على بعد 30 كم من مدينة مرسى علم جنوب محافظة البحر الأحمر، يقع منجم السكرى بالصحراء الشرقية، وهو أحد المناجم الفرعونية القديمة، وتدل الآثار على استغلال الفراعنة والرومان له، كما عمل الإنجليز على استغلاله، وكان المنجم الحكومى الوحيد حتى توقف الإنتاج به عام 1958 لانعدام الجدوى الاقتصادية وانخفاض تركيز الذهب في العروق الباقية بالنسبة لسعر الذهب، وتبلغ أبعاد الجبل نحو 3 كم طولا، بعرض 500م ومتوسط ارتفاع 285 مترا.
جدير بالذكر أن "السكرى" مرشح لأن يحتل مرتبة بين أكبر 10 مناجم ذهب على مستوى العالم، والذى تستغله "شركة السكري" وهي شركة مشتركة بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية وشركة "سنتامين مصر" التى يملكها رجل أعمال مصري، ويعتبر منجم مصر الأول للذهب في العصر الحديث.
العمل يمشى هنا بإنتظام كعقارب الساعة، الكل يعرف موقعه ودوره والمطلوب منه خليه نحل متكاملة "البوابة" فى رحلة لقلعة الذهب على بعد 800 كيلو متر من القاهرة، رصدت من خلالها مراحل تصنيع الذهب من لحظة تفجير الصخور حتى مراحل الصب والتصنيع.
يقول الجيولوجى محمد أحمد رمضان والذى يعمل بالمنجم، نمتلك معدات قيمتها تتجاوز الـ 300 مليون دولار، كما نستهلك يوميًا أكثر من 50 طنا من المتفجرات، لتفجير ربع مليون طن من المادة الخاص لنستخرج الذهب، حيث نستخرج يوميًا ما يقرب من 220 طنا من الخام والويست، نستخرج منهم 40 كم دهب يوميًا مايتجاوز طن من الذهب شهريًا.
يضيف قبل عملية التفجير يتم حفر آبار بمساحات معينة بحيث يتم معرفة كل منطقة وكميات الذهب الموجودة بها بكل دقة، ثم يتم إرسال العينات للمعمل بحيث تأتى مرة أخرى خلال 24 ساعة وبعد ذلك يتم التفجير حسب المساحة المحددة على أن يتم نقلها عن طريق فرق متخصصة على أن يتم فرز الصخور المتفجرة وتصنيفها ذهبا أو ويست بمعنى لا يوجد بها ذهب.
أولى الخطوات بعد أخذ إجراءات السلامة داخل المنجم، كانت عملية التفجير بالطرق العلمية التى تقوم على خلخلة الصخورة والأحجار فى الأرض من مكانها حتى يسهل على المعدات نقلها إلى الطحن والفرز، حيث هناك نوعان من التفجير، وذلك من خلال قطع الحائط عن البينش حيث يتم عمل مدرجات فى أعمال القطع، أما التفجير الثانى والإنتاج عن طريق تفجير الأرض وإحداث خلخلة دون تحريك الخامة من مكانها وهذه التقنية هى أحدث تكنولوجيا التفجير على مستوى العالم، مشيرا إلى أنه بعد عملية التفجير يتم حفر الآبار، بعد انتهاء عمل المساح الذى يحدد مساحة التفجير على الأرض، ثم يتم حقن الآبار ثانى يوم من التفجير ثم يتم ردمها، ويأتى بعد ذلك دور الجيولوجى والتعدين لتحديد الخامة التى سيتم نقلها.
ثم تصل المادة الخام فى منطقة التخزين، حيث يتم تجميع خامة الجرام الواحد مع بعضها والخامات الأخرى مع بعضها، ثم يتم بعد ذلك تجميع الخامة فى الكسارة ويتم طحنها من متر ونصف إلى نحو 4 سم لأنه كلما تم تصغير الحجم كلما كانت فرصة الحصول على الذهب أكبر.
