"الجيران هيأكلونا".. صرخة أطلقها الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، من بيروت.. انطلقت من أعماقه تحمل غضبا رافضا المساس بالجامعة العربية، أو حلها أو فكها.. كلمة أوجزت حال العرب الذي يعاني التشرذم والتفكك والانهيار.. كانت بمثابة ناقوس الخطر.. النداء الأخير للعرب أن يستفيقوا ويعودوا إلى رشدهم.. ليعلموا أن الاتحاد قوة وأن الجامعة العربية لا يجب أن تكون مجرد واجهة للديكور وإنما يجب أن تبقى "جامعة للعرب" مهما كانت العقبات.
لم تكن تلك الكلمة مجرد ردا على "تهكم" زميل صحفي على أداء الجامعة العربية خلال المؤتمر الختامي للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي عقدت في بيروت الأحد الماضي، بقدر ما كانت رسالة للجميع، لتؤكد أهمية الإبقاء على ذلك "البيت العربي الأصيل "الذي استمر يدافع عن الأشقاء ويصون حقوقهم على مدى أكثر من سبعين عاما، وضرورة تعزيز دورها الذي قد لا يراه البعض في مواجهة التدخلات الخارجية سواء التركية أو الإيرانية التي وصلت إلى ذروتها في تلك الآونة وأصبحت تعاني منها غالبية الدول العربية، ليؤكد أن تلك الأطماع الخارجية سوف تزداد طالما بقيت الدول العربية ضعيفة.
كان رد أبو الغيط موجزا.. لكنه حمل الكثير من المعاني التي تحمل قلقه على الوطن العربي.
نعم تعاني الجامعة العربية، حالة من الضعف والهزال.. ولكن هذه الحالة تأتي انعكاسا للحال العربي، فما الجامعة العربية إلا مرآة لإرادة الدول الأعضاء فيها.
وبالرغم من كل الاضطرابات والصراعات التي تشهدها الدول العربية، والتي حالت دون حضور غالبية القادة العرب لأعمال قمة بيروت الأخيرة، كان مجرد انعقاد القمة في حد ذاته "تحدي كبير "حيث خرجت النداءات والمطالبات بتأجيلها لعدم جدواها سواء من داخل لبنان أو خارجه، ولكن على الجانب الآخر كان هناك إصرار داخل أروقة الجامعة العربية على ضرورة عقد القمة بمن يحضر عسى أن يساهم ما يتمخض عنها من قرارات اقتصادية في إذابة جليد الخلافات السياسية.
وعقدت الكثير من الجلسات والاجتماعات داخل أروقة الجامعة العربية وخارجها وكذلك الاتصالات على كل المستويات والتي نادرا ما يتم الإفصاح عنها في محاولات صادقة للعبور بالوطن العربي إلى بر الأمان وتجاوز تلك الرياح العاتية التي تعصف بدولنا.
وخرجت القمة بالعديد من القرارات والتصورات التي من شأنها أن تدعم المواطن العربي البسيط الذي كان محور اهتمام القمة.. ويبقى السؤال.. هل ينجح العرب في تنفيذ تلك القرارات على أرض الواقع.. ننتظر قمة نواكشوط 2023.