الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

د. صموئيل بقطر.. أشعل الحرب العالمية الطبية الأولى!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ نصف قرن كادت تقع حرب عالمية من نوع جديد بين القوى الأعظم أمريكا والاتحاد السوفييتى بسبب علاج جراحى لشقيق الرئيس عبدالناصر وهو الليثى عبدالناصر نتيجة حادث سير تعرض له على الطريق الصحراوى، وفور قيام الأطباء بواجبهم العلاجى تحت متابعة الدكتور محيى الدين الخرادلى وبحكم خبرته أشار إلى ضرورة القيام بالكشف مبدئيًا على المخ، وفور علم الرئيس قرر أن يقطع كل مسئولياته ليكون قريبًا من شقيقه وظل معه، وأصر على أن يتوجه لمستشفى المواساة دون أى ترتيبات تتطلبها تواجد الرئيس، ومع أول ضوء تحرك الرئيس ليستأنف التوجه للمستشفى والغريب أنه همس فى أذن المحافظ أحمد كامل، قائلًا: هل يمكن أن نجد (لقمة) نأكلها فرد عليه أننى سوف أسأل مدير المستشفى وبعد دقائق أرسلت المستشفى صينية عليها طبق من الجبن وخبزًا.. والواقعة تكشف عن جوانب إنسانية فقد ذهب ليجلس إلى الفريق المعالج من كبار الأطباء لكن الرجل قبل أن يتذكر واجبه الأسرى حرص على الواجب الآخر نحو الفريق من مساعديه بالرئاسة، حيث طلب من المحافظ «أعمل حساب الذين يرافقوني» بل حرص أن يتناول معهم الإفطار.
وظل الرئيس معظم الوقت بالمواساة وعرض عميد الجراحين فى مصر الدكتور لطفى دويدار، وكيل الكلية ورئيس قسم الجراحة، ضرورة استئصال الطحال، وأجريت العملية بنجاح لكن العملية الأصعب كانت الجراحة بالمخ لاستعادة «حاسة التنبه» لإنقاذه من الغيبوبة وفعلًا قام بهذه العملية العالم الكبير الدكتور صموئيل بقطر صاحب المدرسة الأولى فى الشرق الأوسط لهذه الجراحة الدقيقة، وأجريت لعدة ساعات وتابعها الرئيس لكن مثل هذه الجراحات تحتاج خطوات لتحقيق نتائج حاسمة وبعد إجراء العملية تم متابعة المرضى بالمستشفيات الأخرى كواجب مهنى ولم يتوجه للرئيس ليخبره بالنتائج، وفوجئ الجميع بالوزير سعد زايد محافظ القاهرة يدخل ومعه وفد سوفيتى طبى وصل ومعهم رسالة من الرئيس السوفييتى بأنه يضع هؤلاء العلماء تحت أمر وزارة الصحة المصرية والأطباء للإسهام فى علاج الحالة من أعلى درجات التخصص وأمام هذه المبادرة طلب الرئيس أن يجلس الوفد مع كبير المصريين المعالجين للحالة، واستمر اللقاء مع السوفيت عدة ساعات فى ضوء الفحص العام لكن العملية الجراحية التى تمت على يد العالم الكبير الدكتور صموئيل بقطر أراد الوفد إجراء مناقشة معه وعقدت جلسة طبية وقدم تصوير للحالة وما يجب اتخاذه لمعالجتها وخطوات الحالة ما بين استقرار وإيقاف للنزيف والتحسن فى الغيبوبة بعد تطهير قاع المخ من أى أثار دموية واقتنع الوفد الروسى بسلامة خطوات الطبيب المصرى وتوجهوا للرئيس يبلغونه بأن ما تم يصل لدرجة الإعجاز الطبى والكفاءة العلمية، والطريف أن الطبيب المصرى ترك الوفد، ليستكمل رسالته مع المرضى الآخرين.
