الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صفية.. ودفتر أحوال الوطن!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط هذا المناخ لأحداث القضية الكبرى والغطاس التى جعلت منه مؤشرات على تصور بأننا أصبحنا نقترب من العصر الجليدى الذى يدفعنا لكى نتصور إلى داخلنا حقبة جديدة من التغيير، وسط هذه الأجواء ظهرت صفية لتتولى كلمتها وتتحدى هذا الصقيع لتقول كلمة دافئة لأبناء الوطن بعد أن تلقت رسالة من القيادة السياسية رغم مشاغلها فى آلية العمل والمشكلات القومية التى تحتاج قرارًا سياسيًا، وسط هذا الجو المناخى غير المسبوق تلقت الصغيرة رسالة شخصية عن طريق المندوب الرئاسى ليقول لها طلباتك أوامر.. وسط هذا الزحام حصلت على أقوى من قرار جمهورى، ووصلت رسالة الرئيس لها إليها بردًا وسلامًا، ليقول لها: الدولة كلها تضع نفسها وجهودها رهن إشارتك.
لم يبعث لها وزيرًا أو محافظًا، لكن بعث لها مبعوثًا شخصيًا التى يتعامل بها رئيس الدولة مع كبار المسئولين بعيدًا عن الزفة أو عيوب الكاميرات وكان رد صفية فى كلمة واحدة.. سلمت يداك.
ورسالة صفية سلت صفحات خالدة فى دفتر أحوال الوطن فى الخارج والداخل ووسط هذا الزخم احتلت مكانتها فى سجل دفتر الأحوال بل كان لها التميز فهى أصبحت الإنسانة البسيطة التى تتلقى الأوامر من رئيس الدولة بعيدًا عن الروح المظهرية، فإن حالة صفية تعكس حالة الفقر والتردى التى وصلت إليها البسطاء فى مصر، فالفقر بهذه الصورة البشعة التى انعدمت فيها الجوهر الإنسانى أصبحت تعكس حالة التدنى فى حياة البسطاء، وهل يعقل مثلًا أن الدولة فى بداية ثورة يوليو التى جاءت من أجل الفقراء بدأت بفكرة (معونة الشتاء)، وشارك الفنانون والرياضيون فى كل مكان لكى يعمموا هذا الشعور بين طوائف الشعب، وتجمدت الفكرة تحت شعار أن مستوى المعيشة أصبح من مؤشرات الرخاء الظاهرى الذى عشناه أو منظومة التنمية الاقتصادية الكاذبة ثم تذرعنا بالزيادة السكانية، لكن هذا قد يخصم، وأصبحت علامة الفقر أحد ثوابت المجتمع، ويقولون: عندنا أجهزة حكم محلى أو أحزاب، ويكفى هذا أن أحمد حسين زعيم مصر الفتاة التقط صورة مماثلة قبيل ثورة يوليو ونشرها فى جريدة الاشتراكية بعنوان تقول كلماته رسالة مع صورة للبسطاء الفقراء مرسلة إلى الملك فاروق نقول له رسالة من الفقراء (رعاياك يا مولاي) صورة الحفاة والجلاليب الزرقاء، وكانت المنظومة وقتها فى مواضع الإنشاء لتصور أحوال الفقراء حين كان أساتذة اللغة العربية يدرسون لما الأساليب فى عرض القضايا بشكل أدبى لذلك صوروا لنا حالة الفقير بأنه يفترس الأرض ويلتحف بالسماء.
صفية دون أن تقصد استطاعت أن يكون مشهد تسلمها الرسالة الرئاسية على يد إحدى بناتنا فرقة الشرطة النسائية اللاتى يمثلن مظهرًا حضاريًا يستحق الإشارة به بل إن هذا المشهد بهذا الأسلوب الذى يتميز بالرقى والحنو على الفقراء هو أروع مدخل للأمة كلها فى استقبال عيد الشرطة، أن توجه الشرطة المصرية من النساء هو رسالة تصل إلى كل أسرة والمفهوم أقوى من عشرات الشعارات أو الهتافات أو قصائد الشعر، هل بالفعل أعظم افتتاحية لعيد الشرطة.. عيد الشهداء.. والأرامل والأمهات والأبناء.. عيد التضحية والفداء فى أعظم ساحتها وأشرف ميادينها، عيد الشرطة الذى بدأ فى حوار إنسانى مع صفية البسيطة وكلماتها لتقول سلمت يداك.. رغم أنها تعيش تحت خط الفقر فإنها تلقت رسالة الأمن الذى صنعته القيادة السياسية، حيث يصل مفهوم الدولة الحاضنة من خلال تجربة صفية.
