الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المطر يستقبل البابا تواضروس في الإسماعيلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بمحبة وامتنان تلقيت دعوة كريمة من الصديق أحمد العايدى المستشار السياسى لمحافظ الإسماعيلية اللواء حمدى عثمان تلخصت الدعوة فى ضرورة أن أكون ضمن المشاركين فى استقبال قداسة البابا تواضروس فى زيارته المهمة لمطرانية الإسماعيلية الأربعاء الماضي، وكعادتى فى تنفيذ المهمات احتشدت جيدًا للمناسبة، ألغيت مواعيد، وأجلت ما يمكن تأجيله وتفرغت تمامًا مستعدًا لما يمكن أن يكون عليه الحال فى تلك الزيارة المهمة التى فرحت الإسماعيلية بها المسلمون قبل المسيحيين، لم أكن بحاجة لمراجعة أى أوراق عن الوحدة الوطنية والمواطنة، فتلك الأوراق مدموغة فى أرواحنا عبر عشرات السنين.
قبلت الدعوة بسعادة غامرة لأنها المرة الأولى التى ألتقى فيها رأس الكنيسة الأرثوذكسية على أرض مدينتي، لم يخفف من تلك السعادة لقاءات سابقة لى مع مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة بالكاتدرائية بالعباسية، زيارة قداسة البابا تواضروس للإسماعيلية لها مذاق خاص، حيث يستقبله نيافة الأنبا سارافيم مطران الإسماعيلية الذى حضرت معه أزمة المهجرين من العريش ورأيت بعينى وسمعت بأذنى الروح الوطنية وسعة الأفق فى التعامل مع الأزمة، يومها كانت شاحنة محملة بالبطاطين والأدوية مهداة من النائب الوطنى عبدالرحيم على الابن البار للدكتور رفعت السعيد الذى علمنى وإياه معنى المواطنة، كنت منسقًا لتوصيل الأمانة وفرحت بروح الأنبا سارافيم التى تتعالى على الجرح.
الأربعاء الماضى كان من المفترض أن أشهد تلك الرموز قداسة البابا ونيافة الأنبا وهى ترسم طريقًا فى مدينتى لمعانى الحرية والتقدم والتعايش والسلام، السماء تحتفل بالزيارة وترمى علينا زخات من أمطار حنونة فنعتكف تحت أشجار الطريق المؤدى لمكان الزيارة، وهنا مربط الفرس؛ عشرات بل مئات ولن أكون متجاوزًا إن قلت آلاف من المحبين يتحركون فى الشارع تطل من عيونهم الفرحة بسبب زيارة البابا، الأمن فى درجته القصوى مدير الأمن البشوش اللواء محمد على حسين ينتقل من ناصية لأخرى برشاقة، أشفقت على زميلى العميد حمدى عبدالنبى قائد مرور الإسماعيلية والذى زاملنى فى فصل واحد بمدرسة المشير الثانوية فهو المسئول فى هذا اليوم عن حركة السير فى شرايين المدينة، المطر الذى أفسد تسريحة السيدات وأغرق جواكت الرجال يقول لنا الشارع أجمل من البيوت الخرسانية يقول لنا إن الاحتفال الأكبر هنا على الطريق فى الشارع مع الناس وليس داخل مقر المطرانية؛ الفرحة الشعبية هى الجوهر وأن اللقاء الرسمى قد ينتقص من هذه النشوة.
استسلم لنداء المطر الذى يقول لنا الحقيقة، فالخلود للشارع ولقلوب الصادقين من البسطاء اأستسلم وأبتعد عن توتر الحراسة والأمن وبوابات كشف المعادن، أبتعد للخلف مغروسًا فى قلب عيون المشتاقين للفرح الذين لم يحظوا بشرف تصريح الدخول، أبتعد لكى أقرأ جواهر المحبة فى عيون البسطاء الذين جاءوا من كل فج عميق من ريف المدينة ومن المحافظات المجاورة، كلها تنطق بالمجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.
فى الزحام أخترق ببصرى بوابة الدخول ألمح كاذبين منافقين كان من السهل عليهم إطلاق لحاهم مع الإخوان الإرهابيين لو تمكن الإخوان من حكم مصر، ألمحهم وأشكر المصادفة السعيدة التى تقول «آفة حارتنا النسيان» كل هذا لا يهم، فالمهم الآن هو الناس أو كما تقول أدبيات الكنيسة الشعب، فالشعب المسيحى فى الإسماعيلية قد انتشى الأربعاء الماضى فى زيارة دقيقة منضبطة لقداسة البابا.
ولما كان المطر قاسيًا على ما أرتديه أستوقف تاكسى المدينة البرتقالى ليعيدينى إلى بيتي، وكالعادة ينفتح الحوار يحكى لى السائق المسلم عن حريق شب قبل أسابيع فى شقة بالمحطة الجديدة وبينما كان يقف الجميع متفرجين يقتحم الشقة المحترقة شاب مسيحى ليخرج منها حاملًا طفلًا مسلما على كتفيه كان يموت بالداخل، لم يكتف البطل المجهول بذلك بل عاود الدخول للشقة مرة ثانية ليخرج منها بأنبوبة بوتاجاز كادت أن تنفجر صفق له الناس واحترقت ذراعه، عدت إلى بيتى دون مقابلة البابا ولكنى قابلت الناس والشعب والوطن.