«هند»: أسرتى سبب تفوقى ونفسى أتعين معيدة وأتعالج خارج مصر
استطاعت أن تحول إعاقتها، طريقًا للمجد، ولم تمنح لليأس فرصة فى أن يشغلها عن النجاح والتفوق وإسعاد من حولها، حيث لم يقف مرضها، الذى أصابها بين ليلة وضحاها، عائقًا لولادة النجاحات وتحقيق الأماني، وكانت أسرتها لها خير معين فى مشوارها. نجاحات تلو الأخري، حققتها، هند عيد حسان، ٢٤ عامًا، من ذوى الاحتياجات الخاصة، طالبة الدراسات العليا بكلية التربية بجامعة حلوان، وإحدى أوائل دفعتها بقسم الكيمياء، بطلة تنس الطاولة، والريشة الطائرة.
تروى هند «للبوابة» قصتها فى الكفاح والتحدي، على مدى تسعة أعوام، قائلة: «كنت بكامل صحتي، حتى عام ٢٠١٠، إلى أن فقدت القدرة على الحركة فجأة، وتم تشخيص حالتى طبيا، بالتهاب فى النخاع الشوكي، تزامن ذلك مع التحاقى بالصف الأول الثانوي، وكانت تلك صدمتى الأولى فى مستهل حياتي، كدت أترك التعليم واعتزل الحياة بسببها، لكنها أقدار الله، سخر لى من عباده، أسرتى والأطباء والمعلمين وزملائي، فى اجتياز محنتي بل استخدامها للتحدى فى سحق الصعوبات وتحقيق الأمنيات». وتستكمل: «عجزى عن الحركة، جعلنى أفكر فى ترك التعليم، إلا أن طبيبى نصحنى باستكمال الدراسة، جنبًا إلى جنب مع العلاج، وبالفعل اجتازت الصف الأول الثانوي، وكانت أسرتى ساعدى الذى أعمل به، وساقى التى تحملني، كما لم يتركنى زملائى ومعلمينى، فكانوا يحضرون دائمًا لمنزلى لمذاكرة الدروس، مر العام الأول بكم من الصعاب، منها صعوبة العلاج، خاصة أن أزمتي، تزامنت مع أحداث ثورة يناير، فكان من الصعب الخروج الآمن للمستشفيات لتلقى العلاج، ما أدى إلى تأخر حالتى الصحية، إلا أنى أصررت على استكمال تعليمي، واجتياز الثانوية العامة بتقدير تراكمى آنذاك ٩٠٪، والتحقت بكلية التربية جامعة حلوان». مضيفة: «فى البداية إدارة الكلية رفضتني، كونى من ذوى الاحتياجات الخاصة، وبعد سعى كثير وجهد مضني، تم السماح لى من قبل اللجنة الطبية بالقبول، كونى حالة مرضية وليست إعاقة، وحققت نجاحًا جعل زملائى يتقربون إليّ، وزاد ثقة أساتذتى بي، لأنى طلعت الأولى على الدفعة، كما كنت أساعد زملائى دراسيًّا بالمحاضرات التى ألخصها».
لم تقف العقبات التى اعترضت «هند»، عند مشكلات التعليم، بل قابلتها من عائلة والدها أيضًا، رفضًا لتعليمها على اعتبار أنها من ذوى الاحتياجات، ما زاد إصرار والديها، على استكمال مسيرتها خاصة أنها تستطيع التطور للأفضل بموهبتها، واضطروا لنقل مسكنهم من قريتهم «عرب العيايدة» بالصف إلى حلوان حيث مقر جامعتها.
وكلما وجدت «هند» صعوبة لم تتوانَ عن التواصل مع المسئولين بالجامعة، ليذللوا لها الصعاب التى تقف عثرة فى طريق حلمها، فنجحت بالتواصل مع رئيس الجامعة آنذاك، فى جعل المحاضرات فى الطوابق الأرضية بالكلية، بدلا من الطوابق العليا، كما أنشأوا ممرات خاصة للكراسى المتحركة بالجامعة، وتركيب أسانسير، للتسهيل على طلاب ذوى الاحتياجات الخاصة من زملائها، كل أمورهم، فضلًا عن توفير سيارات لهم.
لم يتوقف طموحها عند التفوق دراسيًّا، حيث أجرت اختبارات، فى لعبة «تنس الطاولة»، اجتازتها بنجاح، جعلها تتحمس لاحتراف اللعبة، وبالفعل بدأت تكثيف تدريبها فى الأماكن الرياضية المختصة بذلك، وشاركت فى بطولات حصدت فيها المركز الأول فى بعض الجامعات، كما حصدت المركز الثانى فى بطولة الجمهورية أيضًا، وزادها النجاح ثقة بنفسها، فخاضت رياضة الجرى بالكرسى المتحرك، ودخلت مسابقات فازت فيها بمراكز أولى، ولجمعها بين التفوق الدراسى والرياضي، لقبت بالطالبة المثالية، فى أسبوع شباب الجامعات، وأخيرًا شاركت فى البطولة الأولى لـ«الريشة الطائرة»، التى أعدت خصيصًا لذوى الاحتياجات الخاصة فى الفترة القليلة الماضية، وحصدت المركز الأول.
وقررت مواصلة مسيرة العطاء، امتنانًا لكل الذين ساندوها، فى مشوارها، الذى تعلمت فيه أن العطاء أساس الحياة وسر السعادة، بقولها: «قررت التطوع فى الجمعيات الخيرية لمساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة بجانب دراستي، ودرست تنمية بشرية لأساعد الآخرين، كما ساهمت بمجهودى فى جمعية التأهيل للمعاقين بحلوان، وجمعية بداية الخير، وغيرها من المؤسسات الخيرية والمؤتمرات التى تخدم المحتاجين خاصة من ذوى الإعاقة». متابعة: «كما أشغل الآن رئيس برلمان الشباب، وأسعى للتواصل مع المسئولين ونواب الشعب، لعرض مشكلات ذوى الاحتياجات الخاصة وحلها، ولى أمنيتان، أولاهما أن أتعين معيدة بالجامعة، وأسافر لتلقى العلاج وإجراء العملية، لأقف وأتحرك من دون كرسى متحرك، وأعود إلى حياتى الطبيعية».