منظومة الأمن الذى تشارك فيها قواتنا المسلحة التى لا تعرف الاسترخاء ويدها مستمرة على زناد بالاشتراك مع شرطة اليقظة تسطر كل يوم مجدًا، فكل هذه الجهود تقدم رسالة الأمان لهذه المواطنة البسيطة وردها سلمت يداك.
بالقطع صفية أمية لا تعرف القراءة والكتابة فإنها عاشت فترة التعليم المجانى، لكن لم تحصل على فرصتها فى التعليم أو لم تحضر قوة رخاء الانفتاح السداح مداح، ولم تحضر عهد الخصخصة وأطروحة القرى الأقل فقرًا، ولم تحصل على قرض من الصندوق الاجتماعى أو معاش السادات أو بنك ناصر، إذن هل يرضى الضمير الوطنى أن تتوقف حالة صفية ونتحدث عن الموقف الإنسانى، ونترك أمثال صفية بهذا الشكل ولا نواجه الحقيقة بكل اقتحام بعمل اجتماعى تكافلى حقيقى.. أليس هناك نموذج من إنشاء صندوق، يمثل روح التكافل بعيدًا عن المظهرية ومنهج الإحسان من أجل الحصول على لقب (فاعل خير)؟
كلمات بسيطة قالتها صفية، وهى تطالع صفحة الوطن، ورغم أنها لا تطالع الصحف أو تعلم أحوال المواطن، لكن تزامنت حالة صفية مع قرارات مهمة وإذا تحدث معها أحد عن رأيها فى قرارات الرئيس يكون ردها الموجز.. سلمت يداك.. قالتها أكثر من مرة.
سلمت قراراتك، لأن القائد الحقيقى يضع كل معاونيه فى مكانهم، والذى يدرك أن الوظيفة مسئولية ورسالة وليست تكليفًا ويرتبط بالبرنامج الذى ينفذه لا نجده فى كل يوم سابحًا فى الغلاف الجوى ينتقل باسم التكليف الوظيفى فى عواصم العالم فهو فى الصبح فى باريس وظهرًا فى روما ولا يشاهده الناس إلا متوجهًا إلى صالة المطار أو مغادرًا فقد أكد عدد من كبار المسئولين أرقامًا قياسية فى السفر تنافس رحلات ابن بطوطة صحيح أن فى السفر سبع فوائد، لكننا إذا رجعنا أن التقييم لهذه الرحلات محصلها صفرًا.
قرار تنظيمى فى سطور مختصرة لكنها بمثابة رسائل للمجتمع كله فإن هناك مهام عديدة، لكن أن تقول بها وزارة الخارجية والسفارات المنتشرة فى أنحاء العالم، لكن اختراع المأموريات تحت مسمى مؤتمرات أو توقيع ما سمى بالتوأمة أو غيرها من المسميات الحديثة، وأن الغرض من هذه الخطوة لا تخفى عن فطنة الشعب والرأى العام يُقدر أن رئيس الدولة يفكر فى أى قرار ألف مرة، ويصدر أن وقت المواطن له ثمن وبكل أمانة فإن المسئولين من أنفسهم يبادرون إلى إلغاء المواكب الرسمية، لأن المسئول الحقيقى الممكلف بأداء خدمة لا يحيط نفسه بهاله من الأبهة، لأنه يجعله يتفاعل مع الناس والاختلاط بهم والسير على قدميه فى الشوارع سوف تمكنه عن قرب أن يرى بنفسه ما يعانيه الناس، لقد كنا دائمًا نرى الرؤساء والوزراء يسيرون على الأقدام، ومن فى حكمهم لكن ما نراه أمر مستقر للناس كلها، وما تتحمله ميزانية الدولة من تكلفة فى الحراسات الخاصة تستحق المراجعة، لأن تنظيمها سوف يعطى مؤشرًا إلى نشر الأمن والأمان.
سلمت يداك...
أقولها نيابة عن صفية التى استطاعت أن تجعل من رسالة الرئيس إليها نموذجًا أدبيًا يستحق التوقف عنه، فالأمر ليس مجرد موقف إنسانى لكن يكفى أن نقول ما عرفناه فى حياتنا أن مثل هؤلاء البسطاء كانوا أداة للثراء الفاحش من جياع الثروة الوطنية خاصة فى العقارات.. وهم فئة (الكواحيل).