كشفت تصريحات اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، عن أن إجمالى التمويل لمبادرة «مشروعك» وصل إلى ٩ مليارات جنيه، وهذه المشاريع قد وفرت ٣٠٤ آلاف فرصة عمل حنى يناير ٢٠١٩، وهى التى تمت فى محافظات المنيا وسوهاج والشرقية - البحيرة - الدقهلية وغيرها من المحافظات.
وغنى عن البيان وبحسبة بسيطة وطبقًا لتصريحات الوزير فإن فرصة العمل الواحدة ستصل قيمتها إلى ٣ ملايين جنيه، وهو رقم كبير فى تكلفة فرصة العمل الواحدة داخل بلادنا، وهذا الرقم يستحق إعادة النظر وفق التصريحات الرسمية.
كما أن السيد وزير الإدارة المحلية قد صرح بأنه تم توفير ١١٦ ألف مشروع والسؤال هنا والذى يستحق التأمل ترى ما نوعية تلك المشروعات الضخمة التى تم توفيرها عن طريق مبادرة «مشروعك» فى المحافظات هل هى مشروعات صناعية أو زراعية أو تجارية أو خدمية.. وما علاقاتها فى إطار النظرة الكلية للاقتصاد وقيمتها المضافة ومدى احتياجها للأسواق ما يترتب عليها من مشروعات تسهم فى التنمية المستدامة.
وفى الحقيقة أن المتابع لتصريحات الرسمية سواء من وزير الإدارة المحلية أو رئيسة جهاز تنمية المشروعات وغيرهم من بعض الوزراء الخاصة بالمشروعات الصغيرة يكتشف حجم ما صرف عليها من مليارات هى ممولة عن طريق قروض كبيرة سواء من البنك الدولى أو الممولة من الهيئات الدولية فإننا نجد للأسف فجوة كبيرة بين التكلفة والعائد الذى يستحق التأمل والدراسة.
وهنا يحق لنا أن نطرح مجموعة من الأسئلة:
• هل فعلًا تلك المشروعات المعلن عنها بكثافة إعلامية تصب نحو أهداف التنمية المستدامة ورؤية ٢٠٣٠ الحكومية؟
• هل هى مرتبطة بخطة واضحة للتنمية وهل هناك تقييم حقيقى لهذه المشروعات مرتبطة بخطط المحافظات التنموية إن وجدت؟
•وهل هناك حسابات ومتابعات لتقييم حجم الإنفاق وقيمة المشروعات من أجل توفير فرص العمل أو الاستقرار؟
ومن هنا فإن الأمر مرهون أيضًا بمجموعة من الأسئلة الموضوعية حول الإعلان والترويج عن هذه المشروعات وهنا نطرح الآتي:
١- هل تم تخصيص اجتماع لمجلس المحافظين بتحديد دورة اجتماعات لمناقشة رؤية المحافظين فى تأثير تلك المشروعات ودورها على التنمية بشكل يتيح رسم سياسة عام لطبيعة المشروعات ولكل محافظة؟
٢- هل فعلًا أن هذه المشروعات الصغيرة تمت مناقشاتها فيما يسمى بالأقاليم الاقتصادية السبعة الموجودة على الورق بطول البلاد وعرضها خصوصًا أننا لن نسمع عن اجتماع واحد تم خلال الفترة الماضية لأى إقليم اقتصادى من الأقاليم السبعة الاقتصادية بالمحافظات؟
٣- وهل اجتمع محافظو الأقاليم الاقتصادية سواء فى الوجه البحرى أو القبلى أو مدن القناة أو حتى إقليم القاهرة الكبرى؟
٤- وهل قام المحافظون بتلك الأقاليم الاقتصادية بدراسة الأولويات والاحتياجات الواقعية لهذه الصناعات الصغيرة ومتى تأثيرها على مدى ترابط وتكامل محافظات الأقاليم الاقصادية وقربها من بعضها ومدى تكامل الخامات والأسواق والفرص الاقتصادية فى إطار من التنافسية لدعم رؤية تلك المشروعات الصغيرة ؟
٥- هل اهتمت وزارة التنمية المحلية بوجود ١٨ حرفة يدوية وتراثية منتشرة فى ٤٧ تجمعًا محليًا فى العديد من المحافظات المصرية وبحثت كيقية توطين تلك الصناعات وتطويرها وهى الصناعات الحرفية والتراثية المصرية الأصيلة التى تمتلك فيها مصر خبرات عالية، وهى صناعات «الفخار - منتجات النهيل - العباية والملابس - الأخشاب - الحلا -الصدف والأرابيسك - العقادة - الخيامية - صناعة التلى - الالبستر - النحاس - المنسوجات اليدوية - المنتجات الجلدية - الكليم - السجاد - الزجاج والشمع».
