الطريقة الأمثل لتهدأ، بعيدا عن جلسات العلاج النفسي، والحبوب المهدئة، والسهر القسرى تحت وطأة نوبات الأرق، هى أن تلوذ بالصمت، أن تلاحظ الحروف والإشارات، لأنه- كما وصفه كونفوشيوس- الصديق الوحيد الذى لن يخونك أبدا.
وبما أن «التوقعات تفوق الحقيقة» يا سيد جينفر إيجان، فيتوجب على المرء أن «يستمد سعادته من باطن نفسه دون اكتراث للعوامل الخارجية التى تفرض عليه فرضا» أليس كذلك أيها القديس كونفوشيوس؟
«يجب أن نكون سعداء، حتى لو كان ذلك من أجل كبريائنا فقط»، هكذا علمنى ألبرتو مانجويل فى «يوميات القراءة» التى قال فيها بعد سنوات من التعاسة: «قررت أن أكون صادقا مع نفسى، وأن أقبل أن يكون عملى فى الحياة هو قارئ- كاتب».
الكتابة يا سادة قد تكون بديلا عن الانتحار فى هذا الواقع، على الأقل قد تكفينا شرور نوبات الضجر والاكتئاب. الكتابة لا بشرط أن يقرأها أحد، فليس مهمًا أن يراك أحد وأنت تتناول الحبوب المهدئة، المهم هو أن تهدأ وتحظى بليلة خالية من الأرق.
للكتابة فعل السحر أليس كذلك يا سيد جينفر.. ألست أنت القائل: «حين لا أكتب، يجتاحنى شعور بفقد شيء ما، إذا طالت بى الحال، تزداد الأمور سوءا، وأصاب باكتئاب، حينها، أمرٌ مصيري يكف عن الحدوث، عطب بطيء يشرع فى التكون، كما لو أننى أهبط من تلة، بفعل الجاذبية وحدها، لبعض الوقت، لكن بعد ذلك، تصاب أطرافى بالخدر، أمر سيئ يحدث، أعرفه. وكلما طال انتظاري، صعب على البدء بالكتابة مجددًا»؟.
مارس الكتابة واستمع جيدا إلى نصيحة جنيفر «لا يهم إلى أى مدى وصلت فى مهنتك ككاتب، فربع ساعة يوميا تبقيك فى إطار العادة»، فـ«ليس هناك طائل من تمنى أن تحظى كتبى بتلقى عظيم من قبل القراء، وذلك أنهم سوف يتلقونها كيفما أرادوا أن يتلقونها». هكذا رأى ساراماجو الذى قال أيضا: «الذى يهمنى هو أن أقوم بعملى على أفضل وجه، وعلى حسب مقاييس العمل الجيد الخاصة بي، وذلك أن يُكتب الكتاب بالطريقة التى أريده بها أن يُكتب بها».
اكتب وما عليك سوى أن تعمل بنصيحة جويس كارول «اكتب من القلب، لا تضع فى حسابك أن يتم التعامل معك بعدالة، أو برحمة على الأقل. انغمس فى القراءة، وفى قراءة الكاتب الذى تحبه. اقرأ كتاباته الأولى على وجه التحديد، وقبل أن يصبح له صوت ومكانة مرموقة، لا تخجل من موضوعك ومن رغبتك فى الكتابة عن مسألة محددة، انتبه لرغباتك (المقموعة) قد تكون الزيت الذى يغذى عجلة الكتابة لديك».
ثم «اكتب بحرية واستمرارية قدر الإمكان، ضع كل شيء على الورق، لا تصحح ولا تعِد الكتابة إلى أن تفرغ من كتابك، تقطيع مراحل الكتابة عذر لعدم الاستمرار، كما أن هذا يتضارب مع التدفق والإيقاع، وهذه تأتى عادة من اللا وعى وحسب طبيعة المادة المكتوبة».
وفى النهاية «انسَ الجمهور العام أثناء الكتابة؛ لأنه يخيفك حتى الموت التفكير بهؤلاء الذين لا أسماء ولا وجوه لهم، لقد وجدت أنه من المفيد أن تختار شخصًا معينًا فى ذهنك، وتكتب وكأنك تتوجه بكتابتك إليه تحديدا، أو كما قال جون شتاينبك».
اكتب من أجل البهجة هكذا فعل ستيفن كينج: «كتبت من أجل البهجة الخالصة للكتابة، فإن استطعت أنت فعل ذلك من أجل البهجة، فإنك ستفعله للأبد».