لا أحد يستطيع أن ينكر علاقة المنصورة بالثقافة والفن، لا أحد يستطيع أن يغفل قائمة طويلة من من الأسماء التى أثرت العقل المصرى والعربى بل والعالمى، ولعلى لا أكون متباهية بذكرى لأسماء علامات من أبنائها من الكتاب والفنانين والإذاعيين والمفكرين والأبطال مثل أم كلثوم،أحمد لطفى السيد، فاتن حمامة، النقشبندي، نصرالدين طوبار، جادالحق على جادالحق، يحيى الفخراني، عبداللطيف البغدادي، نعمان عاشور، محمد حسنين هيكل، أحمد لطفى السيد، سيد حجاب، شوقى حجاب، سعدالدين وهبة، حسين الشربيني، دكتور عبدالعظيم الشناوى مسعد أبوليلة صفاء حجازى، سامية الأتربى، أنيس منصور، على محمود طه، كامل الشناوى، عادل إمام، محمد فتحى -كروان الإذاعة-، صفاء أبوالسعود، يونس شلبي، صلاح السقا، فؤاد سراج الدين، عبدالغفار شكر وعبدالغفار عودة وغيرهم مما لا تسعفنى الذاكرة بأسمائهم. ولا أحد يستطيع إنكار ريادتها الطبية باسم العالم الجليل والرائد الدكتور محمد غنيم وحلمه الذى صار صرحا كبيرا وهرما يحمل اسمه يزرع فيه الأمل لمرضى الفشل الكلوى لتزهر حياتهم من جديد. لا أحد يستطيع المرور فى شارع بورسعيد دون أن يلتفت إلى دار ابن لقمان حتى وإن لم يكن يعرف أحداث الحملة الصليبية، يكفيه معرفة أنها دار القاضى إبراهيم بن لقمان التى أسر فيها لويس التاسع ملك فرنسا حتى يمشى متطاوسا فخورا بأسماء أبطال تدق أسماؤهم كأجراس فى كل موسوعات العالم، الظاهر بيبرس البندقدارى الذى تولى قيادة الجيش فى معركة المنصورة وهزم الفرنجة وقتل روبرت كونت أرتوا أخو لويس التاسع قائد جيشهم عند مخاضة سلمون على- بحر أشموم- هو الآن البحر الصغير (الذى أطل عليه من شرفتى كل يوم) شجرة الدر وكتمانها خبر وفاة الملك الصالح أيوب حتى عاد ابنه توران شاه ليتولى الحكم، لويس التاسع الذى تم أسره عند قرية ميت الخولى عبدالله والتى تقع الآن على طريق (دكرنس) وعودته إلى فرنسا بعد دفع فدية قدرها عشرة ملايين فرنك، كل ذلك فى النصف الأول من القرن الثالث عشر ولا أحد يستطيع على ذكر الحرب إغفال معركة المنصورة الجوية فى حرب 73 أطول معركة طيران عرفها العالم. وكما لا يستطيع أحد أن يغفل تاريخه فإنه لا يستطيع أن يغفل حاضره ويعيش منعزلا عما يدور من حوله من تغيرات حدثت خلال السنوات الماضية كانطفاء بريق بعض المبانى الرائعة وتوقف نشاطها أو تهدمها مثل مقر الحزب الوطنى رمز النظام السابق ودار الكتب ومكتبة المنصورة ومسرح المنصورة القومى الذى طالما طالبنا كثيرا بعودة الروح إليه. كنت أمر على هذه الأماكن وغصة تخنق حلقى وحسرة تتنامى فى قلبى وتكبر، حتى دعانى صديق إلى مكتبة مصر للاحتفال بعودة الصالون الشهرى للمحافظة والذى توقف نشاطه لسنوات. ترددت فى البداية فاستكمل أن الصالون يستضيف الكاتب الصحفى أسامه سرايا ويحضره الدكتور كمال شاروبيم محافظ الدقهلية، لا أعرف كيف تحمست لحضور اللقاء فى جو بارد وممطر. ربما حضرت بوازع من توقعاتى الثقافية المحبطة التى تسكننى منذ سنوات، ربما حضرت لاستكشاف ما يحدث لندرة حضورى على الساحة الأدبية فى المنصورة، المهم أننى ذهبت وجلست فى آخر صف قريبة من الباب لخروج هادئ إن لم يرقنى الأمر، بدأت الندوة وسارت الأمور فى عاديتها، حتى انتهى الضيف من كلامه وبدأت المداخلات سجالا صعودا وهبوطا. وسريعا مر الوقت استرعى انتباهى فيه ردود الدكتور شاربيم وهدوء صوته وثقته وإنصاته للحاضرين وبخاصة الأدباء والمثقفين والمهتمين باستعادة ثقلنا الثقافى والريادى ما شجعنى على المشاركة أنا الأخرى- التى كنت عازفة نافرة وحرون قبل حضوري- فاجأنا المحافظ بأننا سنرى متحفا لأعلام الدقهلية فى مبنى الحزب الوطنى السابق وسنشهد افتتاح مسرح المنصورة قريبا. وأنه سيعقد لقاءات مع الأدباء للاستماع اليهم ومشاركتهم لتنفيذ ما يليق بمحافظة بهذا الثقل والحضور وأنه مهتم بالمواهب والأجمل هو ما وعد به من احتفاليات لم تشهدها المنصورة من قبل بمناسبة مرور ثمانمائة عام على إنشاء مدينة المنصورة التى يقدرها حق قدرها. فلم أتمالك نفسى من الفرح الذى راوغنا طويلا واستبشرت خيرا وأنا أصفق والأسماء التى بدأت بها مقالى تدور فى عقد من النور برأسى، ومدينتى تتألق فى كامل بهائها. كان الجو رائقا بعد المطر ركبت السيارة وعيونى من خلف الزجاج تحتضن شوارعها وتقول: سلاما على توريل والمحافظة وميت حدر والثانوية ومحمد فتحى والطميهى والجلاء وشارع الجمهورية وجيهان وآداب والجامعة. سلاما على عزبة عقل والمختلط وعزبة الشال. سلاما على المدير والمرور والاستاد، سلاما على كل كل عين تراك جميلة وكل قلب يحبك وكل يد تعيد بهاءك يا منصورة وقبلة فرح على جبينك.
آراء حرة
سلام عليك يا «منصورة» الزمان والمكان
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق