تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
ما رأيكم؟.. تعالوا نحكى شوية عن بلدى الحبيبة ومسقط رأسى ومستقر عائلتى، مركز قوص، التابع لمحافظة قنا، والواقع جنوب الأقصر، قيل إنها سميت على اسم رجل يدعى «قوص»، وقيل إنها كلمة قبطية تعنى «الكفن»، لأن أهلها كانوا مهرة فى دفن الموتى وتكفينهم، إذ كان يُدفن فيها كبار العلماء ووجهاء الدولة، وقيل أيضا أنها تعود إلى كلمة «ناقوس» لكثرة ما بها من كنائس وأديرة، وهى فى اليونانية بلد «أبوللون» رب الفنون، لأن أبوللون عند اليونان يقابل حورس الأكبر الذى يعتقد المصريون أنه ولد فى قوص، وتقول الروايات والأساطير، إن اسمها أيام الفراعنة، كان «قيسيت».
هى مدينة عريقة تقع على شط نهر النيل الشرقى، ويفصلها عن العاصمة القاهرة ما يقارب 645 كيلومترا، وفلكيًا تقع على خط طول 32.46 درجة شرق خط جرينتش، وعلى دائرة عرض 25.56 درجة شمال خط الاستواء. وظلت لسنوات كثيرة عاصمة لصعيد مصر، كما كانت ممرًا للحجاح إلى البحر الأحمر.. وتحولت أيام حكم الخلافة الفاطمية إلى قاعدة لإقليم أطلق عليه اسم «الأعمال القوصية»، وعرفت بالأشجار الكثيفة التى صنعت بها السفن، زارها أسد الدين شيركوه فى العام 1166 ميلاديًا، وأصبحت دارًا لسكّ العملة أيام حكم الخليفة الآمر بأحكام الله، وكانت أيام الخليفة العاضد مركزًا لاستقبال للحجاج القادمين من المغرب، وفى عهد العثمانيين، اندمجت فى ولاية جرجا، وحاليا تضم 17 قرية أبرزها «العليقات، حجازة، المسيد «مسقط رأسى»، عباسة، المعرى، الكلالسة، جراجوس، الحمر والجعافرة، الحراجية، والكريتية».
تحدث عنها عباس محمود العقاد، قائلا: «ليس فى وادى النيل بلدا أوفى أخبارًا من قوص فى المراجع العربية بعد القاهرة والإسكندرية»، وقال عنها الشريف الإدريسى فى كتابه «نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق»: «ومدينة قوص مدينة كبيرة»، كما ذكرها أيضًا ابن جبير، «وهذه المدينة حفيلة بالأسواق متسعة المرافق كثيرة الخلق لكثرة الصادر والوارد من الحجاج والتجار اليمنيين والهنديين، وتجار أرض الحبشة لأنها مخطر للجميع ومحط للرحال ومجتمع الرفاق» بينما يقول عنها العلامة القلقشندى فى موسوعته «صبح الأعشى فى صناعة الإنشا»: «مدينة جليلة فى البر الشرقى على النيل ذات ديار فائقة ورباع أنيقة ومدارس وربط وحمامات يسكنها العلماء والتجار وذوو الأموال وبها البساتين المستحسنة».
يعتبر المسجد الكبير الذى شيد فيى العام 1155 ميلاديًا أيام حكم الخليفة الفائز، من أبرز المعالم التاريخية فيها، ويطلق عليه اسم المسجد العمرى، ويمتاز بمنبره الذى يرجع بتاريخه إلى العصر الفاطمى المتميز بدقة نقوشه وزخارفه وصناعته، ومحرابه المتميز بكتاباته النسخية وزخارفه التى يرجع تاريخها إلى العصر المملوكى، ومن أبرز شخصياتها التاريخية القاضى على بن دقيق العيد، وإمام المسجد العمرى محمود محمد أبوالخير دعبس.
وقاد مدينة قوص الكثير من العظماء والفرسان، على مدار التاريخ، وقبل عامين من اليوم تقريبا، تم تعيين سيدة، رئيسا لمركز ومدينة قوص، وكانت بمثابة مفاجأة لأهالى المركز والمتابعين له، فلأول مرة فى تاريخ المدينة، تتولى قيادتها سيدة، وظن الكثيرون أن تلك السيدة الرقيقة، هدى حسن أحمد محمود المغربى، ستغرق فى مشكلات المدينة وقراها، مثل الصرف الصحى والمياه وكثافة الفصول والمدارس، والصحة وغيرها، ورغم صغر سنها، استطاعت «المغربى» والتى كان لها دور كبير فى مجال تدريب وتشغيل الشباب بمحافظة قنا لأكثر من عامين قبل توليها المنصب الجديد.. أن تحقق إنجازات ملحوظة وعظيمة، فى شتى المجالات من تعليم ونظافة وصحة، والعمل على مشروعات الطرق والصرف الصحى، وتفعيل كل المشروعات المتوقفة، وقد بذلت قصارى جهدها ليعيش كل مواطن فى مركز قوص فى أفضل حال، فهى ابنة محافظة قنا، وتعرف جيدًا العادات والتقاليد الخاصة ببلدها عن ظهر قلب، معتمدة على وعى وثقافة المواطن القنائى.
«المغربى»، خريجة الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1996، تقلدت العديد من المناصب وعملت بالعديد من المجالات التطوعية والقيادية، سلطت الأضواء على دور وكفاءة المرأة القنائية للمواقع القيادية، وأثبتت أن السيدات أقدر على معرفة آمال وطموحات ومشكلات البسطاء، ويمكنهن العمل بإخلاص لخدمة مجتمعاتهن، بدعم أهل البلد وأعضاء مجلس النواب، لمساعدتها فى إنجاز مهمتها.
وظلت تنمية محافظات الصعيد، ومنها قنا، وبالتبعية قوص، عبارة غائبة عن قاموس الحكومات والأنظمة لسنوات مضت، كما ظلت محافظات مصر الجنوبية بدءًا من بنى سويف وحتى أسوان مرورًا بالمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والبحر الأحمر والوادى الجديد، بدون تنمية منذ ستينيات القرن الماضى تقريبًا، ومن أهم المشكلات التى تواجه التنمية فى قوص، هى غياب دور رجال الأعمال والمستثمرين فى تبنى مبادرات حقيقية لخلق مناخ للاستثمار والتنمية، خاصة فى الظهير الصحراوى الغربى الواعد بالتنمية الصناعية والتعدينية والعمرانية، إضافة لإمكانية استصلاح الأراضى الزراعية، لتعويض آلاف الأفدنة التى تحولت إلى مساكن على نهر النيل.. لكن «المغربى» بعثت الأمل من جديد فى إحداث نهضة تنموية مهمة فى هذه المدينة العريقة.