الجمعة 01 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

شرعية دستورية واجبة الاحترام..

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ضربت الهستيريا قيادات الإخوان وحلفائهم وجعلتهم يخوضون معارك تخلو من أية رؤية يمكن أن تحقق لهم مصلحة من أى نوع، بل أنها كلها تُنفّر الجماهير منهم وتروعهم مما يفعلون! والأخطر بالنسبة لهم أنها تقطع عليهم فى المستقبل خطوط العودة لنيل ثقة الناس مجدداً!!
وقدانكشفوا وأصبحوا كتاباً مفتوحاً حتى أمام عامة الناس! وانظر إلى التليفزيون أو اذهب إلى المقهى، أو اركب المترو أو الأتوبيس أو التاكسى أو المايكروباص، لتسمع كيف اتفق الجميع على أنهم كانوا مخدوعين فى الإخوان عندما أملوا فيهم خيراً، ولكنهم صُدِموا فى فشلهم ومؤامراتهم واستبدادهم وفسادهم وجشعهم وأكاذيبهم اليومية، واكتشفوا أن كل جهودهم لصالح الأهل والعشيرة حتى إذا تعارضت مع مصالح الوطن والجماهير العريضة! فأفاق الناس وتعاهدوا على ألا يكرروا الخطأ مرة أخرى، ما عدا القلة القليلة المنظمة والقلة الأٌقل التى تُصرّ على إغماض العين، إضافة إلى أعداد ممن أصيبوا بعمى الألوان السياسى ولم يعودوا يعرفون كيف تكون الأولويات فى عالم السياسة!
وكانت أوضح علامة على إفاقة الشعب ما حدث فى التصويت على الدستور، ليس فقط فى النتائج المبهرة غير المسبوقة التى لم يتجاسر أحد أن يطعن فيها بدليل يقبله العقل، ولكن أيضاً فى ملابسات التصويت والأجواء التى أحاطت به والتى أخذت أشكالاً احتفالية لم يكن يتوقعها أحد، حتى قبل إعلان اية مؤشرات للتصويت، وكأن الناس على درجة عالية من الثقة وهم ذاهبون إلى التصويت، ثم وهم خارجون من اللجان، بأن الخلاص من الإخوان صار وشيكاً، وأن هذا التصويت هو الأداة المنجزة السريعة، وأنه من حق من شارك فى هذا الإنجاز أن يُعلن عن فرحته!
ومن نقاط الاتفاق العام بين الناس أن مخطط الإخوان الثابت هو أن يتعمدوا تغيير بؤرة الاهتمام الجماهيرى، من واقع يفضحهم أو خسارة تلحق بسمعتهم، إلى اضطرابات تجبر الناس على ترك الموضوع الآنى والالتفات إلى الفعل الجديد!
وكان آخر تجليات هذه العبقرية الإخوانية بعد ساعات من انتهاء التصويت على الدستور واتضاح المؤشرات التاريخية الاستثنائية، أن بدأ الشغب فى جامعة القاهرة وتصاعد بصورة غير عادية اكتنفتها جرائم غير مسبوقة، مثل اقتحام مكتب عميد كلية الحقوق وتحطيم الأثاث والمحتويات وإلقائها من النوافذ، واستخدام السلاح الذى أدّى إلى سقوط طالبين قتيلين وعشرات الجرحى، وكالعادة وجه الإخوان اتهامهم سابق التجهيز إلى الشرطة أنها هى القاتلة حتى قبل أن تظهر الشرطة فى المشهد، وحتى قبل أن يُجرَى أى تحقيق!
وهذا هو السيناريو المعتمد لدى الإخوان الذى يلجأون إليه كثيراً، فلقد أسرعوا إليه غداة قرارات 3 يوليو التى استجابت فيها القوات المسلحة، مع ممثلى القوى السياسية الأخرى مع فضيلة شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأورثوذكسية، لمطالب ملايين المتظاهرين فى الشوارع والميادين منذ ما قبل 30 يونيو، فذهب الإخوان إلى استفزاز الحرس الجمهورى بحصار مبناه ثم باللجوء إلى العنف الذى أدى إلى دفع الأحداث إلى ما وصلت إليه، وهو موضوع يحتاج لتحقيق منفصل لتبيان المخطئ ومحاسبته على وقوع القتلى بالعشرات.
ورغم كل هذا التشتيت، لم يُفلح الإخوان فى مخططهم، وجاءت النتائج العظيمة فى التصويت على الدستور لتصبح موضوعاً للدرس والتمحيص واستخلاص النتائج، وكان من أول المفاجآت أن أكثر الأماكن المظنون أن بها تأييدأً ساحقاً للإخوان كانت معارضة لهم بشدة! ففى فرنسا جاءت نسبة الموافقة على الدستور 98,47 بالمئة، بما يثبت أن أقلية لا تُذكر هى التى كانت وراء كل الصخب الذى حدث هناك ضد كل صاحب رأى معارض لهم فى محاضرة أو ندوة، وأن هذه الأقلية هى صاحبة جريمة اقتحام القنصلية المصرية واحتلالها إلى أن دخلت الشرطة الفرنسية وفضّت تجمعهم بالقوة! (لاحظ أنهم امتثلوا لاستخدام الفرنسيين للهراوات التى أصابت بعضهم بجروح بالغة ولم يعترضوا على عنف الشرطة الفرنسية فى التعامل مع المتظاهرين الذين لا يحترمون القانون!)
وكانت المفاجأة الثانية فى قطر، حيث كانت الموافقة 97 بالمئة، وهم فى عقر دار مدبرى الفتنة ناشرى السموم اليومية ضد ثورة الشعب المصرى، التى تهافتت إلى حد تكفير من يذهب إلى التصويت، والتى أوقفت الملايين الكثيرة للإنفاق على المنتمين لفكر الجماعة وعلى عدد من مرتزقة الفضائيات الذين يؤيدون إلى أقصى مدى من يدفع أكثر!!
هذا الفوز المعتبر للدستور يثبت حقائق ويُرتب مسئوليات، فمن الحقائق أن الشعب قرر اعتماد توصيف الجماعة بالإرهاب، بما يعنى إخراجها من خانة المنافس السياسى ووضعها فى خندق العصابة الإجرامية التى ينبغى أن يختلف التعامل معها عن التعامل مع المنافسين سياسياً، وذلك حتى يتخلوا عن رفع السلاح وممارسة العنف، وحتى يعملوا على تقديم يد العون للعدالة بتسليم المجرمين وتوفير المعلومات عن تفاصيل المخططات الإجرامية: مموليها وقادتها ومنفذيها..إلخ! وعلى أن يخضع تنظيمهم الجديد للدستور والقانون فيتخلص من أية شبهة للقيام على أية أسس دينية، وأن يلتزم بالسلمية وبمنع التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية!
هذا الدستور انجزته لجنة حظيت بأكبر توافق فى تاريخ مصر، كما أنه نال أكبر نسبة تأييد بأكبر عدد من المواطنين، وحتى قبل أن يتطور ليليق بالثورة المصرية العظيمة فهو واجب الاحترام والاتباع.

ahmadtawwab@gmail.com