البدايات دائما هى الأجمل هى نقطة المطر الأولى التى توقظ عصفور الحلم على شجرة الحياة ليصحو من غفوته الطويلة مغردا بما فى قلبه من أمنيات، البدايات هى الضوء الذى نتأمل فيه تفاصيل زهرة عن قرب فنتعلم دقة تفاصيلها وانسجام ألوانها التى مررنا عليها كثيرا بنظراتنا دون أن ننتبه بشكل كاف، لأن الحياة مجهدة بشكل كبير وخطواتنا فيها تتسارع كل يوم والعجلة تدور وتدور ولا تتوقف عن الدوران فننسى أنفسنا. وحينما نتذكرها نقول: غدا، وغدا ننسى لأن الحياة شغلتنا فى منعطف مفاجئ ولذا أدعوكم وأدعو نفسى معكم للابتهاج، لرسم خارطة للفرح أو التفاؤل على الأقل، رغم ثقل الأعباء وتقلب الأنواء، رغم تنكر من أحببنا، رغم عقوق من ربينا. رغم أقراص الدواء الملونة بمعنى الألم والخوف من الشفقة والضعف، رغم التجاعيد التى بدأت فى الظهور ونخفيها تحت طبقات من المكياج رغم الشعر الذى انسحب إلى الخلف أو اختفى بعد أن ارتدى بياضا وانزوى، رغم الوحدة التى نحياها ونحن نتناول الطعام على مائدة واحدة مع العائلة، أو نشرب الشاى مع الزملاء فى العمل، رغم اللغة التى انحدرت على ألسنة أبنائنا وسقطت من عل إلى سفوح مواقع عديدة فى قارة التواصل الاجتماعى الذى فصل أكثر مما وصل، رغم زحام الحافلات رغم حروب الميزانية كل شهر وبنودها المزعجة رغم سخافة بعض الجيران رغم فقداننا لأحبة فى رحلة اللاعودة الأبدية، رغم الألم والوجع والجراح رغم كل شىء. دعونا نحلم لا بل دعونا نرسم ما نحلم به ونسعى إلى تحقيقه فى عامنا الوليد. ليس رفاهية أو تفضلا فلسفيا وإنما حق من حقوقنا فى الحياة، دعونا نتأمل كل ما يؤلمنا وبشجاعة نقول له: لن نسمح لك هذا العام. لن نسمح أن تزعجنا لأننا نستحق الحياة. الأشخاص الذين يكدرون صفونا نبتعد عنهم بضربة فأس واحدة تكسر الخجل ونتعامل معهم بشكل مهذب فحواه، الزموا حدودكم التى تنتهى عند أول نقطة فى مساحتنا الشخصية، دائما هناك وقت مناسب لنضع نقطة ونبدأ من أول السطر.اكتفوا بصباح الخير. مساء الخير ونعدكم بأننا سنحبكم أكثر، تخلصوا من العادات الاجتماعية الثقيلة التى نؤديها فقط كيلا يغضب منا من حولنا أو لا يحسنون تقديرهم لنا، اتركوها فورا إن لم يكن دافعها هو الحب والرغبة فى إسعادهم ماذا سأقدم للآخر وأنا حزين أو متأخر عن عملى أو فى حالة مزاجية لا تسمح لى بأن أخرج للقاء أحدهم؟ وبالطبع هم لن يغفروا لنا حزنا باديا على وجوهنا، ليس بإمكاننا إخفاؤه وسيلقوننا ولسان حالهم يقول: لماذا جاؤوا رغما عنهم؟! ثم يفتحون بابا واسعا للتأويلات والتفسيرات التى تجاوز الحقيقة البسيطة التى هى أننى معتل المزاج أو أن لدى ما يشغلنى أو ما يؤلمني، هكذا تدار الأمور فتضعوننا فى إطار حديدى للعرف، ومن يخرج عنه حتما سيلقى سيلا من الاستجوابات والمضايقات ومن لا يصدقنى يجرب فقط ألا يحضر سبوع ابن اخته أو فرح ابنة الجيران أو عيد ميلاد زميلة العمل. ولذا لابد أن ننتبه جميعا إلى ما يجعلنا سعداء لأن هذا هو ما سيبعد عنا شبح الألم النفسى بما يجره من ارتفاع لضغط الدم أو السكتات الدماغية أو الجلطات لا سمح الله أوعلى الأقل الانخراط فى نوبات بكاء طويل وكثيرا ما نفعل نحن النساء. فى بداية العام الجديد قفوا للحزن بالمرصاد واطردوه بقوة وأسعدوا من حولكم، لأن السعادة ستعود إليكم ببساطة دونما خوض فى تعريفات الكارما أو فلسفة الفنج شوى الصينية أو حتى طقطقة الملح وإطلاق البخور وعلاقة كل ذلك بالطاقة، انظروا إلى طاقة الكلمات. السعادة التى تغزو أرواحنا عند سماعنا ترتيل القرآن بل ترتيله من قارئ تحب صوته وروحانية الترانيم بالكنائس والموسيقى بل الكلمات التى لا نعرف ترجمتها فى أغنيات بلغة أجنبية. ماذا نسمى هذا الذى نشعر به عند سماع من يدعو لنا بالخير. أو يثنى علينا أو يمدحنا.ماذا عن كلمات التقدير والتشجيع المرتبطة بإنجاز فى العمل. لقد أثبت الطب أنها تسبب إفراز هرمون الدوبامين الذى يعد واحدا من هرمونات السعادة. فى بدابة العام الجديد يجب علينا الانتباه إلى ممارسة الرياضة لأن أجسامنا تطلق هرمون الأندروفين أثناءها ليتغلب على الإجهاد ويطلقه أيضا عند الضحك وعند الاسترخاء وعند الصلاة، ويجب علينا أن نعزز العطاء لأن ثالث هرمون من هرمونات السعادة وهو السيراتونين لا يفرز إلا عندما نفعل الخير أو نقدم للآخرين ما يسعدهم. ولهذا أحلم بل ينبغى أن أحلم لا لنفسى فقط وإنما لى ولك. لأنك مشترك معى فى الحلم المشترك معى فى الحياة، كل عام وأنا وأنتم لا نفرط فى أسباب السعادة كل عام وطاقة حلمنا الجماعى تغير الواقع وتتصدى لطاقات الشر والأنانية. كل عام ومصرنا الغالية قادرة على الوقوف فى وجوه أعدائها بشموخ. كل عام ونحن نحميها بأرواحنا المتفائلة على الدوام.
آراء حرة
حلمي حلمك هذا العام
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق