الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الأقاليم الاقتصادية بالمحافظات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم وجود سبعة أقاليم اقتصادية فى بلادنا تشمل «القاهرة الكبرى – الإسكندرية – قناة السويس – الدلتا – جنوب وشمال ووسط الصعيد» وحيث إن لكل من هذه الأقاليم سماتها وخصائصها الاقتصادية والاجتماعية التى تميزها عن غيرها من الأقاليم ولكل على حدة إلا أن هذه الأقاليم الاقتصادية وما تحتويه من محافظات يكشف عن وجود تباين فى مستويات المعيشة ومستوى الحياة للمواطنين على أرض الواقع.
الكثير من التحديات تواجه هذه الأقاليم من حيث عدالة توزيع الاستثمارات والميزانيات والموازنات الحكومية وحتى من حيث التوزيع لمستوى الخدمات والاحتياجات الضرورية لكل محافظة داخل ذلك الإقليم وهو ما يكشف الفروق الواسعة بين مستويات الحياة للمواطنين ومستويات التنمية المستدامة على أرض كل إقليم.
ولعل قراءة بسيطة ومتأنية للأرقام المعلنة تكشف تلك الفروق ففى إقليم القاهرة الكبرى والذى يضم محافظات «القاهرة – الجيزة – القليوبية» نجد أن هذا الإقليم يحصل على نصيب الأسد فى التوزيع النسبى للتكوين الرأسمالى وكذلك نصيب الأسد فى الناتج الإجمالى المحلي.
يليه بعد ذلك باقى الإقليم إلى أن نصل إلى الوضع الأدنى وفى ذيل القائمة إلى إقليم جنوب الصعيد الذى يضم 5 محافظات «سوهاج – قنا – الأقصر – أسوان – البحر الأحمر» وتأتى المفارقة الثانية فى إقليم قناة السويس والذى يضم 6 محافظات «بورسعيد – الإسماعيلية – السويس – شمال وجنوب سيناء والشرقية» حيث نجد أن هذا الإقليم الأعلى معدلا فى حجم البطالة بين الشباب وبالترتيب الأول حيث يتصدر البطالة عن كافة الأقاليم الستة الأخرى رغم الإعلانات عن المشروعات القومية فى هذا الإقليم سواء فى شرق التفريعة أو وادى التكنولوجيا أو مشروع تنمية غرب خليج السويس وهو ما يعطى مفارقة غريبة ما بين حجم التكلفة للمشاريع فى هذا الإقليم والعوائد الاقتصادية منها فرص العمل.
أما عن محو الأمية فنجد أن إقليم شمال الصعيد يتصدر معدلات الأمية بنسبة تزيد على 22.2 % من معدل الأمية بين الأقاليم الاقتصادية، أما إذا تحدثنا عن معدلات الفقر فنجد أن الأقاليم الثلاثة وسط وجنوب وشمال الصعيد فإنها تتصدر المشهد الخاص بالفقر والفقراء.
ورغم تلك الفروق فى القراءة الأولى للمقارنة والتباين بين الأقاليم الاقتصادية فإننا نجد الفرق شاسعا وكبيرا ولعل ذلك يكشف عدم وجود رؤية متكاملة أو حتى ملائمة فى التخطيط لكيفية تفاعل هذه الأقاليم الاقتصادية سواء فى شمول وضع البرامج أو الرؤى السياسية والاقتصادية من أجل التنمية وانعكاس ذلك على مستوى تقديم الخدمات وتوفير فرص العمل وتعظيم فرص التنمية المستدامة فى محافظات مصر وأقاليمها الاقتصادية.
وبالرغم من أن الدستور فى المادة 27 قد أكد على «أهمية تحقيق النمو المتوازن جغرافيا وبيئيًا والالتزام بالنظام الاقتصادى اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية...» إلا أنه للأسف الشديد لا نجد آلية للتعامل العلمى والموضوعى من أجل تفعيل الأقاليم الاقتصادية بشكل جيد ويكفى أن نشير إلى الآتي:-
1- لم نعد نسمع عن أى اجتماعات بين محافظى الأقاليم الاقتصادية أو حول اجتماعات منفردة لكل أقل إقليم على حدة لوضع استراتيجية للمشاريع التنموية أو حتى التكاملية بين محافظات كل إقليم على حدة.
