على الأمهات الصغيرات ألقى التحية، وللجدات الحبيبات السلام، وعلى الجميع مشاركة الأمر لأن به ما يهم مستقبل أطفالنا بل مستقبل وطن بأكمله. فأطفال اليوم هم شباب الغد ورجال ونساء المستقبل. حصننا وحصاد عمرنا وعكازتنا فى الكبر. هم روحنا الطيبة وبياض قلوبنا وفرصتنا الثانية فى الحياة التى منحنا الله لنا كأمانة وهبة وسعادة حتى وإن امتزجت بوجع ما. لعلنى انزعجت من محادثة تليفونية عابرة فى الميكروباص، بين سيدة منتقبة وأختها كانت السيدة منفعلة ترغى وتزبد وتتهمها أنها لم تحسن تربية ابنها كيف يقبل ابنتها وهما يشاهدان الكارتون عند جدتهما؟ وأخبرتها أنها لن تسمح له ثانية أن يلعب معها. وأن جدتهما ضربت كل منهما بعد أن فرغت من صلاتها وأن ابنها ما زال هناك يبكى، ويقول إنه لم يفعل شيئًا خطًأ لكى تضربه جدته. وقالت أيضا أنها لا تريد لزوجها أن يعرف شيئًا عن الأمر، ثم أنهت المكالمة بجملة «حاجة تقرف فى أولى ابتدائى وبيعمل كده إمال لما يكبر هيعمل إيه؟ قلة أدب».
كهذا أنهت السيدة مكالمتها وأنا جالسة لا أتحدث فقط تذكرت ما حدث مع ابنى أيضا حينما كان فى السنة الأولى للحضانة، حينما تركت معلمته الفصل لبعض الوقت وجعلت زميلة له تراقب التلاميذ وتحرسهم حتى تعود هى ربما من الحمام ربما من مكان آخر لا أتذكر المهم أن التلاميذ قاموا بالواجب مع زميلتهم كما ينبغى كقرود فى غابة فما كان من التلميذة اليائسة إلا أن انفجرت فى البكاء بصوت عال، وما كان من ابنى سوى أن يطبق ما نفعله نحن الكبار فى مثل هذه الحالات مع أطفال العائلة الصغار ألا وهو الطبطبة ومحاولة تهدئة الطفل الباكى بقبلة على خده. وعادت المعلمة لتعرف ما حدث وتضربه ضربًا مبرحًا، وما كان منى إلا أن ذهبت إلى الحضانة ومعى مديرة المدرسة ودخلنا إلى فصل ابنى فى حضور المعلمة التى كان لديها ما تقوله ولم أسمح لها بأى كلمة فقط ناديت ابنى ليقف وقلت له ماذا يحدث حينما نرى أحد الصغار يبكى قال لى نطبطب عليه ونقبله فى خده حتى يهدأ. فقلت له ومن علمك ذلك قال كلنا فى البيت نفعل ذلك وأنت وتيتة وجدو. فقلت له وماذا حدث هنا قال لى أبلة ضربتنى عشان سكتت أختى لأنها صغيرة كان يقصد أنها نحيلة وصغيرة جسديًا بدرجة ملحوظة فصارت من وجهة نظره أصغر منه ودخلت فى فئة الصغار الذين يمكن تقبيلهم فقالت المعلمة: دى مش أختك. فقلت للأطفال جميعا كلكم أخوة وزملاء تلعبون معا وتفرحون معا وتساعدون بعضكم البعض. والقبلات تكون لأفراد عائلتك فقط، أعنى أمك وأبوك وأختك وأخوك، وهنا أقصد أخى الذى اسمه يشبه اسمى ويعيش معى فى البيت، ويقول لأبى يا بابا ويقول لأمى يا ماما. هم فقط وليس لأى شخص آخر. لا قبلات فى أى مكان خارج البيت. ولا لأى شخص خارج إطار عائلتك. ناديت المعلمة خارج الفصل وقلت لها أمام المديرة أنت غبية. جلدت الولد وكانه اغتصب زميلته كيف تتعاملين مع هذه البراءة بهذا الجمود والتزمت. أعتقد أن براءة الإجابات أخرستها ونظرات المديرة أحرجتها ومر الأمر لكنى لم أتحدث إليها أبدًا حتى بعد أن اكتشفت أنها جارة أمي.
تشابه الموقفان مع الفارق الزمنى فقد حدث ذلك من أكثر من خمسة عشر عاما تطورت فيها التكنولوجيا وزادت فيها قنوات الأطفال وزادت علينا أعباء الحياة وانشغلنا طويلًا طويلًا وتركنا أطفالنا أمام التليفزيون بقنواته العديدة بثقافاته المختلفة دونما رقابة فما هو طبيعى فى إطار ثقافة أوروبية ربما لا يكون مناسبًا لنا بل كثيرة لا يكون كذلك ولنا فى عائلة جامبل خير مثال هدام لصورة الأب وتعامل أطفاله معه. ولنا فى عائلة سبمسون أيضا وقفات ووقفات. الأب هو الراعى والحامى وعماد الأسرة وهيبتها. ربما فى أساطير الهند ما يشوش التفكير حينما تختلط الحكاية بالأسطورة ربما يعتقدون أيضا أن التنانين فى الصين حقيقة والعناكب متوحشة. وأن أساليب التعامل فى المدرسة الأمريكية كما يقدمها الكارتون موائمة لمدارسنا كل ذلك، وأكثر نترك أطفالنا لسيطرته. علينا أن نراقب ذلك الجدة التى ترعى أحفادها خير معين والأم التى تغسل المواعين، وتغير حفاضات طفل جديد وتجهز الطعام انتبهي. علاء الدين يقبل الأميرة ياسمين والأمير يرقص مع الأميرة يحضنها ويقابلها بلهفة ولست ضد العواطف بالمناسبة ولكن فى فترة التمييز للطفل، لا تتركن أطفالكم فى الرابعة وقبلها لأمور لا يفهمونها ولا يستوعبونها وتعتقدن أنها لن تؤثر مستقبلًا. ستظل الصورة فى عقله الباطن مختزنة حتى يكبر ويعرف معناها ومغزاها. ولذا حاولن أن تراقبن ما يشاهده أبنائكم. بضغطة واحدة على اليوتيوب اكتبن مشاهد تم حذفها من أفلام كارتون وستفاجئكن النتيجة. ستجدن أيضا أن الرقابة لدينا قد حذفت الكثير ولهم الشكر على ذلك. لكن ماذا عن الأفلام التى نقوم بمشاهدتها دونما رقابة من الإنترنت. أنت الرقيبة الأب رقيب بقدر الإمكان الطفل ابن الأسرة ثقافتها وتراثها وشجرة وردها ولكن حينما يشاركنا آخرون فى تربيته فعلينا أن ننتبه وننتبه وننتبه.