أحرص دائمًا على متابعة كل تصريحات وحوارات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى وسائل الإعلام أو لقاءاته فى الندوات التثقيفية أو مؤتمرات الشباب، وأحرص على قراءة ما بين السطور فيما يقوله، وأشعر بأن «السيسى» وهو يتحدث فى القضايا الخارجية والقضايا التى تتعلق بالأمن القومى كأنه يُلي «محاضرة فى أكاديمية ناصر العسكرية عن كيفية حماية مصر من التهديدات التى تتعرض لها» أو أنها أقرب لـ«كتالوج للقرارات الصحيحة لحماية الدولة من المخاطر التى تواجهها»، مثلًا: حينما يتحدث عن الأزمة الليبية يقول: لابد من رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبى وعودة تسليحه، ورفض أى تدخل خارجى فى شئونه الداخلية، وضرورة التصدي للميليشيات المُسلحة، وهذه هى السياسة الخارجية الشريفة ويدعو الرئيس السودانى عمر البشير لمؤتمر مصر والسودان فى الصالة المغطاة بمدينة نصر ويحتفى به ويعلن أننا إخوة ومصيرنا واحد ونشرب من نيل واحد ويُرسخ لتعاون بين الشقيقين فى الربط الكهربى يُعدِل من الموقف الإثيوبى تجاه مصر وتزداد العلاقات ترسيخًا ويصون حصة مصر من مياه النيل ويضمن عدم الإضرار بها ويذهب لإلقاء كلمة هامة أمام البرلمان الإثيوبى ويحثهم على التعاون المُشترك لتحقيق المصلحة المشتركة ويُوطد العلاقات مع رواندا وبوروندى وأوغندا وجنوب السودان لضمان الأمن المائى لمصر حينما وجد تزايُد الصراع فى مضيق باب المندب ولابد لنا أن نضمن عدم تضررنا قام بتأسيس علاقات أوسع وأشمل مع كل من جيبوتى وإريتريا يدعو وزراء من نيجيريا وتشاد ودوّل أفريقية أخرى لحضور منتدى شباب العالم علاقات وطيدة جدًا مع تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا أساسها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتعاون لخدمة الشعوب والتصدى للإرهاب وخدمة القضايا المُلحة مثل قضية اللاجئين والعائدين لبلدانهم من مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية وقضية أخرى تتعلق بالمُشردين داخليًا وهم الذين تزايد عددهم بشكل لافت للنظر خلال السنوات القليلة الماضية.
كل هذا مجهود كبير قام به الرئيس السيسى فى أفريقيا لاسترداد مكانة مصر أفريقيًا، والنتيجة هى: تَسَلم مصر رسميًا رئاسة الاتحاد الأفريقى لمدة عام بعد أن أولت مصر اهتمامًا خاصًا بالقارة السمراء والقضايا الشائكة التى تعانى منها أفريقيا ووضعتها مصر ضمن أولوية أجندة السياسة الخارجية المصرية، وذلك إيمانًا منا بدورنا التاريخى فى دعم القضايا التى تعصف بالقارة السمراء عقب التحرر من الاستعمار الأجنبى، وتأتى رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى للمرة الأولى منذ نشأته عام ٢٠٠٢ تتويجًا لجهود الرئيس السيسى خلال السنوات الخمس الماضية لتعزيز العلاقات مع كل دول القارة الأفريقية سواء على المستوى الثنائى أو المُتعددة الأطراف، والتى نتج عنها تنسيق المواقف الأفريقية المشتركة للتعامل مع التحديات حتى تستطيع الدول الأفريقية تشكيل قوة مؤثرة على الساحة الدولية.
نعلم أن أفريقيا تشهد تزايُدًا فى أعداد النازحين واللاجئين وهناك أيضًا تضخم لظاهرة الإتجار بالبشر، وهذا يستلزم العمل على معالجة هذه التحديات وفقًا لخطة شاملة فى إطار المسئولية الجماعية لكل الدول الأفريقية وهو ما يضمن الأمن والسلم للشعوب الأفريقية.
نعلم أيضًا أن تنمية أفريقيا ضرورة وهى القضية الأهم التى ناقشتها القمة الأفريقية وهى ضمن القضايا المُلحة التى تتطلبها التنمية المُستدامة فى إطار أجندة التنمية الأفريقية ٢٠٦٣ ومن أبرزها: قضية التكامل والاندماج وتطوير البنية التحتية ومشروعات الربط القارى ومتابعة جهود تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية وتعظيم التنسيق مع مؤسسات التمويل الدولية والشركاء الاستراتيجيين للقارة الأفريقية من الدول الكبرى والمنظمات الدولية لجلب التمويل والدعم اللازمين لتحقيق التنمية، مع ضرورة الاهتمام بالمشروعات التكنولوجية والتشجيع على الابتكار مع زيادة الاهتمام بالتعليم والصحة، كل هذا لن يتحقق إلا بعد الجدية فى تسوية النزاعات فى البلدان الأفريقية والتصدى لبؤر الصراع وتعزيز الحلول الدبلوماسية واتخاذ تدابير عملية سريعة لتطبيق مبادرات إسكات البنادق فى جميع دول أفريقيا بحلول عام ٢٠٢٠، مع ضرورة إحياء السياسة الأفريقية لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات التى شهدها عدد من دول القارة الأفريقية، وزيادة الجهود الرامية لمكافحة كل أنشطة الإرهاب والتطرف والعنف.
«أفريقيا يا «سيسى» أهملناها لسنين طويلة ودفعنا الثمن، والآن وبعد عملك الدؤوب طوال خمس سنوات فى ترميم هذه العلاقات تجنى مصر ثمار جهودك، لتقود أفريقيا لمدة عام، نعم تقود أفريقيا وتحقق طموحات لشعوبها فى التنمية والأمن والسلم بالتعاون مع الأشقاء الأفارقة الذين يدركون قيمتك كرئيس لأكبر دولة أفريقية، وكرئيس لدولة تُمثل «رمانة ميزان» القارة الأفريقية والتى تستطيع لم شمل الأشقاء وتكريس جهودهم وتحالفهم لتشكيل جبهة قوية لضمان حياة أفضل ومكانة تستحقها الشعوب الأفريقية.
«أفريقيا يا «سيسى» التى تترأس اتحادها الأفريقى لمدة عام على بركة الله نريد منك قيادة الاتحاد كما عهدناك دائمًا شريفًا فى سياستك، قويًا فى قراراتك، ناجحًا فى رأب الصدع بين الأشقاء، قائدًا للاتحاد الأفريقى الذى يحتاج عقليتك وخبرتك ومجهودك وأمانتك لخدمتهم، زعيمًا شريفًا فى زمن عز فيه الشرف، قادرًا على إيصال مشكلات أبناء القارة السمراء للمنظمات الدولية الكبرى ولكل الدول العظمى ولفت نظرهم بضرورة تحقيق تنمية فى أفريقيا رافعًا شعار «الإنسانية أولًا».