2- لم نجد أى إشارة أو توجيه من قبل وزارة التنمية المحلية أو التخطيط وحتى وزارة المالية نحو أهمية تفعيل دور الأقاليم الاقتصادية.
3- لا يوجد أى اهتمام من قبل المجموعة الاقتصادية فى مجلس الوزراء بالإشارة أو الحديث أو التوجيه أو حتى التلميح من أجل تفعيل دور الأقاليم الاقتصادية.
4- ومن شديد الأسف نجد الحديث المنفرد من خلال التصريحات الوردية والمتكررة حول أهمية التنمية المستدامة والعمل على المشاريع فى المحافظات والحديث المزين عن دور الأقاليم الاقتصادية.
5- غاب عن برامج الحكومة وتواجهاتها الحديث أو تقديم رؤية مع رجال الأعمال فى المحافظات أو اتحاد الصناعة أو حتى جهاز تنمية المشروعات أو وزارتى الصناعة والتجارة والزراعة عن أهمية التحضير بشكل جيد ومدروس لاجتماعات لتفعيل دور الأقاليم الاقتصادية رغم التصريحات عن مشاريع المثلث الذهبى وتنمية الصعيد وتنمية إقليم قناة السويس ومشاريع المحافظات فى الدلتا وما يسمى بتنمية سيناء وغيرها بينما الواقع يحتاج إلى تفعيل حقيقى للأقاليم الاقتصادية.
إن الأمر بكل جوانبه من أجل تنشيط وتفعيل دور الأقاليم الاقتصادية يتطلب الآتي:
* تدخل رئيس الوزراء ووزير التنمية المحلية ووزراء المجموعة الاقتصادية بأهمية وضع رؤية واستراتيجية وبرامج محددة من أجل تفعيل الأقاليم الاقتصادية خصوصًا وأن معظم المناطق الصناعية فى المحافظات «72 منطقة» تعانى كثيرا من المشاكل التى تحتاج إلى حلول.
* إن الكثير من المشروعات الصناعية والتجارية وحتى السياحية فى المحافظات تحتاج إلى تدخلات وإجراءات عاجلة.
• كما أن الكثير من الصناعات الحرفية المصرية الأصيلة والمعروفة بالحرف التراثية المنتشرة فى المحافظات والتى يصل عددها إلى 47 تجمعا بالقرى والمحافظات المصرية لتصنيع «الفخار – السجاد – الكليم – الزجاج – الشمع – أعمال النحاس – المنسوجات اليدوية – الملابس والعباية – الحصير البلدى – أعمال الخوص والجريد – العقادة وصناعة الخيامية والألبستر وصناعة الأثاث الخشبية» وغيرها هى ضمن ومكون أصيل داخل الأقاليم الاقتصادية وموزعة بين القرى والمدن والمحافظات المصرية بالمحليات ناهيك عن المحافظات التى تملك شهرة سواء فى صناعة الحلويات أو تصنيع الأسماك أو صناعة الموبيليا أو المحاصيل الزراعية والخضر وغيرها من المحافظات التى تمتلك مقومات سياحية.
ولعل كل ذلك سوف يصب فى مصلحة الاقتصاد الوطنى والتنمية وتوفير فرص العمل الحقيقية والمستدامة للشباب فى المحافظات.
فى النهاية فإن فلسفة الأقاليم الاقتصادية ليست مجرد تشكيل جغرافى أو مسميات ولكن يتعاظم دورها من خلال ما تقدمه من إنتاج وخدمات وقيمة مضافة لصالح اقتصاد بلدنا الذى نريده الأفضل، فهل من مستجيب؟.