الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أربع أميرات يحكين الحكايات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حدث أننى فى يوم الجمعة، ذى البهجة واللمعة، كانت لى ورشة حكى مع الأحباب فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، حيث كان الأطفال، من مختلف الأعمار، سيجتمعون فى منتصف النهار، فأخذت أرتب، أقرأ وأكتب، وأعد الحكايات. وأفرش الأرض بالخداديات، ليجلس الأولاد وتجلس البنات. حتى حان الحين وزاد الدوى والطنين وكان الهرج والمرج بسبب من أتى ومن خرج، وفجأة انشقت الجموع عن أربع أميرات من مختلف الربوع، الأولى اسمها مريم الباز، ولها فى اسمها مجاز وخلفها أميرة صغيرة نميرة، هى سمو شهريار المشهورة فى عموم الديار، أما الأميرة حنين فأتت من المنصورة حيث تقيم وأختها الصغيرة الأميرة آيتن التى أعرفها منذ سنين. جلسن فى دائرة بالمحبة عامرة، تحكين وتضحكن، تغنين وتقرأن وحولهن الجمهور الذى ملأ الجلسة بالنور وعرف أن حياة القصور ليست ضحكا وحبورا. ولا فضة ولا ذهبا، إنما سلوك وعلم وأدب، وكل بنت تراها هى أميرة كسواها، لكنهن مختفيات فى ضجيج الحياة تركبن العربات وترتدين الجينز والكابات ولا يخرجن بحقيقتهن كأميرات إلا حينما تستدعيهن الحكايات، وتوتة توتة ينتهى الحكى وتبدأ الحدوتة بصدق يليق بما قدمنه من فرح، أكتب اليوم لأحتفى بهؤلاء البنات الموهوبات فى الحكى بعد أن شاركننى الورشة التى قدمتها للأطفال الجمعة الماضى بعنوان العصفور الأزرق، والتى آثرت فيها أن أقوم بنقلة نوعية فى طريقة التقديم من حكى مجرد تقليدى إلى مشاركة فعالة وإيجابية وتفاعلية تتلاءم مع أطفال تغيرت الحياة من حولهم بسرعة، فواكبوها وغيرت لغتها فتعلموها وأرادت أن تسبقهم فسبقوها، هكذا سارت الأمور، قمن البنات بالقراءة التى تقمصن فيها شخصيات القصص وحوارها الدرامى بترتيب لا يخلو من الدقة والبراءة والعذوبة فجاءت القصص كأنها تمثيلية على مسرح صغير مشترك، حدوده هى الدائرة التى نجلس فيها وخارجها جمهور مشجع وقليل العدد من الأمهات اللواتى قمن بدورهن الطبيعى فى الانبهار والتشجيع والمشاركة فى تظاهرة حب أكثر مما هى تظاهرة قراءة وتمثيل، كان ينبغى أن أتحدث عن أشياء أغضبتنى فى المكان لكنى لن أفعل، لأنه فى حضرة الجمال لا ينبغى أن ألتفت إلى أى شىء آخر، حتى وإن كان موجعا، فأنا مشاءة ماهرة فى طرق لم تكن سهلة أبدا فى الحياة، البنات قرأن حكاية الطاووس المتكبر وحكاية العصفور الأزرق، وانتقلن بعدها إلى مناقشة أهم ما جاء فى الحكايتين من قيم أخلاقية ومعان سامية ووضعن أيديهن بسهولة على مفاهيم نسمعها كثيرا، مثل التنمر الذى قدمته سمو شهريار الطفلة الجميلة الرائعة بالصف الثانى الابتدائى التى استخدمت المصطلح فى مكانه تماما، لأنها تعرف أن الاستهزاء تنمر والسخرية تنمر والاعتداء اللفظى تنمر والترهيب تنمر والتقليل من الشأن تنمر والاعتداء البدنى تنمر، أما مريم الباز فقدمت نماذج من التسامح وقبول الآخر فى القصتين حينما ساعدت الطيور والحيوانات الطاووس رغم إيذائه لهم. قالت مريم أن التسامح هو احترام الأفراد واحترام آرائهم فيما يعبرون عنه واحترام طريقة سلوكهم، سواء أتفق معها أو أختلف وعليهم أيضا أن يفعلوا معنا نفس الشىء فى المدرسة والشارع والنادي. التسامح يحترم الاختلاف. فليست القرود مثل العصافير ولا الضفادع مثل الفراشات، وكذلك البشر جميعا وتداخلت حنين جمال معها فى التفريق بين التسامح والمسامحة التى هى العفو بعد أن يعتذر الطرف المخطئ، كل هذه الأمور الرائعة إنما تنم عن وعى كبير وذهن وقاد لجيل لو أطلقنا له العنان وأحسنا إعداده سيغير المجتمع إلى الأفضل، إننى فخورة بالوقت الذى قضيته معهن وكنت فيه مجرد موزعة أدوار وموجهة ومرشدة، لم أتدخل سوى فى تبسيط المفاهيم، فخورة باكتشاف مواهب تحكى وتحلل وتقدم رؤية نقدية وأعمارهن تتراوح بين الثامنة والحادية عشرة فخورة بالقليل من ماء الحكايات الذى رويت به مخيلتهم فأزهرت كل هذه الورود التى تزين جيد الحياة.