٦- وهل بادرت المحافظات والإدارة المحلية بدراسة أهمية توطين تلك الصناعات داخل التجمعات الواقعية فى المحافظات والقرى والمراكز مع وزارة التعليم مثلًا من أجل فتح فصول بمدارس التعليم الفنى «زراعى - صناعى - تجارى - فندقى» من أجل تدريب الشباب والاستفادة من شيوخ وخبراء تلك المهن الحرفية ووضع تصور من أجل أن تتحول تلك الصناعات إلى ماركات عالمية مسجلة.
٧- وهل فكر مجلس المحافظين برئاسة رئيس مجلس الوزراء فى بحث المشاكل المتعلقة بتلك الصناعات وأماكن تجمعاتها بحل مشاكل البنية الأساسية لتلك المراكز المهمة وتطوير أسواقها وحل مشاكل الكهرباء والمياه والصرف الصحى والطرق والمواصلات لتحويل تلك المناطق إلى منارات للتنمية المستدامة فى المحافظات، وكذلك حل مشاكل المدن الصناعية ؟
ويبقى السؤال الأهم:
• هل يتم بالفعل تقييم مستمر ومتابعة المشروعات بالتزامن مع ما يعلنه مركز تحديث الصناعة ومراكز التدريب المتعددة ومع الغرف التجارية والصناعية المتخصصة او حتى مع اتحاد الصناعات المصرى وجمعيات الصناع ومعارض المنتجات الريفية والصناعية والتراثية وهل هناك رؤى مشترك فى ذلك.
ويبقى الاندهاش من ما نقراءه او نسمعه عن حجم الاموال التى تحصل عليها مصر من الهيئات المانحة الدولية او من حجم القروض التى نحصل عليها بالفوائد من البنوك العالمية والدولية والهيئات التى تقدم لمصر مثل هذه الاموال.. وهنا السؤال الكبير.. ماذا لو جمعنا حجم تلك الاموال وتم قياسة بما وفرته تلك الأموال من فرص عمل حقيقية على رض الواقع ومن مردود اقتصادى على مجمل الاقتصاد الوطنى من ناحية القيمة المضافة والمشاركة فى رفع مدخلات الاقتصاد المصرى الكلى وعلاقة ذلك على تحسين نوعية الحياة وجودتها فى المحافظات والقرى والمراكز الأكثر فقرًا والأكثر احتياجًا للخدمات وتوفير بنية أساسية تليق بحياة المواطنين.
إن تدفق الأموال سواء من الهيئات المانحة للهيبات أو للإقراض تُقاس بما توفره من قيم عادلة تسهم فى خطط التنمية.
إن الحديث عن التنمية قد أشار إليه الدستور بشكل واسع فى العديد من المواد، ولعلها الأخطر المادة ٢٧ والتى تؤكد أن النظام الاقتصادى يهدف إلى تحقيق الرخاء فى البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية ويكفل رفع معدل النمو.. ورفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة والقضاء على الفقر ويلتزم بمعايير الشفافية.. ودعم محاور التنافس والنمو المتوازن جغرافيًا وقطاعيًا وبيئيًا بالإضافة إلى التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة بما يحفظ حقوق العاملين وحماية المستهلك».
إن الحديث والترويج المتزايد عن توفير فرص العمل ومن خلال الصناعات الصغيرة والمتواسطة وحتى متناهية الصغر لا يمكن أن يُقاس بالتصريحات فقط ما لم يكن مرتبطًا بأرض الواقع وبخطط قابلة للتقييم والقياس والإحساس بها من أجل تحقيق التنمية المستدامة وبتحقيق حياة أفضل يستحقها المصريون.