قد يظن البعض أن الحرب فى معناها هى الاقتتال والمواجهة فى ميادين القتال وأن الانتصار يكون وقت إنزال الهزيمة بالطرف الآخر ولا يدركون أن الحرب الأشرس والأخطر والأعنف التى تدار بمنتهى الخبث والمكر والدهاء خلف الستار أنها الحرب المخابراتية والجاسوسية، والتى أثبت جهاز المخابرات العامة المصرية براعته وقوته وسطوته فى ذلك الميدان وبالأخص على مدار ستين عاما تقريبا فى الصراع مع إسرائيل، فالصراع معهم لم ينتهى بالهزيمة فى 73 بل استمر إلى الآن وسيستمر ويظل الصراع عنيفا خلف الستار ومهما تقدمت التكنولوجيا سيظل العنصر البشرى وتجنيد العملاء والشراهة فى التوصل للمعلومة أهم غاية ففى العمل المخابراتى ورغم الدور الخطير الذى تلعبه الأقمار الاصطناعية فى التجسس ورغم تطورها إلا أن هناك معلومات يصعب أى جهاز مخابرات الحصول عليها فالأجهزة لا تعلم النوايا والأفكار والملفات والوثائق داخل الخزائن لذا تلجأ المخابرات إلى زرع الجواسيس والجاسوس يتم اختياره بمواصفات معينة فقد تتم صناعة ماضى وحاضر له بشخصية غير شخصيته بكل ما يتطلبه ذلك من تغيير أو يتم تجنيد شخص حقيقى ساعدت كل الظروف أن يكون فى قلب المكان المراد اختراقه معلوماتيا ولابد فى كل الأحوال أن تتوافر فيه عدة صفات أولها الذكاء الفائق وسرعة البديهة والتمثيل والكذب الصادق والثبات الانفعالى والاتزان فى أخطر المواقف.
وتظل الحرب شرسة والغلبة للأذكياء فى النهاية واللعب على رقعة الشطرنج الفوز فيه للأذكى فى صراع العقول معتمدا على فن الحيل والمراوغة والإرباك وعنصر المفاجئة وتظل الغلبة لمن يملك المعلومة.
والأمن القومى المصرى تعريفه لدى صقور المخابرات العامة هو حماية الوطن من كافة الأخطار الموجهة إليه سواء كانت سياسية أو أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية وحمايته من أى محاولات لاختراقه بشكل غير شرعى والسهر على أمن وحماية الوطن ضد التجسس والتخريب والإرهاب الدولى.
وسنتناول بعض من العمليات التى قامت بها المخابرات المصرية ليعلم الشعب المصرى عظمة وقوة وريادة ذلك الجهاز ويدركوا أن هناك جنودا مجهولين فى الكواليس بعيون يقظة وعقول فذة يتفانون ويضحون بأرواحهم فى سبيل حماية تراب وشعب هذا الوطن لهم التحية والتقدير والشكر ومهما قلنا لن نوفيهم قدر حقهم.
عملية الفخ
كشفت المخابرات العامة المصرية- التى تحتل المرتبة الأولى فى الشرق الأوسط وأفريقيا والخامسة عالميا-فى 8 أبريلز1964 شبكة جواسيس لإسرائيل كان قد تم وضعها تحت السيطرة التامة لمدة 4 سنوات وقد تمكنت من الوصول إلى مركز التجسس الإسرائيلى فى أسمرة بالحبشة بإثيوبيا والاتصال بالمخابرات الإسرائيلية فى تل أبيب وبطريقة عالية من الذكاء كشفتها المخابرات المصرية فقد تم كشف 600 إشارة لاسلكية و15 خطابا – والفرق بين الشفرة والكود هى أن الشفرة تعتمد على الحروف الأبجدية لتكوين رسائل سرية سواء بتغيير حروف الكلمات أو بالرمز لها أما الكود فيعتمد أساسا على استخدام عدد أو كلمة أو إشارة لتدل على مفهوم معين أو تشير لجملة معينة يعلمها الراسل والمرسل إليه ويعتبر فك الكود أصعب من حل الشفرة.
وتم وضع الخطة بدقة بعد الانتهاء من السيطرة على كافة خيوطها وعناصرها وألقت المخابرات المصرية القبض على الشبكة كاملة وقام ضابط المخابرات المصرى بالاتصال بتل أبيب عن طريق موجة اللاسلكى الخاصة بشبكة التجسس الإسرائيلية كاتبا بشفرتهم ومناديا باسم عميلهم رسالة من 4 سطور
المخابرات العامة المصرية تبعث إليكم بشكرها على ما لقيته منكم من تعاون وما قدمتموه من خدمات طوال السنوات الأربع الماضية وإذ ننهى معكم هذه العملية نرجو لقاء قريبا فى عمليات جديدة.
وتظل المخابرات العامة المصرية عقلا وقلبا وعمقا وحصنا
عاش رجال الظل.. عاش الصقور