بالتأكيد، شهد «عام الرمادة» الذى تولى فيه التنظيم الإرهابى للإخوان حكم مصر، أسوأ فترات العلاقة بين مصر وأشقائها الأفارقة، وبعد تولى الرئيس السيسى المسئولية كرئيس لمصر كان يدرك الحالة السيئة التى آلت إليها العلاقات المصرية، الأفريقية فى عهود السادات ومبارك والجاسوس محمد مرسى، وبالتالى أعطى الرئيس اهتمامًا فوق العادة للأشقاء فى القارة السمراء، تمثل فى العديد من الزيارات التى قام بها الرئيس للعديد من الدول الأفريقية الشقيقة، كما استقبلت القاهرة الكثير من القادة الأفارقة، وشارك شباب أفريقيا فى العديد من منتديات شباب العالم التى عقدت فى مصر، وبدأت الدولة الوطنية فى مصر اهتمامًا غير مسبوق فى العصر الحديث بالقارة السمراء وهمومها ومشاكلها. وخلال السنوات الخمس الماضية، استطاعت مصر السيسى أن تستعيد أمجادها الأفريقية فى الخمسينيات والستينيات أيام الزعيم جمال عبدالناصر، وبعد ثورة ٣٠ يونيو شهدت علاقات مصر الخارجية إنجازًا سياسيًا كبيرًا بشرح حقيقة أن ما حدث فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ هى ثورة الشعب المصرى العظيم الذى أسقط الحكم الفاشى الإرهابى للإخوان، وحرصت مصر على إرساء مبادئ فى السياسة الدولية فى علاقاتها مع العالم، اعتمدت على استقلالية قرارها الوطنى، ووجود علاقات قوية واستراتيجية مع كل دول العالم على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى شئوننا الداخلية. شهدت السنوات الماضية، عودة الريادة المصرية فى علاقاتها الدولية والإقليمية وأيضًا علاقاتها مع أشقائها فى الدول العربية والأفريقية. وقد استطاعت مصر السيسى خلال هذه السنوات أن تبنى جسورًا من الثقة والتعاون والشفافية مع الأشقاء العرب والأفارقة، وهو ما انعكس بصورة كبيرة على مصر سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا وأصبح الرئيس السيسى الأمل بالنسبة لأفريقيا فى التنمية والأمن ومكافحة الإرهاب، وهذه الملفات تحتاج أفريقيا إلى خبرات مصر فى النهوض بالقارة السمراء، وقد أعدت مصر برنامجًا مكثفًا وطموحًا من الأنشطة والفعاليات المتنوعة التى تعود بالنفع على القارة الإفريقية. وقد عملت مصر خلال الفترة الماضية ومن خلال مشاركة الرئيس السيسى فى مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية والإقليمية والأفريقية على التنمية الشاملة داخل الدول الأفريقية كافة، ومع تولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى فإن هذه القضية سوف تكون محور اهتمام القيادة السياسية فى مصر من أجل التنمية والسلم والأمن لقارة الأفريقية. ومن هنا وضعت الدول الأفريقية والمجتمعات الدولية الآمال على هذه الدورة التى تسلمت فيها مصر بقيادة الرئيس السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى فى العاشر من فبراير.. نظرًا لما تتمتع به مصر من رؤى استراتيجية تعزز الاستفادة من ثروات القارة وتذلل أخطر العقبات وفى مقدمتها التحديات الأمنية. بالتأكيد، هناك ملفات عديدة استعدت لها مصر بعد مراسم تسليم رئاسة الاتحاد الأفريقى للرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى ملفات أمنية واقتصادية وسياسية وإنسانية، بالإضافة إلى الإصلاح الهيكلى والمالى والإدارى للاتحاد الأفريقى، فى إطار العلاقات الوطيدة التى تربط مصر بالأشقاء الأفارقة. وفى قمة الاتحاد الأفريقى فى أعمال دورتها الثانية والثلاثين برئاسة الرئيس السيسى تضمن جدول الأعمال ٣ قضايا رئيسية: ١- القضية الأولى: مشكلة النزوح القسرى لملايين السكان الأفارقة بسبب تفاقم مشكلات التصحر والجفاف ويروح ضحيتها الملايين، بالإضافة إلى النزاعات والحروب القبلية، وفى تقرير المنظمة الأفريقية فإن أكثر من ٢٦ مليونًا من الأفارقة تعرضوا لهذه المخاطر.
٢- القضية الثانية: قضايا التنمية والسلم وفى المقدمة مشروع الربط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا فى عمق القارة السمراء والبحر الأبيض المتوسط فى إطار تجمع الكوميسا الاقتصادى، ليصبح نافذة للقارة الأفريقية تطل على البحر المتوسط وتصل أفريقيا بأوروبا. ٣- القضية الثالثة: الارتقاء بعملية الإصلاح المؤسسى والهيكلى للمنظمة الأفريقية. وبالتأكيد فإن اختيار مصر رئيسًا للاتحاد الأفريقى فى ١٠ فبراير ٢٠١٩ هو انتصار كبير للسياسة المصرية، والثقة التى اكتسبها الرئيس السيسى من القادة والزعماء الأفارقة خلال السنوات القليلة الماضية، واستردت مصر مكانتها التاريخية فى القارة الأفريقية.. وبالتأكيد فإن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى تمثل نقلة نوعية فى العلاقات المصرية- الأفريقية، تؤكد حجم الثقة المتبادلة ووحدة المصالح المشتركة، وكذلك عمق الانتماء الأفريقى الذى أصبح جزءًا أصيلًا من هُوية مصر السياسية والثقافية.