انتشر خلال السنوات الأولى من الألفية الثالثة عدد من المعاهد التعليمية الخاصة الوهمية وهى غير المعادلة من وزارة التعليم العالى، ولكنها تجتذب الطلاب من خريجى التعليم العام والفنى بإغراءات إعطاء شهادات عليا، ومنها بكالوريوس الهندسة أو التجارة أو السياحة وغيرها.
وهذه المنشآت التى تطلق على نفسها معاهد، لا تعطى شهادات معتمدة، بينما تثبت الحقيقة والواقع أن هناك العشرات من المعاهد الوهمية تحت غطاء رسمى ومسميات كثيرة فما هى إلا بوتيكات لمنح شهادات وهمية أيضا، بينما تقف الوزارة عاجزة أمامها من سنين طويلة لعدم وجود منظومة تحد من هذه الظاهرة التجارية، التى تهدف لتحقيق أرباح خيالية تحت شعارات كبيرة وهمية أيضا.. وبعض هذه المعاهد ليس إلا مركز تدريب غير معترف به من جانب الدولة!
من ناحية أخرى؛ فإن لعبة المعاهد الوهمية جاءت نتيجة وجود أعداد كبيرة من الطلاب الذين لا يسمح مجموعهم بدخول الجامعات أو حتى المعاهد المتميزة، ولهم وأسرهم طموح دخول أى كلية والسلام، فيكون الطالب أشبه بالغريق الذى يريد أى شيء حتى لو كان وهميا، ويجد ضالته فى اسم معهد «النصب» خاصة من النوعية التى ترفع شعار الأكاديمية أو المعهد، وساعد فى ذلك بعض العاملين بالجامعات على اعتبار أن الطالب لن يجد عملا فى النهاية، ولن تنكشف حقيقة شهادته ويحتاج للجوء لأساليب غير أمينة للاعتراف بها فى الشركة أو المؤسسة أو عمله، واستمرت هذه الظاهرة لسنين دون مواجهة من الدولة!!
الوزارة اكتشفت فى المرحلة الأخيرة وجود إعلانات بالصحف اليومية، وامتدت للجدران والإعلانات المرئية والمسموعة حتى الحوائط وغيرها، عن معاهد متميزة فى التعليم تقبل الطلاب فى أفضل مستويات التعلم، وتعطى أعلى الشهادات، وأنها لا تشترط المجموع أو نوع الشهادة سواء ثانوية عامة أو فنية أو غيرها، وتستخدم مسميات مبهرة للطالب مثل الأكاديمية أو الدولية وغيرها من الكلمات اللافتة للانتباه، والغريب أنها فى أماكن راقية بالقاهرة والجيزة والإسكندرية والشرقية، وهى جميعا لا تتعدى منشأة أو حتى فيلا، وتعلن أنها معهد تعليمى دون تقييم أو الحصول على تراخيص أساسية لمزاولة هذا النشاط، وبهذا الأسلوب استقبلت أعدادا من الطلاب والذين دفعوا مبالغ عالية لها، خاصة الطلاب الحاصلين على درجات أو شهادات لا تسمح لهم بالالتحاق بالكليات التى تقبل بمجموع عال، مما ينتج عنه إضاعة مستقبل هؤلاء الطلاب والنصب عليهم وضياع أموالهم أيضا، وهذا يتطلب من الطالب والوالد أن يتنبه لهذه العمليات من النصب، وأن يلجآ للتقديم بالجامعات والمعاهد المصرية من خلال القناة الشرعية الوحيدة وهى مكتب التنسيق، والذى يتم التعامل معه عن طريق البوابة الإلكترونية لمكتب التنسيق، أو الاتصال بوزارة التعليم العالى للتعرف على حقيقة أى منشأة تعلن عن نشاط تعليمى مشبوه..
إلا أن الواقع يقول بأنه بالرغم أن قطاع التعليم الخاص بالوزارة لديه سلطة الضبطية القضائية بما يمكنه من إغلاق مثل هذه المعاهد التى أغلق خمسة منها أخيرا، إلا أن هذه المعاهد لا تزال تعمل تحت سمع وبصر المسئولين بالتعليم العالي، بعد أن ثبت عدم اعتمادها من الوزارة، وذلك من خلال اللجنة المشكلة من قطاع التعليم الخاص، ومدير عام التفيش بالوزارة والشئون القانونية؛ حيث يدفع الطلاب مبالغ كبيرة فى مقابل الحصول على شهادات ورقية غير معتمدة من الوزارة، وينتهى الحال بأن يصطدم الطالب بالكارثة فى النهاية، حيث اكتشفت آلاف الحالات نتيجة تلاعب هذه الفئة المستغلة لفكرة الشهادة الجامعية دون أن يدرك المواطن البسيط أن هذه المعاهد لا تتعدى فكرة مركز التدريب ذات أسماء براقة، وتعطى شهادة ورقية ولكن غير علمية.
فالجامعات - للأسف أصبحت هى الأخرى تتكالب على التعامل مع المكاتب أو المعاهد الوهمية لتدخل الحلقة المشبوهة؛ فبعض المراكز بالجامعات أصبحت ستارا قانونيا لهذه المعاهد الوهمية، وهذه كلها ألاعيب تهدم المستوى العام التعليمى فى مصر، وأصبحت العملية من كل جانب خارج سيطرة الدولة وتمددت فى أنحاء البلد، وهذا ما جعل الدولة تفكر فى إصدار قانون موحد للتعليم العالى فى مصر يشمل كل الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والمعاهد العليا، بحيث يكون هناك توحيد للنظام التعليمى وحسب خطة الدولة، وإلزام الخاصة والأهلية بأن تكون غير هادفة للربح، وأن تلتزم بوجود ٢٠ ٪ من كوادرها الأساسيين المعينين بها، ووفق شروط إقامتها. وهو الشرط الذى لا تلتزم به معظم الجامعات والمعاهد الخاصة حاليا توفيرا للرواتب.. وللحديث بقية.