أعرب الرئيس عن سعادته بهذا الخبر وطلب تقديرًا منه للجهود التى بذلوها أن يقوم الفريق السوفييتى بتوقيع الكشف الطبى على الرئيس شخصيًا مع رسالة رقيقة للقيادة السوفييتية، وبعد أقل من ساعة جاء من يبلغ الرئيس أن القائم بأعمال المصالح الأمريكية فى مصر يحمل رسالة من الرئيس الأمريكى رغم أن العلاقات مقطوعة بين البلدين فى أعقاب نكسة يونيو 1967م والموقف المنحاز ضد مصر إلا أن الموقف لم يمنع الإدارة الأمريكية أن تتخذ هذا الموقف والترويج له كجزء من حربهم ضد السوفييت وتصوروا أن السوفييت فشلوا بفحص الحالة وأن مغادرتهم مصر معناه إعلان الفشل، وطلب القائم برعاية المصالح الأمريكية موعدًا عاجلًا مع الرئيس واستقبلهم الرئيس وتحولت الحالة العلاجية إلى (حرب بين القوى الأعظم فى ساحة الطب) وهى الحرب أولى الحرب العالمية الأولى بين الروس والأمريكان حضر المقابلة أنور السادات واساتذة الطب وعرضوا الحالة على الأمريكان دون حضور الطبيب المصرى صموئيل بقطر والذى لم يقترب من الرئيس أو معاونيه منذ مباشرته لهذه الحالة لكنه واجبًا يؤديه طبقًا لجدوله الذى لايحيد عنه ومسئولياته كأستاذ يتابع تلاميذه فقد كان (راهبًا فى محراب العلم فقط)، وطلبوا قدوم طبيب مصرى معروف لديهم فى الأوساط العلمية، وكان الرد غير متوقع بأن الدكتور صموئيل بقطر هو الطبيب الأساسى للحالة فوقف الأساتذة متسائلين: لماذا تم استدعاؤنا وهذا العالم موجود هنا ولو أن الحالة عندنا لقمنا نحن باستدعائه؟
شعر الجميع بأن لهذا سحرًا على الرئيس وشهادة من أكبر دولتين تجاه طبيب مصرى جعلته يشعر بالزهو رغم أنه لم يلتقَ به رغم وجوده فإنه لم يغير برنامجه اليومى، لأن هذا هو وقت المريض، وهذا الأمر يحكم عقيدة مهنية.
فوجئ الرئيس بأن ليست هناك إضافات أكثر من العلم والبراعة التى يعالج بها الطبيب، وكان رد الرئيس إبلاغ شكره للطبيب وانتظر الرئيس ومعاونوه قرار الطبيب بالسماح بالزيارة، وفوجئ الليثى عبدالناصر بالرئيس ينادى عليه ليعود بعد دقائق، يقول للحاضرين: «فين الدكتور صموئيل؟»، وكان الرد أنه يتابع مرضاه بنفس الأهتمام لأى حالة فطلب الرئيس أن ينتظره صباحًا وفعلًا أنتظر وصول الرئيس السابعة صباحًا ودخل على الرئيس ممسكًا ببالطو أبيض على غير ما تقضى به القواعد البرتوكولية ويقف تقديرًا لهذا الطبيب واستأذنه فى تغيير برنامجه، لأنه يريد الجلوس إليه، وقال له الأوساط العلمية ليس فى القوى العظمى بل أوروبا قالت إنك حققت معجزة طبية، وأنا أشكرك وأنت فخر لكل طبيب مصر وأمام هذا الإطراء شعر الطبيب بالخجل الشديد لهذا التقدير وشعر الجميع أن الرئيس يريد أن يترجم التقدير لشىء فطلب الأطباء أحمد درويش ولطفى بيومى منه هذه فرصة لكى نناشدك باعتبارك أبوالمصريين أن تصدر قرارًا بالإفراج عن طلبة الجامعة (المحبوسين بعد مظاهرات نكسة 1967).. ورد الرئيس أن الثورة لا يمكن أن تناقض مع أبنائها فهم أمل المستقبل لكن ما حدث من إحتجاز للمحافظ (احتجزوا المحافظ فى كشك داخل كلية الهندسة) فله جزء جنائى بنظرة قضائية، وقال إننى مع الأفراج عنهم، لكن هناك معارضة من أنور السادات.. روحوا نادى أعضاء التدريس، وأقنعوه لكن الجزء الجنائى اطلبوا هيكل على التليفون، وقال: «يا هيكل اللى عرضه الأساتذه أنا موافق عليه.. وتم حل القضية بإخراج سياسى جيد».
وفى النهاية، قال: «أنا تقديرًا منى لجامعة الإسكندرية أصدرت قرارًا بتعيين الدكتور صموئيل بقطر عضوًا بمجلس الأمة، ليكون ممثلًا عن الجامعة»، ورد الدكتور صموئيل بكل براءة شكرًا يا سيادة الرئيس، ولكن هل سيحرمنى دورى من المرضى.. ورد الرئيس: لا سنأخذك منهم أقل من خمسين يومًا فى السنة.