عندما يأتى توقيت افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب من كل عام نشهد
إقبالا كبيرا من الجمهور إلى أرض المعرض.. أسترجع المقولة الخاطئة لأحد القادة
الإسرائيليين فى حرب أكتوبر وهو موشى ديان حينما قال وقتها ردا على نشر خطط
إسرائيل وأنواع أسلحتهم بالصحف من أن العرب سوف يكشفون الأمر ومن ثم يتخذون الحذر،
فقال لهم إنه لا يخاف من هذا؛ لأن «العرب قوم لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفقهون وإذا
فقهوا لا يعملون»!، ولكن السنوات الماضية حتى الآن تثبت فشل هذه المقولة بسبب كثرة
أعداد الإصدارات الثقافية والعلمية الجديدة فى مصر والدراسات العلمية والتراجم إلى
اللغات الأجنبية المختلفة.
وبلا شك أن احتفالية المثقفين كل عام بالحدث الهام الذى ينتظره
العشاق من كل فج عميق وهو بالفعل موسم القراءة الأول خاصة فى ذكرى مرور خمسين عاما
على إقامته فقد بدأ نشاطه الأول فى عام ١٩٦٩، عقب النكسة بعامين من أجل استنهاض
العقول وقتل الإحباط وتنوير العقول وتعظيم دور الثقافة والمثقفين وهو أقدم المعارض
فى العالم العربى بلا شك.
وينتظر المثقفون ومحبو الكتب والمتخصصون معرض القاهرة الدولى للكتاب
للاقتناء والتعرف على الكتب الصادرة حديثا، فيما يطلق عليه «سوق الكتب» الذى يبحث
عن زبائنه من المثقفين وغير المثقفين!
كما أن معرض الكتاب يمثل ركنا أصيلا من أركان الثقافة المصرية خاصة
أنه يقام هذه المرة فى أرض المعارض الجديدة بكل إمكانياته المتقدمة فى وسائل العرض
والتكنولوجيا، كما احتفل المعرض فى ذكراه الخمسين بواحد من رموز الثقافة فى عصرها
الذهبى وهو د. ثروت عكاشة أحد صناع الثقافة فى مصر!
وكان منذ بدايته مزارا للقادمين من الدول العربية الشقيقة، لكى
يتعرفوا على أحدث الإصدارات الثقافية وفى كافة المجالات حيث كانت ولا تزال مصر
منارة الثقافة وقبلتها فى العالم العربى وقد كانت عاصمة العراق بغداد كذلك قبل أن
يدمرها الاحتلال الأمريكى لها.
لأن القراءة عظيمة وأكدها القرآن الكريم فى أول آيه نزلت فيه فى سورة
اقرأ كان لا بد من اهتمام الدولة بالقراءة وموسم الثقافة الكبير الذى ينتظره
الجميع كل عام حيث إن القراءة تحفظ الوقت من ضياعه فى الانشغال بما ليس به فائدة
وتُنير الفكر وتُنمى العقل وتُضيف القدرة على حل المشكلات ولكن ما يواجه إشكالية
المعرض والقراء كل عام هو ارتفاع أسعار الكتب نتيجة انخفاض أسعار وقيمة الجنيه
أمام الدولار ومن ثم ينعكس هذا على أسعار الكتب التى ارتفعت بشكل كبير، الأمر الذى
يجعل عملية الإقبال على الندوات الثقافية والمعارض كبيرا، ولكن الشراء للكتب ربما
يكون ضعيفا إلى حد كبير وهى أزمة لا بد أن تتحد الدولة مع التجار والناشرين فى
حلها.! وبخاصة فى ظِـل الظروف الاقتصادية العالمية بشكل عام وربما كان ترتيب
الأولويات. فبعضهم لا يعتبِـر القراءة ضرورة، بل يعتبرها نوْعا من الكماليات أو
الرفاهية. فهناك أشياء أولى كاللِّـباس والأكل والتعليم والسيارة، وهكذا تتراجع
أهمية شراء الكتاب فى معارض الكتب بوجه عام وليس معرض القاهرة فقط. الأمر الآخر
لماذا لا تعود الدولة إلى إحياء مشروع مكتبة الأسرة مرة أخرى وكذلك مشروع القراءة
للجميع؟ حيث توافرت الإصدارات بأسعار زهيدة للغاية وأصبح بعدها الكتب فى متناول
الجميع وأتمنى أن تعيد الدولة ووزارة الثقافة اهتمامها بهذا الأمر مجددا إنقاذا
للقراء والجمهور المتعطش للقراءة والذى يجعل شراء الأطعمة والغذاء الجسدى مقدما
على شراء الكتب!
ولا بد من عدم منع توزيع كتب بعينها بالمعرض وإتاحة الأمر للجميع
وعدم مصادرة حق الأفراد فى القراءة واختيار ما يناسبهم من المؤلفين والكتب والأفكار!
فهناك مفكرون ينتهى فكرهم بمجرد موتهم! بسبب عدم زواجهم أو تواجد أبناء لهم، ومن
ثم تنقطع طباعة كتبه وينقطع نشر فكره، لأنه ليس له ورثة يبحثون إعادة النشر، وقابل
نفس هذه المشكلة المفكر زكى نجيب محمود، ولويس عوض، ومحمود عوض، والسندباد حسين
فوزى!!
القراءة لها فوائد عديدة لا نهملها على الإطلاق ولا ننسى مقولة «القارئ لا يهزم»!