تشهد العديد من المحافظات إن لم يكن أغلبها قلقا كبيرا بين المواطنين بسبب تباطؤ إجراءات تقنين الأراضى ويرجع ذلك إلى التراخى والإهمال مما أدى إلى شكاوى المواطنين وهو الأمر الذى دفع النواب لتقديم عدد من طلبات الإحاطة والأسئلة تضامنًا مع أبناء دوائرهم خصوصًا الذين استجابوا لتنفيذ القانون ١٤٤ لسنه ٢٠١٧ الخاص بأوضاع تقنين الأراضى وهم المواطنون الذين سددوا الملايين من الجنيهات الخاصة بالرسوم والمعاينة وحتى التبرعات التلقائية احترامًا للقواعد التى حددتها اللجنة العليا لاسترداد وتقنين أراضى الدولة.
كما عبر السيد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولى مشكورا عن انزعاجه من تباطؤ الإجراءات فى المحافظات بالنسبة لتقنين الأراضي وذلك على ضوء متابعته لهذا الملف المهم والذى من شأنه أن يقدم للخزانة العامة ما يزيد على ٣٥٠ مليار جنيه وفقًا لتوقعات الخبراء من المالية والزراعة والإدارة المحلية.
وقد أدى ذلك إلى توجيه رئيس الوزراء بتعليماته الواضحة والصريحة فى اجتماع مجلس المحافظين بضرورة الإسراع فى الإجراءات مع مراعاة الأوضاع الخاصة بالأراضي من حيث التسعير المناسب وعدم المغالاة تسهيلا على المواطنين الجادين والذين احترموا القانون. وقد ذكر رئيس الوزراء أن على المسئولين فى المحافظات «سرعة الإنجاز واللى ميقدرش ياخد قرار يرجع لينا» وفقا لتصريحاته المنشورة فى الصحف، وعلى أرض الواقع فإن إجمالى حجم العقود التى صدرت للمواطنين لا يتجاوز ٦ آلاف حالة وفقًا للتقارير المعلنة بينما الواقع يؤكد أنه أقل كثيرا إذا ما قورن بحجم طلبات تقنين الأراضي التى أعلن أنها تزيد على أكثر من ٢٧٥ ألف حالة.
وهنا يظهر ويكشف حجم التراخى والإهمال فى إنجاز اللجان المعتمدة فى المحافظات وعلى الجانب الآخر فإن قضية تسعير الأراضي لم يعد لها محددات واضحة أو مقياس واضح حيث التفاوت فى أسعار قيمة الأراضي من ٣٠٠ إلى ٢٠٠٠ جنيه فى بعض المحافظات وأخرى تغالى فى الأسعار حيث يبدأ سعر المتر من ١٦٠٠ إلى ٣٠٠٠ جنيه وهكذا أى أن هناك مزايدة وتفاوتا واسعا فى تسعير الأراضي مما يرهق المواطنين الجادين سواء فى الأراضي الزراعية أو حتى أراضى البناء.
وهناك العديد من الشكاوى من المواطنين فى المحافظات بسبب الإهمال والتراخى وحتى فى طريقة التعامل مع الموطنين وهم الذين سارعوا فى تقديم أوراقهم وأموالهم ووثائقهم من أجل تقنين أوضاعهم احترامًا للقانون، وهو ما يضع الدولة.. والحكومة فى محك لتأكيد الثقة بينها وبين المواطنين.
وحتى لا ننسي..
أولًا: إن السبب الرئيسى فى الإهمال والتراخى والفساد فى المحليات كان مرجعه الأساسى الذى أدى إلى التوسع فى التعديات على أراضى الدولة الذى بلغ حجمه وفقا للتقارير الرسمية إلى ما يزيد على ٣ ملايين و٣٧٧ ألف فدان فى الأراضي الزراعية وما يقرب من ٤.٥ مليار متر من أراضى البناء.
وللأسف حدث ذلك رغم أن قانون الإدارة المحلية الحالى وفى مواده الأساسية يعطى للمحافظين اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة لحماية أملاك الدولة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات وللأسف لم يتحرك المحافظون والقيادات المحلية بعد سنوات كثيرة من تعاظم الفساد إلا بعد التعليمات الحاسمة للرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة الحملات الواسعة للإزالة لكافة التعديات مدافعا عن حق الدولة وفتح باب التقنين.
إن الأخطر بعد إزالة التعديات وإعلان فتح باب التقنين للأراضى هو ظهور فجوة بين الحكومة والمواطنين فى تأكيد الثقة التى تعتبر المحك الأساسى ومن هنا سوف تقاس الثقة بمقدار مصداقية الحكومة فى سرعة إجراءات التقنين والمواءمة فى تسعير قيمة الأراضي دون إرهاق المواطنين حى يتحقق الاستخدام الأمثل للأراضى فى الدولة وتعظيم حق الدولة فى استرداد أموالها.
ثانيا: وقد أحسنت لجنة الإدارة المحلية فى مجلس النواب فى متابعتها لهذا الملف سواء بالتشريع فى إصدار القانون ١٤٤ لسنة ٢٠١٧ وكذلك فى مناقشات أسباب التباطؤ من أجل التسهيل على المواطنين واحترامًا لحق إيرادات الدولة وحماية أراضيها. وبعد ان أصبح الأمر كله أمام الجهاز التنفيذى وبالتحديد أمام مجلس الوزراء ووزارة الإدارة المحلية والمحافظين وكل حسب مسئوليته وبالتنسيق مع اللجنة العليا لتقنين واسترداد أراضى الدولة ونحن هنا نذكر بحديث الرئيس بأهمية إعطاء المواطنين حقوقهم مع الأهمية القصوى لاسترداد حق الدولة وتطبيق القانون.
ولعله من المفيد أن تكون هناك نظرة عادلة وإنسانية فى موضوع تقنين الأراضي وتحديد الأسعار على ضوء المساحات والاستخدام وأن يكون هناك تسعير واضح ومحدد لكل المحافظات لتحقيق العدالة للمواطنين.
ثالثا: أن الأمر ليس مرهونا فقط بإزالة التعديات وتقنين الأراضي للمواطنين الجادين فقط ولكن على الحكومة أن تراعى الآتى مستقبلا:-
- ضرورة إيجاد جهاز واحد ومحدد لاسخدام الأراضي وتحديد أسعارها بدلا من توزيع دم الأراضي المصرية التى هى جزء أساسى من مكون الدولة حيث يوجد شيوع فى بيع الأراضي واستخداماتها موزع بين العديد من الوزارات منها «المحليات – الزراعة – الرى – الدفاع – الإسكان – المجتمعات العمرانية الجديدة – السياحة» فضلا عن وزارة الأوقاف التى تمتلك وحدها مساحات كبيرة من الأراضي وملفها المتخم بالفساد.. فهل آن الأوان إلى أن تكون هناك جهة واحدة هى المسئولة عن استخدام الأراضي وبيعها وتحديد أسعارها حفاظا على حق الدولة خصوصا وأن المركز الوطنى لاستخدام الأراضي وغيرها من الأجهزة أصبح فى تناقض وجزر منعزلة على أرض الواقع.
واخيرًا، فإن الأراضى المصرية هى أعز وأغلى ما يملكه الوطن والذى بسببها ارتفعت أسماء الشهداء والمصابين بسبب الدفاع عنها ونحن فى النهاية نريد الاستخدام الأمثل لأراضى مصر التى نريدها الأفضل وطنا من أجل إسعاد المصريين.