختصة قاموا باستدعاء خبير ألماني يدعى أتوميناردوس والذي وصل إلى الدير بطائرة هليكوبتر.
وتم معاقبتهم بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه لمخالفتهم القانون رقم 117 لسنة 1983.
وعن أنواع العقوبات التي استخدمتها الأديرة، قديما حيث كانت درجة شدة العقاب تتحدد وِفقا لطبيعة الخطأ وشخصية المخطئ
فكان هناك نوعان أساسيان:
1) العقاب الجسدي
2) العقاب الروحي
فالشخص الذي يحضر إلى خدمة ليتورچية في الكنيسة متأخرا، لا يستطيع أن يدخل الكنيسة بل يجلِس نادما عند العتبة وهذا العقاب حتى يعود الراهب الى نفسه والى القوانين الرهبانية التى رضى أن يعيش بها وأن يترك العالم وحتى لا يتمادى الخطأ ويكبر أما فى الأخطاء الأخرى مثل التشاجر أو الكبرياء أو الخروج بدون إذن، فكان يعاقب بالطرد ويروي لنا التاريخ الرهباني أن القديس باخوميوس أمر ذات مرة أحد الرهبان بخلع زي الرهبنة وترك الدير، وكانت هذه عقوبة بالغة القسوة.