الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سبل تعظيم المشاركة الانتخابية للمرأة والأقباط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الوقت الذي قام فيه مجلس الشورى بإرسال القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية إلى المحكمة الدستورية العليا؛ ثار في ذهن الشارع المصري الكثير من التساؤلات حول وضع ومستقبل المرأة والأقباط في العمليات الانتخابية القادمة، بعد نسبة تمثيلهم الضعيفة في المجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى القائم، خاصة مع صعود وتغول تيارات الإسلام السياسي بعد الثورة، وما يحمله بعضها من انطباعات وتصورات خاطئة تجاه المرأة والأقباط، إلى الحد الذي وصل إلى أن يجاهر البعض منهم بضرورة عودة المرأة إلى البيت مرة أخرى، وإنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على غرار تلك الموجودة في السعودية، والتي بدأت في تنفيذ بعض عملياتها في السويس والدقهلية والبحيرة.
ويحمل البعض الآخر أفكارًا متطرفة تجاه الأقباط؛ حيث أفتى البعض بأنه لا يجوز تهنئة الأقباط في أعيادهم، وأنه يجب ألا يتولوا مناصب عليا؛ من قبيل أن الولاية الكبرى لا تجوز للأقباط والمرأة على حدٍّ سواء.
ناهيك عن موقف هذه التيارات من الكثير من الأفكار والنظريات السياسية؛ حيث اتخذت موقفًا معاديًا على طول الخط من النظريات السياسية والفكرية الغربية، فتجهر السلفية برفض “,”الديمقراطية“,” كنظرية سياسية للحكم رفضًا تامًّا، إلى جانب رفض قيمها كـ“,”الأغلبية“,” و“,”حكم الشعب“,” وغيرها؛ لتناقض هذه المبادئ مع أحكام الإسلام التي لا يمكن في ظلها الفصل بين الدين والدولة، على عكس الديمقراطية التي لا تراعي الشروط الإسلامية فيمن يحكم أو يشرّع القوانين، فقد تأتي بكافر أو امرأة لحكم الدولة الإسلامية، و“,”ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة“,”، أو تأتي بمن يجهر بعداء الدين، وهنا يتساءل الشيخ سعيد عبد العظيم، نائب رئيس الدعوة السلفية: “,”ما قيمة صندوق انتخابات يأتينا بيهودي؟“,”، و“,”ماذا نصنع إن أتى على رأس السلطة كافر، والإسلام يعلو ولا يُعلى عليه؟“,”، مشيرًا إلى أن رأي الأكثرية الانتخابية هنا لا قيمة له إن كان سيخالف ما نص عليه الإسلام، فـ“,”الأكثرية“,” -وهي محور النظام الديمقراطي- “,”لا يجوز أن تغير شرع الله“,”.
والسؤال هنا: هل التيارات الإسلامية مقتنعون حقًّا بالديمقراطية، أم أن ما يفعلونه الآن مجرد تكتيك مرحلي لتدمير وإحراق سلم الديمقراطية بعد استخدامه في الصعود؟ والمؤكد أن قضية التمثيل النيابي للمرأة والأقباط ليست مجرد قضية نوعية أو فئوية ( Gender )، ولكنها قضية سياسية في المقام الأول، فاستمرار ضعف –وأحيانًا غياب- التمثيل المتكافئ للمرأة، خاصة على مستوى الوظائف العامة والمواقع القيادية، وأيضًا على مستوى الهياكل السياسية ودوائر صنع السياسة والقرار، إنما يغذي -سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة– ثقافة التطرف، أو يصب في النهاية لصالحها.
وإذا كنا نريد بالفعل مواجهة التطرف الفكري والحركي، فإننا لن نستطيع ذلك بدون إعادة تشكيل النخبة السياسية؛ بما يضمن مشاركة أكثر توازنًا وتنوعًا؛ وبالتالي فالمقصود برفع نسبة التمثيل السياسي للمرأة لا يقتصر على مجرد رفع نسبة تمثيلهما في البرلمان، وإنما يعني مواجهة شاملة للسياسات القديمة؛ لضمان تمثيلها الفعلي، وليس الشكلي، على مستوى مؤسسات الدولة والوظائف العامة والحكومية.
ويمكن القول إن هناك معوقات عامة تؤثر على مشاركة المرأة والأقباط بشكل عام، منها على سبيل المثال النظام الانتخابي وتأثيره على المشاركة الانتخابية للفئات المهمشة، والثقافة السائدة والنظرة السلبية للعمل بالسياسة لدى المرأة، بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية.
ولإزالة كافة هذه العقبات فلا بد من حلول عادلة وناجزة تضمن التمثيل العادل للأقباط والمرأة، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
أولاً : ضبط إدارة العملية الانتخابية، وفي هذا الإطار يمكن طرح مجموعة الرؤى المستقبلية لتحديد ضوابط قوية لاستخدام المال في العملية الانتخابية، ومنع استخدام العنف الانتخابي، وتجريم شراء الأصوات الانتخابية، وتنفيذ الضوابط الخاصة بنزاهة العملية الانتخابية.
ثانيًا: تيسير إجراءات مشاركة المواطنين في الانتخابات؛ من خلال تيسير إجراءات إثبات المواطنين الساقطين من القيد، وتنقية كشوف الانتخابات بشكل مستمر، وتسهيل إجراءات استخراج البطاقة الانتخابية للمواطنين، وميكنة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها، بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية.
ثالثًا: الإعداد السياسي للكوادر القبطية والنسائية، وتشمل البرامج المتخصصة في التأهيل السياسي، والموضوعات التي تتعلق بتنمية مهارات الاتصال لدى المرأة، وتنمية المعرفة بنظام الانتخابات، ومهارات الدعاية وإدارة الحملات الانتخابية.
وختامًا؛ فإن قضية المشاركة للمرأة والأقباط بشكل عام تتعلق بثقافة المجتمع؛ ومن ثم فإنه لم يكن متوقعًا أن تتغير هذه النظرة المجتمعية بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج الأمر إلى جهد ومثابرة لتحقيق وضع أفضل لهما على مختلف المستويات، مع ضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي؛ لتصحيح الصورة الذهنية الخاطئة عن كل طرف تجاه الآخر.