يمتلك المنجم كسارتين كل واحدة تقوم بطحن ما يقرب من 1800 طن صخور فى الساعة بإجمالى 3600 طن فى الساعة للكسارتين، وذلك لأحجام متر ومتر ونصف، كما يوجد كسارتين أخرتين للاحجام 4 سم، وتتواصل مراحل إنتاج الذهب حيث يتم طحن الصخور لتدخل الغلايات لتضاف المواد الكيماوية لاستخراج الذهب الخام منها، وصبها بعد ذلك على قوالب فى شبه مدرجات تكون الدرجات الثلاث الأولى منها ذهبًا وما دونها شوائب يعاد صبها مرة أخرى، ليتم إرسال السبائك بعد ذلك إلى كندا لتصفيتها.
يبلغ احتياطى المنجم 15.7 مليون أوقية وهى من أكبر الاحتياطيات فى العالم حيث سيتم تعدين 1300 مليون طن على مدار عمر المنجم.
ولكن بالفعل تبدو عملية التنقيب عن الذهب صعبة جدا ومكلفة، حيث إن طن الصخور ينتج نحو حوالي 3 جرامات فقط من الذهب، ويصل وزن الصخرة الى ما يقرب من طن، والذهب يكون عبارة عن ذرات ملتصقة في هذه الصخور، يتم تكسيرها إلى قطع صغيرة حتى تتحول إلى تراب، يتم غسله بالمياه لتظهر تلك الذرات الصغيرة.
يضيف العميد عصمت الراجحى، مدير عام الأمن والعلاقات العامة بشركة سنتامين المالكة لشركة السكرى لإنتاج الذهب، أنتجنا خلال العام الماضى 540 ألف أوقية، ومن المتوقع أن نصل هذا العام إلى 500 ألف أوقية يصل متوسط سعر الأوقية حاليا 1220 دولار.
وأشار إلى أن الشركة لديها حجم عمالة مباشرة تصل إلى 1600 عامل وجيولوجى، وما يقرب من 3000 عمالة غير مباشرة بالإضافة للتعاقد مع 25 شركة مقاولات من بينهم 5 شركات أجنبية، كذلك التعامل مع 1200 مورد، يتم تجهيز 4 وجبات للعمال يوميًا أى ما يقرب من 16 ألف وجبة يوميًا.
أضاف "الراجحى" العمل فى مجال التعدين صعب ومليء بالمخاطر ولا يقوم به سوى الشركات الكبيرة التى تمتلك الخبرة، مشيرا إلى أن شركة سنتامين صرفت ما يقرب من 98 مليون دولار لعمل أبحاث على جبل السكرى قبل بدء عمليات التنقيب به، كذلك تمتلك الشركة 3 مواقع أخرى خارج مصر فى إفريقيا واستراليا، وكان من الأولى ضخ تلك الأموال للعمل فى مصر إلا أن هناك معوقات كبيرة
وأكد أن هناك 10 شركات وقعت اتفاقية من الدولة إلا أنها لا تستطيع بدء العمل رغم وجود أكثر من 200 موقع يمكن العمل بها بسبب تلك المعوقات.
واستشهد مدير عام الأمن والعلاقات العامة بشركة سنتامين، برجل الأعمال سميح ساويرس الذى إستثمر ما يقرب من نصف رأس ماله فى مناجم الذهب فى افريقيا، بسبب المعوقات التى تواجهنا مع مسئولى قطاع التعدين، قائلًا "لايريدون سوى المال دون تذليل العقبات"، واضاف: نخسر سنويًا ما يتراوح بين 10 إلى 15 مليون دولار مؤكدًا انه أصبحت لدينا وفرة فى العمالة المدربة المطلوبة فى كافة مناجم العالم لتميزهم وتفوقهم على الجنسيات الأخرى، قائلا "لدينا من الكوادر تستطيع تشغيل 20 منجم"، حيث تم تدريبهم وصرف مبالغ مالية طائلة عليهم، مضيفا فى بداية العمل داخل منجم السكرى كان لدينا 600 عامل اجنبى، أما حاليا لا يوجد سوى 50 عاملًا فقط والباقى مصريون 100%.
وطالب "الراجحى" بتشريع قانون للتعدين جاذب للمستثمرين ويساعد فى فتح استثمارات جديدة، وذلك بالتشاور مع العاملين بالقطاع، مشيرًا إلى أن عدم وجود منجم غير "السكرى" دليل على عدم وجود قانون جيد للتعدين.