الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رئيس «لا يعرف الخوف»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قطعًا نؤمن بحرية الإعلام باعتباره جوهر حرية الرأى إلا أننا استنكرنا ما وقعت فيه قناة «سى بى اس» الأمريكية من أخطاء مهنية جسيمة أثناء التنويه أو بث حوار الرئيس السيسى فى مقابلته مع برنامج «٦٠ دقيقة» المذاع منذ أيام.
فمن خلال تحليل مضمون أداء القناة فى عرض البرومو وبث المقابلة يمكننا القول إن ثمة رائحة من الأكاذيب والأباطيل تفوح من هذه القناة. وردًا على قول البعض ومهاجمتهم زورا لموقف الرئيس بأنه اعترض على اللقاء بسبب الأسئلة وأنه تم مفاجأته بها وما إلى ذلك من الكلام المرسل الزائف، وددت أن أؤكد على أنه من مبادئ إجراء حوار تليفزيونى مع أى ضيف أن يعلم مجموعة من الأمور قبل إجراء الحوار وهذا حق الضيف على أى برنامج وأى قناة ومنها:
١- متى سيتم إذاعة الحوار باليوم والساعة؟
٢- إذا كان الحوار مسجلًا فمن حق الضيف طلب عدم عمل مونتاج وقص ولصق فى إجاباته حتى لا تفقد مغزاها ومضمونها.
٣- سياق البرنامج والحوار إذا كان تقريرًا استقصائيًا أو وثائقيًا أو مقابلة شخصية أو تعليقًا على حدث ما مثلا ويجب عدم تغيير الفورمات المتفق عليها بعد التسجيل لأن هذا مثل العقد والعقد شريعة المتعاقدين.
٤- طول مدة الحوار ومحاور النقاش المطروحة وأحيانًا إذا كان رئيس دولة أو وزير دفاع أو داخلية أو خارجية يطلب الأسئلة كاملة قبل إجراء الحوار للموافقة عليها والاتفاق على عدم الخروج عنها، بل ومن حق الضيف رفض بعض الأسئلة إذا كانت تضر بالأمن القومى لبلده أو أسرار عسكرية أو مخابراتية
٥- هل سيكون هناك ضيوف آخرون فى الحوار أو مداخلات تليفونية للتعليق على الحوار؟
ومن حق أى ضيف فى العالم أن يرفض وجود ضيوف آخرين معه فى نفس الحلقة وهذا يحدث كثيرًا، وكل الإعلاميين يواجهون هذه المسألة. فمثلا لو وزير أو مسئول أو فنان كبير فإنه يشترط على البرنامج أن لا تقل مدة الحوار عن ساعة أو نصف ساعة مثلا ويشترط عدم وجود ضيوف آخرين معه فى الحلقة. فما بالك برئيس دولة؟!.
٦- بعد إجراء الحوارات السياسية بالذات، يجب إذاعتها فورًا لأن المتغيرات فى عالم السياسة سريعة جدًا فمن الممكن تغيير الموقف فى موضوع ما فتصبح إجابات الضيف إما قديمة أو لا تتناسب مع المتغيرات. وبالتالى تضر مصداقية الضيف والبرنامج على حد سواء.
وعندما ناقشت بعض الأصدقاء الإعلاميين فيما سبق لأعرف إجاباتهم من منظور إعلامى موضوعى مهنى تأكدت أنه لم تتم مراعاة أى نقطة من السابق ذكرها وذلك للآتى:
أولاً: تاريخ إجراء المقابلة مع السيد الرئيس كان فى سبتمبر الماضى على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة أى قبل أكثر من ٣ أشهر وهى سابقة لم تحدث من قبل فى تأجيل حوار مع شخصية رفيعة كرئيس جمهورية طوال هذه المدة.
ثانيا: لم تلتزم القناة بالمعايير المهنية للمقابلات التليفزيونية حيث كانت المصادر التى استضافتها القناة تعبر عن وجهة نظر واحدة ومن المعروف انتماؤهم للجماعات المتطرفة والإرهابية ومن ثم افتقدت المقابلة لتنوع المصادر، وهو ما يوصمها بالمقابلة المترصدة للضيف.
ثالثًا: تم عمل مونتاج واضح للأسئلة والإجابات، فلم يتحدث الرئيس فى المقابلة التى لم تتجاوز ١٤ دقيقة سوى ما مجموعه ٦ دقائق فقط.
فهل كان الاتفاق مع الرئيس أن يظهر لـ٦ دقائق؟ وهل ما تم تسجيله معه هو فقط ٦ دقائق؟ أعتقد بالطبع أن الإجابة هى لا، وخلال مدة الحوار كانت كل الأسئلة التى وجهت للسيد الرئيس فى موضوع واحد رغم أن الضيف رئيس دولة تمثل أكبر دول الشرق الأوسط مما كان يستتبع تنوع يغطى محاور عدة وهو ما لم يحدث وبالتالى فهناك مراوغة واضحة وانتقائية لا مبرر لها وهذا غير مهنى وغير موضوعى من البرنامج.
