واقعتان تداولهما رواد مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الأيام السابقة تعكس مأساة الوعي لدينا كشعب؛ فلا هذا ولا تلك أدركا النتائج المترتبة على فعلهما؛ الأم ككل الأمهات في قريتي ممن استبدلن "عصفورة الباب الخشبي" بكالون 7 سكات؛ تأمينا على ما تبقى من فتات الحياة.. فحصيلة عمر كامل 120 جنيها وضعتهم الأم كتأمين لغذاء الغد؛ ظنت أن الأمر ليس بالخطورة كما ظننت أنا حينما أغلق ابني الشقة والمفتاح بالداخل وقفزت من على سطح الجيران إلى شباكنا الذي كان مفتوحا بالصدفة لأحل المشكلة، السلالم الخشبية لها فائدتها في ذلك إذا كانت النقدية لا تكفي لإحضار نجار وتغيير الكالون؛ اليوم الذي قضته الأسرة تحت وطأة "التجريس" لن تمحو آثاره السنين؛ معالجة خاطئة لفعل لا ينكر أحد خطأه؛ لكن حتى الله لا يعاقب على الفعل بجهالة؛ وأتذكر في هذا الموضع الأعرابي الذي "بال" في المسجد فنهره الصحابة لكن النبي منعهم وقربه إليه وربت على كتفه وعلمه؛ إذا نحن نفتقد لسبل التوعية؛ نفتقد للحكمة؛ نتصرف في لحظة ما كأسوياء مع أن الخلل يعبث بداخلنا، وربما كنا نفعل نفس الفعلة في الخفاء؛ هذه الأم وذلك الرجل الذي كان ينادي على ضياع أوراق إجابات طلبة الإعدادية ضحايا ولا يمكن بأي حال من الأحوال وصفهم بمتهمين؛ فساءني وساء كل عاقل وصف تلك الأم البسيطة بالأم المتهمة في كل عناوين الأخبار؛ حولناها من أم مهمومة بتوفير لقمة عيش لأولادها لأم متهمة.. أصبنا الطفل بذعر أكبر من الذي شعر به وهو يقفز من الشباك للبلكونة.. صرخات الأم أكبر دليل على أنها فقدت اتزانها في لحظة وحين أدركت الخطورة صرخت؛ ليست المرة الأولى التي ينسى فيها الولد المفتاح؛ لكن المرة الأولى التي توافر فيها مصور للواقعة؛ ليست المرة التي تضيع فيها الإجابات؛ لكنها ضائعة منذ سنوات؛ نبحث عنها فلا نجدها؛ يطل علينا من هذا الشباك ألف سؤال عن الفقر والعوز دون إجابة؛ صدى ميكروفون المنادي على ضياع الإجابات يصدح يوميا دون إدراكنا أنه بات ملحا الآن أن نجد إجابة لكل الأسئلة التي نتجاهلها تارة ولا نعير لها اهتماما تارة؛ نحتاج إعادة ترتيب الجمل؛ نحتاج خلق وعي جماعي؛ نحتاج أن نعيد الحياة لضمير الوطن؛ وأخيرا الآفة الكبرى التي بعدما كانت طوق نجاة باتت ثقب في السفينة يتسع ويعرض الوطن للغرق؛ الإعلام ذلك الذي بات على عروشه هواة لا يعقلون ويحرفون الكلم عن مواضعه.. يتناولون خبر عن فستان عاري بنفس منطق التعامل مع مأساة؛ يشعلون النار بجهالة ثم يطفئونها بعدما تكون قد أشعلت ما تبقى من انتماء، هؤلاء أنفسهم يحتاجون إعادة تأهيل.. يحتاجون أن يعوا أن مادة السوشيال تحتاج إلى تحري وتدقيق ومعالجة وزوايا مختلفة للعرض.. يحتاجون إعمال العقل لا النقل؛ المؤسف أنه بعد كل هذه الضجة لم نجد المفتاح ولا أوراق الإجابة!.
آراء حرة
حواديت عيال كبرت "58".. سيدة الـ10 جنيهات وضياع أوراق الإعدادية
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق