الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أخلاق الدستور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عاهدت نفسي - وأظن أن كل المثقفين في الشعب المصري أجمعوا على هذا أيضاّ - بأن يكون تفعيل مواد الدستور على عاتقنا، حتى لا تكون هذه المواد حبرا على ورق، ولأن مصر بلد العجائب فقد فوجئت - كما فوجئ الكثيرون - بقيام سيادة رئيس مجلس الوزراء بمخالفة المادة 68 من الدستور الجديد، والتي نصفها كالآتي: "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكلفه الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية"، فما يذيعه علينا الإعلامي الكبير الدكتور عبد الرحيم علي معلومات موثقة ونشكره على كشف المتورطين في خيانة الوطن، أما تصريحات رئيس مجلس الوزراء من أن إذاعة هذه المعلومات والتسجيلات الموثقة تنافي الأخلاق، ولا يجب الكشف عنها، فكلنا نظن أن أخلاقه الدستور، بل ويجب على الشعب أن يحاسب كل مسؤول عن خرقه للدستور.
ومن العجب أيضا أن أحد مرشحي الرئاسة - في الزمن القريب - قد أفتى بأن هذه الإذاعة غير قانونية لأن التسجيلات إما أن تكون بأمر النيابة أو الجهات السيادية، متناسيا حق الشعب في المعرفة، وأعجب من العجب ألاّ يذكر أولئك الرافضون حق الشعب في المعرفة والاطلاع على من خانوا الدولة وخانوا الشعب، بل انصبّ كلامهم على: هل هذه التسجيلات قانونية؟، وهل هي أخلاقية؟، وكأنها مكالمات شخصية بين أفراد عائلة واحدة، أو بين خطيب وخطيبته أو زوجة وزوجها، وكأن الدخول إلى مبنى جهاز أمن الدولة وسرقة الوثائق "والهارد ديسك" أمر شخصي، وهل التأكد من كل شخص يحتفظ للآخر بما يدينه من الأمور الشخصية.
الواقع أن هذه التسريبات وسام على صدر الإعلامي الكبير الدكتور عبد الرحيم علي، وقد قطعت هذه التسريبات على هؤلاء الشباب الخونة - والثوريين المزيفين - الطريق على الترشح في الانتخابات المقبلة، وحتى على الاحترام لهم ولمواقفهم، وهذه التسريبات تعتبر بلاغا على الهواء إلى النائب العام، ورئاسة مجلس الوزراء وجميع الوزراء في ورطة شديدة إذا لم يعلن أن النيابة العامة قد اتخذت الإجراءات اللازمة لتقديم هؤلاء إلى محكمة أمن الدولة العليا، وأظن أن عادة اللوم على من يفضح الجاني هي عادة مصرية أصيلة، فإذا حدثت واقعة نشل في الأوتوبيس فكل الناس تنحي باللائمة على من جرى نشله، ويقدمون الأدلة والحجج على أنه هو المخطئ، فهذا يقول: "حد يركب الأوتوبيس ومعاه الماهية كلها، كان حقّه ياخد تاكسي"، وآخر يقول: "كان حقه يحطّ الماهية في طيات ملابسه"، ولكن لا أحد يقول كلمة واحدة عن أخلاق النشال، وكأن النشال من حقه أن ينشل ومن حقنا جميعا أن نلوم الضحية لا الجاني، فسر على بركة الله يا دكتور عبد الرحيم، ونشكر لك وطنيتك، فإحدى شروط الوطنية هي أن تكشف الخونة إذا استطعت هذا، وأجلى معاني الإيمان هي شهادة الحق.