الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف تدعم قطر الإخوان بفرنسا؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك فئتان من الإخوان فى فرنسا، ينتمى للمجموعة الأولى كل أعضاء مختلف فروع الجماعة فى الشرق الأوسط، التى وجدت فى الخمس سنوات الأخيرة فى مختلف البلدان الأوروبية ويمثلون ما يسمى الرواد، وقد حافظت هذه الفئة على صلات وثيقة بالجماعة الأم فى بلد المنشأ، ويقومون الآن بأدوار رفيعة المستوى مثل جمع الأموال، وتنظيم الفعاليات، والضغط على الحكومات لأهداف تخص التنظيم.
الفئة الأخرى من الإخوان فى فرنسا يمكن اعتبارها حلقة الوصل بين الإخوان المسلمين الخلص وفروعه الأوروبية، ويمثلها عدد من المنظمات التى تعمل ضد حكومة مصر، ومنها مؤسسة قصة رابعة، الائتلاف العالمى للمصريين بالخارج، وغيرها.
الإخوان المسلمون فى فرنسا ليسوا حركة تراتبية رسمية أحادية البنية، بل هم نسيج معقد من المؤسسات والجماعات والأفراد المنتسبين بعلاقات غير رسمية، تربطه أيديولوجية مشتركة، وتمنح هذه المرونة اللامركزية الجماعة القدرة على المرونة والتكيف والتماسك والتعافى، كما تزيد من صعوبة إضعافهم، لأن طبيعة ومكونات النظام غير واضحة.
الدوحة تولى اهتمامًا كبيرًا للجالية المسلمة بفرنسا وجماعة الإخوان، التى تعتبرها بوابة الدخول لبسط سيطرتها، وخلال السنوات الأخيرة نلاحظ هجومًا شرسًا من طرف قطر على استقطاب مسلمى الضواحى الفرنسية من خلال «صندوق الضواحي» الذى أعلن عنه سنة ٢٠١٢، ورصدت له مبالغ مهمة «لفك العزلة» عن شباب الضواحى الفرنسية، وهى التى أثارت جدلًا واسعًا وسط النخبة الفرنسية حول دواعى وحيثيات الكرم القطري، لكن بالنسبة للعارفين بأهدافها فهو السعى للهيمنة المباشرة على مسلمى فرنسا، وتوجيههم لخدمة الإمارة القطرية.
فى أكتوبر ٢٠٠٨ وبتمويل من قطر احتضن المجلس الوطنى الفرنسى اليوم الدراسى لتعليم اللغة العربية، والتعريف بالثقافة العربية، ولإعطاء الصبغة الرسمية للحدث تم استدعاء وزير التعليم كزافيير داركوس.
كما فى مستهل سنة ٢٠٠٩ أنشأت قطر (الاتحاد من أجل المتوسط) لتأطير مسلمى فرنسا عبر إنشاء تجمع للمنظمات الإسلامية على شاكلة لوكريف (اتحاد المنظمات اليهودية الفرنسية). ولتحقيق ذلك تم الاستعانة بخدمات امرأة شابة تدعى مليكة بنلعربي، وهى مستشارة بديوان وزير الداخلية بريس اورتفو، وتربطها علاقة قوية بسفير قطر بباريس.
استقطبت قطر مسئولى اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية المعروفة اختصارًا بـ«لواف»، التابع للإخوان، والذى أعلن استقلاله عن الجماعة، وتعتبره وزارة الداخلية الفرنسية الحلقة الرئيسية للمجلس الفرنسى للديانة الإسلامية.
حتى مسجد باريس المقرب من الجزائر، لم يسلم من هيمنة السخاء القطرى حيث تسلم ٢ مليون أورو سنة ٢٠٠٩ من المؤسسة الخيرية القطرية. هوس قطر لا يشمل فقط الاستثمار فى بناء المساجد بل يمتد ليشمل المواطن والإنسان، ومنذ سنوات عمل رجال قطر على استقطاب النخب الكاريزمية الأوروبية الإسلامية، وعلى رأس هؤلاء طارق رمضان الذى شارك باستمرار فى تجمعات لواف (اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية) قبل سقوطه فى قضية تحرش.
طارق رمضان ليس الجامعى الوحيد الذى خدم المشروع القطري، حيث نجد كذلك ماتيو كيدار، الوافد الجديد على الساحة الإعلامية من خلال كتابه الأخير، الذى يكيل فيه المديح للتيار الإسلامي، ويقول فيه: «الذين كانوا يتوهمون بنهاية الإسلاموية، وهم يفكرون فى إيران فقد أخطأوا، لأن الإسلاموية تنبعث فى كل أزمات الحكم التى تعرفها الدول الإسلامية، وذلك منذ ١٤ قرنًا».
هناك فى باريس مؤسسات مدعومة من قطر، على رأسها معهد العالم العربي، كذلك جمعية الطلبة المسلمين فى فرنسا، التى تنظم عدة نشاطات ثقافية عبر المدن الفرنسية، وتختم نشاطاتها السنوية بملتقى دولى فى شهر ديسمبر، وتخصصه لدراسة التراث الفكرى لمؤسسها الدكتور محمد حميد الله (١٩٠٨-٢٠٠٢).
وتنشط أكثر الحركات الشبانية فى الغرب الفرنسي، خاصة فى مدينتى بوردو ونانت مع الأستاذ طارق أوبرو، وفى الشمال مع حسن إقيوسن، وفى الشرق بمدينة ليون مع جمعية التوحيد.
أما اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، فهو ينظم أكبر ملتقى فى أوروبا، وهو فى الأغلب ليس محطة تنظيمية بقدر ما هو محطة لدعم الإخوان فى نفس البلد التى يقام بها المؤتمر.
الإخوان تعمل فى أوروبا باسم اتحاد المنظمات الإسلامية، أو باسم الرابطة، وفى سويسرا يعملون باسم رابطة مسلمى سويسرا، التى نظمت هذا الملتقى.
يشرف على الملتقى الليبى عماد البنانى، وهو دينامو جماعة الإخوان الآن فى أوروبا، وهو فى الحقيقة المحرك الرئيسى لكل أعمال الجماعة فى القارة العجوز.
يساعد البنانى التونسى محمد كرموز، والجزائرى سلطان بوذرة، وكلاهما تم تعيينهما عقب إقالة رئيس اتحاد المنظمات عبدالله بن منصور، والعراقى عضو مكتب الإرشاد العالمى للجماعة، جابر بن أحمد الراوى، الذى انتقل الآن إلى مكتب الجماعة بلندن.