رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الذبح في المغرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إصرار عجيب على تصدير كل ما هو قذر وحقير ومتناقض مع الإنسانية، هى ذات اللحى المغموسة بالدم وهو ذاته الفكر المتطرف يضرب من جديد، هناك فى المغرب التى عهدناها قبلة للسياحة والطبيعة والجمال، يخرج منها سكين فى يد قاتل بشع وجاهل يسعى إلى الجنة بقطع الرقاب والاغتصاب، ترتبك الدنيا عند اغتيال البراءة، سائحتان دون ذنب فقدتا حياتهما فى جريمة متكررة، نشهد تتابع فصولها يومًا بعد يوم فى مناطق مختلفة من عالمنا العربى الموبوء بعصابات التطرف، بل تزيد تلك العصابات من فجورها بإعداد سيناريوهات مقززة لجرائمها، فعندما تم ذبح أقباط مصريين على شاطئ البحر فى ليبيا حرص المجرمون على تصوير مشهد سينمائى لعملية الذبح وعندما أقدمت عصابة المغرب على ذبح السائحتين حرصت على الاغتصاب قبل القتل، كل هذا العنف يخرج إلينا ملتحفًا بغطاء يقولون إنه ديني، وأشك بل أجزم أنه لا يوجد دين على الأرض يدعو للفناء، لا يوجد فكر فى الدنيا يتجه للهدم، هذه العصابات المجرمة هى عصابات مجرمة وفقط، لذلك فالتعامل معها لا يحتمل أنصاف الحلول ولا يتطلب البحث عن مراجع فقهية ليفلتوا بجرائمهم.
شربت الأرض من دماء الأبرياء واكتفت، فلا تجتهد فى البحث عن بيان للأزهر يدين حادث المغرب ولا تعصر ذهنك للبحث عن مرجعيات فكرية تدحض فكرة الذبح والقتل عند هؤلاء المجرمين. وصل بنا الحال للشك فى مقولة أن الإرهاب يبدأ فكرًا، تلك المقولة التى آمنا بها وكان أول من صكها فى أدبيات مواجهة التطرف هو المؤرخ الراحل الدكتور رفعت السعيد، نعم هى بديهية وأن يواجه الفكر بالفكر ولكن أى فكر هذا الذى يستبيح الذبح تقربًا لله سبحانه وتعالى.
نجح المتطرفون بامتياز فى أن يدفعوا العقلاء منا لاعتبار جرائمهم الممنهجة هى جرائم فقط وأنه لا جدوى من الحوار والبحث والتأصيل والرد، الجرائم التى تستبيح المصلين فى مسجد الروضة ببئر العبد فى سيناء وتستحل جسد السائحتين فى المغرب اغتصابًا وقتلًا وتهدر دم الأقباط فى المنيا، الجرائم التى أسست لما يسمى بدولة داعش وبسببها تم تدمير دولتى الحضارة سورية والعراق، تلك الجرائم ما عاد يجدى معها مؤتمرات الحوار؛ لأنها لا تمتلك عقلًا للتفاهم، تلك الجرائم دفعت جميع الضحايا المحتملين أن ينتظروا الردع الحاسم من المجتمع الدولى قبل حكوماتنا المحلية.
ولأن الإرهاب فى سنواته الأخيره صار بوابة رزق، ووجد ملاذات آمنة من دول يعرفها المجتمع الدولى جيدًا فصار من حقه الذبح على كل شبر تصل إليه قدماه، الملاذات الآمنة التى أول ما نشأت رأيناها فى أوروبا رأيناها فى لندن بالتحديد وبعدها انتشرت العدوى حتى أن دولًا مثل تركيا مؤخرًا صارت تتفاخر بإيوائها لأكبر عدد من الإرهابيين الصادر بحقهم أحكام إعدام نهائية فى بلدانهم.
سوف تتكرر جريمة المغرب التى هى ليست ببعيدة عن جريمة معبدالدير البحرى بالأقصر التى شهدناها بمصر قبل سنوات، ومع تكرارها تأتى كتابة المقالات بصياغات مختلفة وزخارف جديدة معتقدين أننا ككتاب وصحفيين فعلنا ما علينا، الحقيقة هى أنه حتى الآن لم تفعل أى جهة ما عليها فى مواجهة طاعون العصر، حتى جهود الجهات الأمنية والقضائية ما زال ينقصها الحسم الشجاع، أما عن تداول المعلومات الاستخباراتية عن الإرهاب بين الدول المختلفة فحدث ولا حرج، فمعظم العصابات الإرهابية هى تحت رعاية أجهزة استخبارات بعض الدول.
فلا عجب من إعادة إنتاج التخلف طالما لا توجد إرادة إنسانية عامة لاقتلاع هذا الشر، طالما هناك مصالح وبترول وخيانات وجهل سنقرأ من جديد عن كارثة ما فى مكان ما ثم نتحسس رقبتنا أنها ما زالت بخير ونواصل بعدها يومنا العادي.