الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عزيزي المواطن.. لا تدعشن عامك الجديد!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحادي والثلاثون من ديسمبر، أضواء على برج خليفة بدبي، ألعاب نارية في سماء لندن أعلى بيج بن، احتفالات وزينة أعلى قمة البرجين في ماليزيا، الجميع يودع عامًا مضى من عمر البشرية بأحزانه وأحداثه الأليمة والفريحة بكل عقائدهم وأجناسهم وألوانهم، فالنفس البشرية السّوية تميل دائمًا للفرح والابتهاج محاولة لتخطّى أي أحزان مررنا بها.
ولكن في مملكة داعش الفكرية حيث ينتمي لها البعض - بالانتساب- دون أن يدركوا أو يعوا، تكون احتفالات العام الجديد مختلفة بعض الشيء، فبمرور كل عام يزداد عدد الأشخاص الذين سيحرّمون التهاني بالعام الجديد بل يبكتوا كل من يحاول التهنئة منتهرين إياه وكأنه ارتكب ذنبًا عظيمًا.
من أين أتوا بذلك التحريم البشرى؟ لا أحد يدرى مصدر ذلك التحريم ولا أحد يعقل أن بشرَا يعطى لنفسه صلاحيات آلهية - حاشا لله- والأغرب أننا نجد بعض من الناس يستجيبون لهم !
فكل الأديان والمعتقدات هي علاقة وحالة خاصة بين الإنسان والله ، كلها تدعو للبهجة والمودة ، أما عن تضخيم الأمور وإثقال كاهل الأمر أكبر من حجمه هو بداية الشطط الفكري والشذوذ العقلي ، فذلك العقل الذي يحرم التهاني برأس السنة الميلادية هو صغير العقل المتطرف، الذي يذبح السائحتين في المغرب ويفجر الأبرياء في مصر، فلماذا إعطاء كل هذا الحجم الفكري لرأس السنة الميلادية وكأنها عيد خاص بفصيل معين أو دين معين؟
فالتقويم الميلادي مجرد تقويم! والتقويم هو نظام عد زمني لحساب التاريخ وهناك تقاويم كثيرة منها تقويم المايا،التقويم اليوليانى، التقاويم القمرية منها الهجرى، أما التقويم القبطي الذي يكُتب على سبيل المثال:- 20 كيهك لعام 1733 ش، هو تقويم خاص بالكنيسة، وحرف ال (ش) تعنى: للشهداء، حيث تحسب الكنيسة تاريخها الخاص بها والشهداء الذين استشهدوا فى تلك السنة من قبل عهد الرومان حتى!
إذا علينا الآن أن ندرك أن التقويم الميلادي ليس تقوميًا خاصًا بأحد، بل إن هؤلاء الآثمين يغتالون الفكرة مستغلين عدم المعرفة الكامل بثنايا الأمور، لبسط أفكارهم التي تبدأ بتحريم التقويم وتحريم التهاني وتحريم الاحتفالات ثم ينسجون الفكرة تلو الأخرى فيصبح لديهم منهجًا كامل من التحريم والتحليل البشرى يستطيع أن يغتال الدول ويلتهم الشعوب والبشرية ويأكل الأخضر واليابس كالجراد!
إن التديّن الحقيقي وأتباع الأديان السماوية لا يتركون كبائر الأمور مثل الأمانة وعدم الكذب والاجتهاد والخير والمودة والنهوض بالمجتمع ومساعدة البسيط ويجعلون من صغائر الأمور قضايا دينية ليس من شأنهم التعدي على صلاحيات الله فى تناولها.
ففي بداية التحول العقلي للمتطرف يستنكر مشاهد الذبح والاغتصاب والإرهاب ولكنه يرى أن تحريم التهاني وما إلى ذلك شيئًا سديدًا ويستحسنه ولكنه سرعان ما يتحول إلى ذلك المتطرف الذي يذبح ويقتل، فالسيف وإباحة الدماء هما أخر مراحل الشطط العقلي.
إن الغرض الأساسى من نشر التطرف الفكري، ونشر الغضاضة ومنع التهاني والاحتفالات هو التفرقة بين الناس وخلق حالة ملبدة بالغيوب والتوترات والنزاعات والتمييز أملا في غرض سياسي ألا وهو تفكيك المجتمع ونحره وتدميره حتى يتسنى لهم إقامة البنيّة التحتية لغابتهم.
عزيزي المواطن.. إذا وجدت نفسك تستحسن تحريمًا بشريًا وتعطى لتلك الأمور الصغيرة أكبر من حجمها فاحترس إنها أول أعراض المرض، إنها أرض الألغام التي يصعب الرجوع منها.
وكل عام ونحن جميعًا شعب واحد في مصر الغالية بخير.