كُنت ومازلت أشعُر بالعرفان والامتنان لكل مواطن مصرى خرج من بيته غاضبًا ناقمًا ثائرًا على حكم المُرشد فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ودائمًا ما أعطيه حقه وأُشيد به وأفتخر به وأعتبره صِمَام أمان للدولة المصرية، وبعد مرور ما يقرب من خمس سنوات ونصف تغيرت الأوضاع الدولية، وتبدلت التحالفات الإقليمية، وانهارت أسطورة «الربيع العربى» المزعوم، ووسط كل هذه التحولات نجحت «مصر» فى الحفاظ على كيانها، ورفعت رأسها وصححت ما لحق بها من أضرار بعد دخولها فى دوامة ٢٠١١ و٢٠١٢ ومنتصف ٣٠١٣، كان بِحق المواطن المصرى هو البطل، فقد تحمل الكثير من الضغوط الاقتصادية، ودفع ثمنًا باهظًا للتصدى للإرهاب الذى يستهدف البلاد.. والآن وجدت أنه لزامًا علي أن أفتح قلبى وأتحدث مع المواطن المصرى الشريف حديث من القلب للقلب وأقول له:
عزيزى المواطن المصرى.. هل تتذكر ما كانت عليه بلدنا قبل ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣؟ فقد كان الإرهابيون يُبرطعون فى قصر الاتحادية ويتجولون فيه وكأنهم ورثوه عن أبيهم، ففى ٢ يوليو ٢٠١٢ جاء إلى مصر مجموعة من الفطاحل المنتمين لتنظيم القاعدة والمُدرجين على قوائم الإرهاب الدولى لكى يباركوا لـ«محمد مرسى» توليه الرئاسة، ثم جاءوا مرة أخرى فى ١٣ يونيو ٢٠١٣ ومنهم أخطر إرهابيين «عبدالرحمن النعيمى قطرى» و«عبدالوهاب الحميقانى يمنى»، وكان من سكن قصر الاتحادية قد أفرج على الإرهابيين المتواجدين فى السجون وأصدر عفوًا عنهم؟
عزيزى المواطن المصرى.. هل فكرت ولو للحظة فى مصير بلدنا وقت أن كانت فى يد جماعة خائنة؟ مصير قناة السويس ومصير حلايب وشلاتين ومصير سيناء ومصير الشرطة ومصير القضاء ومصير الأزهر ومصير الأقباط، بل ومصير الشعب كله؟ بالتأكيد كان مصيرنا كلنا مجهولا، وكانوا سينفذون خططهم لتقسيم البلد وتشكيل مُعسكرات لتدريب الإرهابيين فى وسط سيناء لترويعنا وقتالنا.
عزيزى المواطن المصرى.. انظُر حولك الآن، ستعرف أن مصر فى الداخل تغيرت عن ذى قبل، واستيقظ «المارد» تمامًا، وأدرك أنه لا محالة من مواجهة الإرهاب وهزيمته، وتنمية فى كل مكان على أرض مصر، وبناء وتشييد وأمن وأمان، وخلق مجتمعات جديدة لمواجهة الزيادة السكانية، وفى الخارج، فقد أصبحت رؤيتنا محل تقدير واحترام عربيًا ودوليًا فى القضايا الحيوية.
عزيزى المواطن المصرى.. انظُر حولك، ستجد أن مصير الشقيقة سوريا فى يد قوى خارجية مُتصارعة سواء أكانت روسيا وإيران من جهة، وأمريكا وإسرائيل ودوّل أخرى من جهة أخرى، وستجد الحرس الثورى الإيرانى يُصر على التواجد فى سوريا ويقول أحد قياداته: سنبقى فى سوريا، ولا عزاء للشعب السورى، وستجد تركيا تخترق حدود سوريا وتنتهك سيادتها بكل أريحية وتتمدد فى شمال العراق، وستجد العناصر الإرهابية تتجول فى ليبيا ويشكلون ميليشيات بأسماء عِدّة ولديهم كميات سلاح غير معقولة، وهذه العناصر مُتصارعة، رغم أنها ترفع شعارات دينية زائفة، وتدخلات دولية لرأب الصدع بين الفرقاء السياسيين الليبيين دون جدوى، يذهبون للحوار فى فرنسا يتفقون ثم لا ينفذون ما اتفقوا عليه، يذهبون للاتفاق فى «جنيف» لا يتم الاتفاق ويفشل، وستجد عناصر تنظيم القاعدة فى اليمن يسيطرون على جزء من الأراضى وعناصر منتمية للحوثيين يسيطرون على جزء من الأراضى، وعمليات تهريب سلاح لا تتوقف، والفرقاء اليمنيين يتصارعون ويختلفون وتتدخل قوى دولية بينهم بلا فائدة، ويذهبون للصلح فى «الكويت» يتشاجرون مع بعضهم أمام الكاميرات ووسائل الإعلام، يذهبون لـ «جنيف» يتفقون وتُصر جماعة الحوثى المدعومة من إيران على التنصُّل من الاتفاق.
عزيزى المواطن المصرى.. انظُر حولك، ستجد مظاهرات فى فرنسا، وبداية أزمات سياسية فى بريطانيا، وغضب مكتوم فى بلدان أوروبية من أحوال اقتصادية طاحنة، وجنون فى الأسعار فى كل الدول، هذا بالإضافة إلى تمدُد داعشى فى أوروبا، وقلق دولى من عدم السيطرة على أسعار النفط، وصراع دولى بين قوى إقليمية على التسليح، وتدخلات خارجية غير مُتصورة فى القضايا العربية، وتزايد الصراع بين دول كثيرة على الحصول على قواعد عسكرية فى منطقة باب المندب، وتنامى الصراع حول الغاز فى شمال البحر المتوسط
عزيزى المواطن المصرى.. انظر حولك، ستجد أنك تنال احترام العالم كله، لأنك حافظت على وطنك قبل أن تبتلعه جماعة خائنة، وشاركت فى صنع مستقبلك السياسى، وقمت بالاستفتاء على دستورك، واخترت برلمانك ورئيسك، وَقُل: الحمد لله على نعمة الوطن، والحمد لله نعمة الجيش الوطنى الصلب، والحمد لله على نعمة الشرطة الثابتة، والحمد لله على وحدتنا الوطنية، والحمد لله على شموخ قضائنا، والحمد لله على استقرار دولة بحجم مصر، عدد سكانها وصل ١٠٤ ملايين نسمة تُواجه جماعة إرهابية يستخدمها الغرب لإحداث فوضى فى البلاد، وتتصدى بنجاح لمحاولات إسقاطها، وتنجح فى حماية أمنها القومى.. والأهم: أن شعبها الطيب واعٍ ومُدرك أنه لا مفر من صون الوطن وحمايته، وأن الدفاع عنه مُهمتنا جميعًا، الشعب المصرى الأصيل الذى يعرف قيمة الوطن، ومعنى الوطن، وتراب الوطن الذى دافع عنه الأجداد وعلمونا أن (حماية الوطن قبل كل شىء).