قررت السفر إلى العين السخنة، هربًا من البرد الشديد فى القاهرة بعد أن انتابتنى لهفة كبرى للبحر والشمس ومزيد من الهدوء، وبعد أن بدأت الطريق نسيت لهفتى للبحر والشمس والهدو، وركزت فى مُشاهدة المشروعات القومية التى يتم إنشاؤها على جانبى الطريق، وكان قرارى الفورى بأن تكون هذه الرحلة لرصد ما تم على أرض الواقع فى «العاصمة الإدارية» و«هضبة الجلالة»، على أن أتفرغ للذهاب لمواقع العمل طوال النهار والعودة لـ «العين السخنة» فى المساء، وفى اليوم التالى جهزت نفسى وخرجت مُصطحبًا معى «الآى باد» لتصوير وتدوين عدد من البيانات والمعلومات، وبعد 20 دقيقة كنت فى قلب «العاصمة الإدارية»، أنظر عن يمينى أجد «الحى الحكومى» والموجود به 18 مبنى وزارة، وأنظر عن يسارى أجد «مبنى مجلس النواب»، وأنظر أمامى أجد «فندق الماسة» بما يضمه من مركز للمؤتمرات، وأنظر خلفى أجد «مبنى دار الأوبرا»، وأنظُر بعيدًا أجد عينى تُشاهد «الحى السكنى» حيث العمارات الهائلة والمخصصة لـ «المنطقة السكنية للشباب»، وأنظر بعيدًا أكثر أجد عينى تُشاهد عمليات إنشاء تسير على قدمٍ وساق فى المدينة الرياضية والمدينة الذكية والمدينة الترفيهية، والحديقة المركزية.
حاولت التركيز على النقطة الهامة التى تشغل الرأى العام حول مصادر تمويل «مشروع العاصمة الإدارية» لدرجة أن أحد الصحفيين الكبار ظن- وبعد الظن إثم- وقال: إن الرئيس السيسى أخد ميزانية الدولة وخصصها لمشروع العاصمة الإدارية، ولا بد له أن يوقف هذا المشروع ويهتم بدعم رغيف العيش، ولهذا أقول: تم تأسيس شركة مساهمة لإدارة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، برأسمال يقدر بـ 6 مليارات جنيه تشارك فى أسهمها «هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية»، وتتولى الشركة تخطيط وإنشاء وتنمية المشروعات بالعاصمة الإدارية الجديدة.
قابلت عددا من العاملين وسألتهم عن الشركات التى يعملون بها، وجميعها شركات وطنية مصرية عامة وخاصة، وتذكرت المهندس محمد عبدالمقصود، رئيس جهاز العاصمة الإدارية، حينما تقابلت معه فى منتصف عام 2017، وقال لى: «كنت نائبًا لرئيس جهاز مدينة الشيخ زايد، وتم ترشيحى لتولى رئاسة جهاز العاصمة الإدارية لإن هذا المشروع على مساحة 170 ألف فدان، وهى نفس مساحة مدينة الشيخ زايد، وجميع الشركات مصرية والعمال جميعهم من الشباب، وجئنا إلى هنا وقيمة الأرض قليلة، وبعد قيامنا بتوصيل المرافق من كهرباء ومياه شرب وصرف صحى وتليفونات وغاز، ارتفعت قيمتها، وبعد البدء فى البناء وتشييد الأحياء والمناطق الجديدة، ارتفعت قيمتها أكثر وأكثر».
ذهبت إلى المنطقة الشاسعة التى توجد بها الكنيسة، والتى كان يتم الانتهاء فيها من وضع اللمسات الأخيرة قبل افتتاحها، وتم تزيين الحدائق المحيطة بالكنيسة، وهذه الحدائق تكفل بتزيينها وتجميلها أحد رجال الأعمال الكبار، مع إنارة أعمدة الكهرباء بالطريق الجديد المؤدى لها، وذهبت إلى منطقة مسجد «الفتاح العليم» حيث العمل الدوؤب استعدادا لافتتاحه، وبعد ذلك خرجت من المنطقة بأكملها مُتجهًا إلى الطريق الرئيسى لـ«العين السخنة»، وما إن وصلت حتى شاهدت محطة توليد الكهرباء الجديدة والخاصة بـ«العاصمة الإدارية الجديدة» والتى افتتحها الرئيس السيسى منذ شهور، والتى تصل طاقتها الإنتاجية لـ4800 ميجاوات، والتى تعتبر فخرا لوزارة الكهرباء المصرية، ولاحظت أن هناك إنشاءات مستمرة لعدد من الطرق الجديدة لربط «العاصمة الإدارية» بعدد من المناطق منها «مدينة بدر وزهراء المعادى وأبو سلطان والقاهرة الجديدة والزعفرانة والفيوم».
فى اليوم التالى، قررت الذهاب لـ«هضبة الجلالة»، ومن أول لحظة شاهدت الطريق الجديد الرائع المؤدى لموقع العمل أعلى الهضبة، حيث يضم 3 حارات يمينًا و3 حارات يسارًا، وعند البدء فى طلوع الهضبة، مررت على 3 محطات جديدة لرفع وتحلية المياه، ووجدت نفسى أمام لافتة تقول: الارتفاع الآن عن سطح البحر وصل لـ698 مترا، ولافتة أخرى تقول «جبل عليان»، وحينما وصلت لموقع العمل كانت سعادتى لا توصف، حجم الإنشاءات ضخم وتدعونا للفخر، آلاف الشباب يعملون باجتهاد ومُصممون على صنع مستقبل أفضل لهم ولوطنهم، مجتمع تنموى حضارى جديد يتضمن جميع الخدمات السكنية والتجارية والتعليمية والسياحية، منطقة تتمتع بطبيعة خلابة ذات طابع سياحى فريد، من حيث الطبيعة الجبلية والساحلية، تضم فنادق وأنشطة ترفيهية، وتوفر تلك المشروعات أكثر من 150 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ومنطقة الألعاب المائية ومارينا الجلالة، ومدينة الجلالة (أعلى هضبة الجلالة)، والتى تشمل جميع الخدمات والمرافق، و«جامعة الجلالة» تحت الإنشاء، والتى صممت على طراز عالمى، وتضم 13 كلية، إضافة إلى مصانع الفوسفات والرخام.
تأكدت أن هذين المشروعين (العاصمة الإدارية والجلالة) سينتج عنهما آثار إيجابية على حركة الاستثمار والسياحة والصناعة، وسيدفعان الاقتصاد المصرى للأمام، وقررت العودة لـ«العين السخنة» وقلت أستمع للكاسيت وأنا أقود سيارتى فى الهواء النقى والبيئة الصحية ودرجة الحرارة المعتدلة، وللصدفة البحتة كانت أغنية (خلصت فيك كل الكلام)، زادت سعادتى أكثر، وظللت أردد الأغنية وفى مُخيلتى صورة الرئيس السيسى الذى بكل تواضع يبنى ويُعمر ويخترق الصعاب، ويُمهد الطريق لشباب مصر.