لا ينكر أحد أهمية قارة أفريقيا للعالم كله، وليس لقارة أوروبا فحسب، فهى تحوى سوقًا كبيرة تضم 1.2 مليار شخص، وتحتاج إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة معها، وقد أكد الرئيس السيسى خلال كلمته بالمنتدى الأفريقى الأوروبى بالعاصمة النمساوية فيينا على ضرورة زيادة الاستثمارات الأجنبية بأفريقيا فى مجال التحول الرقمى وتيسير شروط الائتمان الأفريقية، وأكد على تطلعه لتبادل الخبرات والمعلومات فى مجال تكنولوجيا المعلومات وتفعيل الشراكة بين القطاع العام والخاص، والعمل على ربط الدول الأفريقية ببنية تحتية تؤمن جودة الاتصالات وسهولة نقل السلع والخدمات. وتُعد زيارة السيسى إلى النمسا، والتى التقى خلالها المستشار النمساوى فيكتور أوربان، فى لقاء هو الثالث بينهما، والأول فى العاصمة النمساوية فيينا، وعقد لقاءات أيضًا بعدد كبير من رؤساء أوروبا وأفريقيا ورؤساء الحكومات.
ومن جانب آخر فإن الشراكة بين أفريقيا وأوروبا تدعم مصالح الجانبين، كما أكد زعماء الدول الأفريقية والأوروبية - المشاركين فى فعاليات «منتدى التعاون الأفريقى - الأوروبى بالعاصمة النمساوية (فيينا) على مدار 4 أيام، كما طالبوا بضرورة تعزيز الشراكة الاقتصادية لدعم التنمية «المستدامة»، ومواجهة الهجرة غير الشرعية من القارة الأفريقية إلى أوروبا، وأن العمل لا يقتصر على الهجرة غير الشرعية التى زادت فى الفترات الأخيرة بسبب سوء الأوضاع المعيشية فى بعض البلدان الأفريقية وربما لعدم وجود مناخ صحى يساعد على التقدم والتنمية، ومن أجل ذلك فالمساعدات المقدمة من دول أوروبا عبر منظماتها المختلفة لا تعد الحل الأمثل لمواجهة مخاطر الفقر المتنامية فى أفريقيا، وإنما لابد من زيادة جهود الاستثمار والتنمية، وايجاد الوظائف فى القارة السمراء!
كما أن الشركات الأوروبية يمكن أن تلعب دورًا أكثر أهمية من الحكومات فى دعم الوظائف والاستثمار فى أفريقيا، خاصة أنها تحوى 1.2 مليار شخص، وتحتاج إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة.
ومن جانب آخر فإن تعزيز الأمن القومى المصرى والعربى والأفريقى، وبما يحقق المصالح الوطنية المصرية والعربية والأفريقية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية والتنموية والسياحية وغيرها، كانت من أهم أهداف القيادة المصرية حيال توطيد علاقاتها مع دول العالم المتقدم للاستفادة من الخبرات والتجارب المتقدمة لديهم، خاصة أن دولة النمسا يبلغ عدد سكانها 8 ملايين نسمة بينما يأتى إليها 40 مليون سائح سنويًا! وهذه التجربة أولى بالدراسة والاهتمام. وعلى الصعيد السياحي، فازت النمسا بمشروع التوأمة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مجال السياحة، والذى تم توقيعه فى مصر فى فبراير 2007، ويهدف إلى تطوير آليات تنشيط السياحة.
وتُعد مصر ضمن أهم ست وجهات سياحية يقصدها السائحون النمساويين فى الخارج حيث تزايد عددهم فى السنوات الأخيرة، كما يتولى الجانب النمساوى تدريب سائقى الحافلات السياحية لضمان تمتعهم بالكفاءة والمهنية التى توفر الأمان للراكبين لتقليل حوادث تلك الحافلات، وذلك فى إطار مشروع إنشاء مركز تدريب تابع لوزارة السياحة حيث قد فاز به نادى السيارات النمساوى فى يونيو عام 2009، بالإضافة إلى طرح رؤية مصر الثاقبة والناجحة فى ملف مكافحة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله وأهمية أن يكون للمجتمع الدولى دوره فى مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التى باتت تمثل خطرًا داهمًا على الأمن والسلم الدوليين إضافة إلى طرح مصر لملف مسيرة السلام فى الشرق الأوسط والقضايا الراهنة داخل المنطقة العربية.
وتتمتع مصر بعلاقات قوية مع النمسا سواء على الصعيد السياسى أو على الصعيد الاقتصادي، وتربط بينهما عدة اتفاقات ساهمت فى دفع العلاقات بينهما للأمام.وتعزيزًا لعلاقات مصر مع النمسا انتهى منتدى أفريقى أوروبى فى العاصمة النمساوية فيينا بمكاسب كبيرة لمصر تدفعها إلى الأمام فى المستقبل القريب. وخلال المنتدى الناجح، تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين مصر والنمسا، بالإضافة إلى أن الرئيس السيسى، دائمًا يحمل هموم وآمال وطموحات الدول الأفريقية لطرحها أمام العالم فى مثل هذه المنتديات، ويحكم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والنمسا عدد من الاتفاقيات تغطى كل المجالات، وعلى رأسها اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، واتفاق تجنب الازدواج الضريبى ومنع التهرب من الضرائب المفروضة على الدخل ورأس المال، واتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات، وبروتوكول تعاون زراعي، واتفاق بين الغرفة الاقتصادية النمساوية وجمعية رجال الأعمال المصريين بشأن تأسيس مجلس رجال أعمال مصرى نمساوى مشترك، واتفاق بين حكومتى مصر والنمسا بشأن التعاون الاقتصادى والفنى والصناعى والتكنولوجي.
فقبل نحو 22 عامًا، تم توقيع اتفاق التعاون الاقتصادى والصناعى والفنى والتكنولوجى بين البلدين فى القاهرة، فى الثانى عشر من سبتمبر عام 1996، وتم تأسيس اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والفني، وفى نوفمبر عام 2006 تم تأسيس مجلس رجال الأعمال المصرى النمساوى، وذلك من أجل تنشيط علاقات التعاون بين البلدين فى جميع المجالات، وقد تم عقد أربع دورات للمجلس بالتبادل بين مصر والنمسا كان آخرها فى الفترة فى منتصف مارس 2009 بالقاهرة.
مصر تتقدم إلى الإمام فى خطوات ناجحة وثابتة ونحتاج إلى توطين التكنولوجيا فى كل مناحى الحياة، وفى المحافظات وكل مجالات العمل والإنتاج لتحقيق تقدم اقتصادى واجتماعى كبير يوازى تقدم الدول الأوروبية ومصر تستطيع بإذن الله.