رابعا: إن اعتماد المذيع على تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش واعتباره دليلاً ومصدرًا لسؤاله حول فض رابعة هو افتقار للمهنية وتدليس على المشاهدين حيث سبق واعتذرت المنظمة نفسها عن عدم دقة معلوماتها وتزويرها لأحد شهود العيان فى تقريرها.
خامسًا: تعمد وصف المذيع للجماعات المتطرفة بأنهم معارضون سياسيون للرئيس هو لى لعنق الحقيقة لأن جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها هم معارضون للشعب المصرى الذى لفظهم وما زال يعانى من أعمالهم الإرهابية حتى قبل أيام باستشهاد أحد الضباط المصريين أثناء محاولة تلك الجماعة تفجير إحدى الكنائس المصرية.
سادسًا: اعتمد مذيع البرنامج على استخدام العبارات المطاطة وتوجيه اتهامات للدولة المصرية عبر تضمين أسئلته بأن نواب فى الكونجرس يقولون أو تقارير أمريكية تقول للإيحاء بجدية كلامه المكذوب دون ثمة دليل واحد على وجود تعذيب أو حالة قتل واحدة داخل السجون المصرية أو ثمة دليل واحد على احتجاز عشرات الآلاف كما ادعى المذيع غير المهنى.
سابعًا: هل علم الرئيس سياق البرنامج وأنه تحقيق استقصائى وليس حوارًا منفردًا معه قبل التسجيل؟ أعتقد لا، لأن أى ضيف من العيار الثقيل فى أى مجال يرفض أن يظهر فى تحقيق استقصائى الغرض منه تكذيب كل ما يقوله بلا استثناء. إذن ما حدث هو الاتفاق مع الرئيس على إجراء حوار منفرد، ثم تم تغيير السياق بعد ذلك لتحقيق استقصائى الهدف منه تمرير أفكار معينه. وقد تعمدت القناة إعطاء المصادر التى استضافتها أهمية من خلال قطع لحوار الرئيس وإظهار تلك المصادر فى المقابلة بما يخل بتكافؤ الفرص فى الحوار فتحولت المقابلة إلى ما يشبه التحقيق التليفزيونى.
ثامنًا: استخدمت القناة المشاهد على الشاشة بطريقة تؤدى لتشتيت ذهن المتابعين وهى محاولة متعمده تثبت عدم المهنية.
تاسعًا: استخدمت القناة الكلوزات القريبة مع الإضاءة الخافتة فى محاولة لاصطياد أى تعبير على ملامح وجه الرئيس لتستخدمه القناة فى محاولة إحراج الرئيس إلا أنها فشلت فى ذلك كما فشلت طوال المقابلة أو التنويه عنها قبل يومين فى أن تسىء للسيد الرئيس.
عاشرًا: إن تعمد خفض صوت الرئيس السيسى عن حديثه وتعمد تحريف كلامه عبر ترجمة غير دقيقة كانت آخر المحاولات الفاشلة للإساءة للسيد الرئيس لكنها محاولة ارتدت إليهم ونحرت ما تبقى للقناة والبرنامج من مهنية.
أما مسألة العرق وتعرق الرئيس أثناء إجراء الحوار فمن المعروف أثناء تسجيل أى لقاء، أنه يتم إيقاف التكييف والمروحة لأنهم يصدرون صوتًا يتداخل مع صوت الضيف والمذيع لذلك وفى أثناء التسجيل، يمكن للضيف والمذيع أخذ استراحات بين الأسئلة لشرب الماء مثلاً أو تجفيف العرق بمنديل حتى تظهر الصورة ملائمة تقنيًا إضافة لأنه من الضرورى استخدام بعض أنواع الباودر لوجه الضيف لمنع ظهور أى لمعان لبشرته نظرًا للإضاءة التى تكون محيطة به أما أن المخرج والمذيع يترك الضيف يتصبب عرقًا فهذا لا يحدث حتى فى قنوات بير السلم وهو خطأ تقنى للمخرج والمصور!
هناك كثير من حلقات هذا البرنامج تم تسجيلها مع رؤساء دول وملوك، لكنها تميزت بأنها لقاءات فردية ومدة الحلقة نصف ساعة أو ساعة مع الضيف وليس ٦ دقائق كما حدث مع الرئيس!
ومن الضرورى معرفة أن قناة «سى بى اس» من أهم مموليها صحيفة «الجارديان» البريطانية المملوكة لقطر والتى تصدر من لندن كذلك مكتبها الوحيد فى الشرق الأوسط مقره تركيا وهى المساهم الرئيسى فى قناة TRT التركية وأكبر داعميها مؤسسة قطر للتنمية. 
وما سردناه أعلاه ما هو إلا تحليل مهنى بحت للقاء ولم أتطرق تفصيليا للأسئلة وكيفية رد الرئيس عليها بحرفية عالية ودهاء كبير يليق بحجم مصر ومكانتها كما نوه الرئيس نفسه لذلك فى الجزء المحذوف من اللقاء.
بالفعل الرئيس السيسى أثبت أنه مواطن مصرى بدرجة رئيس جمهورية «لا يعرف الخوف».. إنه يعرف قيمة بلده وكيف يعبر عن شعبه بثبات واقتدار لذلك كسب الرئيس والشعب المصرى وزادت خسارة القناة وبرنامجها الشهير.
حفظ الله مصر وجيشها وشعبها