رأت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية اليوم السبت، أن قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، مسألة سهلة بالقول وليس بالفعل؛ نظرا لأن تنفيذه يتخلله تعقيدات عديدة.
وذكرت الصحيفة - في تقرير اليوم - أن هذا القرار أثار تدافعًا كبيرا بين القوى الدولية والقوات المحلية لمعرفة كيفية ملء الفراغ الذي سيتركه الأمريكيون وراءهم بعد انسحابهم، الذي من شأنه تعزيز زعزعة الاستقرار بالمنطقة.
وأضافت الصحيفة: "رغم استمرار الجهود الدبلوماسية، أصبح من الواضح عدم وجود ترتيب صريح من شأنه أن يلبي مخاوف المتنافسين وأجندات الأطراف المعنية، وأنه من غير المحتمل أن يظهر أي منها على المدى القريب".
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا وروسيا وحلفاء الولايات المتحدة من الأكراد السوريين والحكومة السورية لديهم مصلحة استراتيجية في أي ترتيب يتشكل مستقبلا حول شمال سوريا، مع ذلك فإن معظم مطالبهم متعارضة تماما، لذلك فهم لا يتحدثون مع بعضهم البعض وهذا من شأنه أن يُضاعف صعوبة الوصول إلى حل.
وتابعت الصحيفة: "تركيا تعتبر المقاتلين الأكراد قوة إرهابية، وتريد إنشاء منطقة عازلة تسيطر عليها قواتها لإبعادهم عن حدودها، فيما يريد الأكراد، وهم يخشون الاضطهاد على أيدي الأتراك، إبعاد حلفاء أنقرة عن منطقة نفوذهم".
ومن جانبها، تريد إدارة ترامب إرضاء كلا الجانبين، والوفاء بوعودها "المتناقضة" لحماية حلفائها الأكراد وإعطاء تركيا حصة في المنطقة، وفقا للصحيفة.
ونقلت (واشنطن بوست) عن آرون ستاين مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية في ولاية فيلادلفيا الأمريكية، قوله: "إن المواقف المختلفة لا يمكن التوفيق بينها، فهي تُشكل قضايا ضخمة يصعب على الولايات المتحدة البت فيها".
ولم يعلن البنتاجون حتى الآن موعدا للانسحاب، لكن مسألة كيف ومتى سيتم ذلك، باتت تكتسب إلحاحا لاسيما في ظل تضاؤل "الخلافة" المزعومة لتنظيم داعش الإرهابي.
ويقول مسئولون أمريكيون إنهم ملتزمون بالتفاوض على اتفاقية تسليم، لكنهم يؤكدون أيضًا أن القوات الأمريكية سوف تنسحب في نهاية المطاف.
واعتبرت الصحيفة أن هذه التصريحات تثير احتمالية الانسحاب من دون اتفاق، وهو الأمر الذي يمكن أن يغرق المنطقة في الفوضى وربما في آتون صراع أكبر مع القوى المتنافسة، فتركيا تهدد بغزو المنطقة إذا لم يتم تلبية مطالبها، فيما نشرت الحكومة السورية قواتها في جنوب البلاد، ويحاول تنظيم "داعش" بالفعل إعادة تنظيم صفوفه في المناطق التي طُرد منها.
ويقول مسئولون عسكريون إن فراغ السلطة أو شن صراع جديد يمكن أن يساعد تنظيم داعش على العودة مرة أخرى.
من ناحية أخرى، تبحث واشنطن أيضا إمكانية الحفاظ على السيطرة الأمريكية الشاملة بدون وجود قوات أمريكية على الأرض، حسبما ذكر مسئولون أمريكيون، وفي ظل هذا السيناريو، ستبقى وحدات صغيرة من القوات البريطانية والفرنسية، التي تعمل بالفعل إلى جانب الأمريكيين، في المنطقة مع قوات سوريا الديمقراطية وربما مع متعاقدين عسكريين أمريكيين ومراقبين دوليين، بينما توفر الولايات المتحدة غطاء جويًا.