عندما يأتى رئيس دولة فرنسا فى أول زيارة له فى مصر إلى أقصى الجنوب فى منطقة حدودية على الحدود مع دولة السودان فى منطقة مكشوفة، ويتجول بها فهذا أكبر دليل على الوضع الأمنى فى مصر وهى رسالة للعالم كله أن مصر بلد آمن.
وزيارة ماكرون لمعبد العظيم رمسيس الثانى «أبوسمبل» لها دلالات خاصة جدًا، فتوقيت الزيارة هو توقيت الذكرى الخمسين لإنقاذ معبد أبوسمبل الذى شاركت فيه فرنسا وساهمت فى إنقاذ المعبد فكان مشروع إنقاذ معبد أبوسمبل معجزة بشرية فى العصر الحديث لم يشهدها العالم من قبل وحتى تلك اللحظة التى نحن بها الآن يظل العالم منبهرًا بكيف استطعنا إنقاذ معبد أبوسمبل ونقله فى مكان آمن من أن تبتلعه مياه بحيرة ناصر، وقد شاركت فى إنقاذه 51 دولة من دول العالم بعدما أطلقت منظمة اليونسكو فى الثامن من مارس 1960 دعوة لإنقاذ المعبد الذى يمثل إعجازًا معماريًا إنسانيًا «وهنا أحب أن أذكر رجلًا عظيمًا مصريًا وطنيًا كان له الدور الرئيسى فى إنقاذ معبد أبوسمبل وأيضًا معبد فيلة هو «ثروت عكاشة»، وزير الثقافة الأسبق، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، وكان نائب اللجنة الدولية لإنقاذ مدينة البندقية».
وقد بلغت تكلفة نقل المعبد 36 مليون دولار، وتم نقله من خلال تقطيعه إلى كتل كبيرة تصل إلى 30 طنًا، وتم تفكيكها وتركيبها فى الموقع الجديد، وليست معجزة عملية الإنقاذ فى التقطيع والتركيب ولكن فى الحفاظ على الزوايا الهندسية للمعبد وظاهرة تعامد الشمس فكانت عملية نقل المعبد من أصعب عمليات نقل المبانى على مر التاريخ، فقد تمت عملية النقل فى البدأ بإقامة سد عازل بين مياه النيل وبين المعبد لحمايته من الغمر فى المياه ثم تمت تغطية المعبد بالرمال قبل قطع الصخور ثم التقطيع والنقل والتركيب بداية من قدس الأقداس وحتى البوابة الخارجية، وتم بناء قباب خرسانية تحت الصخور وفوق المعبد لتخفيف حمل الصخر على المعبد.
فحينما يأتى رئيس فرنسا فى أول زيارة له فى مصر، ويقوم بزيارة معبد أبوسمبل فى أقصى جنوب مصر فى توقيت الاحتفال الذكرى الخمسين لإنقاذ المعبد، فهذا دليل على استيعاب ماكرون لأهمية المعبد وصاحب المعبد العظيم رمسيس الثانى، وهذا أيضًا يدل على مدى اهتمامه بعلم المصريات، وقد رأينا ذلك أثناء المؤتمر الصحفى الذى انعقد مع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قصر الاتحادية عندما قال: إننا نرغب فى المزيد من التعاون فى علم المصريات ورأينا كيف ينظر بانبهار شديد واحترام إلى آثارنا، فهذا يدل على معرفته بقيمة الحضارة المصرية، ولا نستطيع أن نتغافل عن دور فرنسا فى معرفة تاريخنا وحضارتنا بداية من نابليون بونابرت الذى جلب معه فى حملته 178 عالمًا، وهم من وضعوا أسس علم المصريات الحديث منذ اكتشافهم رموز حجر رشيد عام 1799 وإصدار كتاب وصف مصر، وقاموا ببناء المتحف المصرى للحفاظ على الآثار، وما زال الاهتمام بحضارتنا وتاريخنا من قبل فرنسا حتى الآن فستجد علم المصريات يتم تدريسه فى أهم جامعات فرنسا.
وهنا علينا العمل على تكثيف الجهود التسويقية والاستفادة فى العملية التسويقية بزيارة ماكرون للمعالم الأثرية فى مصر، وأيضًا زيارة ملك بلجيكا وزيارة سيدة أمريكا الأولى للأهرامات، فلدينا الآن فرصة تسويقية عظيمة للتسويق للسياحة الثقافية فى مصر، وهى النمط السياحى الأهم لنا من أى نوع سياحة آخر لدينا ولكن علينا العمل على دراسة عادات وثقافات الدول المستهدفة فى العملية التسويقية للسياحة الثقافة لمعرفة لغة الخطاب التسويقى والإعلامى الموجهة لكل دولة على حدة، كما أن علينا تكثيف التعاون البحثى فى علم المصريات مع فرنسا.