الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عزيزة.. ترفع الراية السوداء!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

11 ديسمبر تاريخ مهم فى أداء المحافظين حيث مرت المائة الأولى التى أصبحت جزءًا من تقاليد الممارسة لأيام العسل فى الأداء وتمتنع الميديا والأحزاب والمعارضة، وأصحاب الرأى عن انتقاد المسئول هذه الأيام حتى يتمكن من دراسة الملفات ويواجه الحقائق متجردة، وتركت كمحافظ فى هذه المرحلة أن فهم من لجأ إلى التحرك الميدانى عن قرب لصوت الشارع لإعادة الهيكل الذى يعاونه سواء فى مكتبه ومنهم من لجأ للتعايش مع المناسبات الملحة سواء موسم المدارس أو مواجهة السيول ومواسم الاصطياف، لكن الإجماع تفاعلهم مع مباردة الرئيس (100 مليون صحة) ومنهم من اهتم بالأنشطة فى ساحة أصحاب الاحتياجات الخاصة.

ومن الآن فإن كل محافظ عليه أن يتسلح لمهام واجباته بعد أن تزود بالرصيد الذى يمكنه استيعاب رسالته ويفتح الملفات.. والمحافظ اليوم يختلف عن محافظ الأمس فهو المسئول السياسي الأول فهو يدير آلية تضم معه نائبه ويعاونه فى الرقابة الشعبية الجناح البرلمانى ولا يوجد أمامه أى عائق من المجالس المحلية مما يعنى أنه يتخذ قراراته منفردة لكن هناك فى مجلس محافظين ينعقد بشكل يكاد دورى ومن حسن هذا المجلس أن رئيس الوزراء يدعم المحافظين بصفته وزيرًا للإسكان فهو صاحب قرار مزدوج، وهناك وزير تنسيقى ديناميكى وهو وزير الإدارة المحلية وبكل أمانة الضمير نقول إن حالة المحافظات لم تعد تسر أحدًا ونسأل بكل أمانة هل هذه هى القاهرة الخديوية، هل هذه هى إسكندرية الإسكندر الماريا هل هؤلاء محافظات التقدم والحضارة فقد تسللت إليها ما سمى بالعشوائية فأصابع الاتهام تشير إلى أصحاب الفضل فى هذا التدهور وجهود نماذج خارقة للعادة لإعادة بعض المحافظات إلى سابق عهدها لنسق التجميل والتنسيق الحضارى فنشهد أنها مبادرات هشة وما سمى تجميلًا أدى لمزيد من القبح فلن نجد مشقة فى اكتشاف مشاهد الإهمال وقد استباح عدد من المحافظين الثروة العمرانية، وحولوها لأبراج، وأهدروا الإسكان التاريخى ورغم افتقارهم لثقافة إدارة المدن الكبرى لكنهم سمحوا لأنفسهم أن يمنحوا هذه الفئة امتيازات وأعطوهم جواز مرور للتعدى على منشآت نادرة تاريخية، وهو الباب لتحقيق الثراء الفاحش، وتحول هؤلاء بفضل تأشيرة «تصدق» التى مكنت الديناصورات فى التهام التاريخ والجغرافيا والمكانة وتوحشت الثروات التى يشك فى طهارة غسيلها فاخترقوا الحواجز، وابتلعوا النصوص والتشريعات والقواعد الآمرة وكانت النتيجة حوائط أسمنتية وضغوط متزايدة على المرافق والنظافة التى ألقوا مسئوليتها على الأهالى والعيوب السلوكية فى أسلوب التخلص من القمامة.

قد سمعت منذ سنوات نائبة فى الإسكندرية تقول بكل حدة فى لقاء موسع للمحافظ إنه إذا كانت المدينة وصلت لهذه الدرجة المسيئة للحضارة أليس من الأفضل لكم مخاطبة الرئاسة أن ترفض أن تتحمل مسئولية هؤلاء الذين لا يسمعون لنصائحكم.. طبعًا الإجابة هو رده المعروف لدى الجهات القيادية التى منحت المحافظين صلاحيات كاملة فى ترشيح الحزب لمجلس الشعب والنتيجة فى الصناديق.

بينما ظهور حرب الإعلانات على ساحات تتكلف مئات الألوف وأطلق عليها أبناء المدينة (معركة عزيزة) نسبة إلى العقار بمنطقة جليم على الكورنيش والمعروف باسم قصر عزيزة فهمي... وجاءت الحرب على شكل استغاثة حول حيازة القصر وتضمنت عباراتها كلمات مثل (الظلم والقهر والجور على الملكية الخاصة) والغريب أن الإعلان يلتمس إعادة الحقوق لأصحابها، وهو تعبير غير موفق قانونًا ليكون مستحقًا بالطرق التى رسمها القانون، ولكن الإعلان المعترف به هو إعلان المحضر، وبعيدًا عن طبيعة الموضوع كنزاع بحثًا عن الحق، أول حالة على الكورنيش تحديدًا فى أكبر عملية شهدتها لتجريف تاريخها المتوارث والتى بدأت فى أوائل السبعينيات حين بدأ التعامل فى سوق القصور

إن إعلانات قصر عزيزة فهمى تكشف عن نوايا لا تخفى عن فطنة أحد والفيصل فى القضية لصحيح القانون خاصة أن قطاع الأعمال قامت بعدة محاولات لترميم القصر وسجلت له رسومات هندسية لكن ماذا سيكون الموقف عندما يقول البلدوزر كلمة الفصل فى سجل التراث.

وبهذه المناسبة وبعد 24 ساعة من الإعلان حول موقف قصر عزيزة فهمى وإعلانها رفع الراية السوداء ظهر إعلان آخر صادر عن شركة الأصول العقارية للتصرف بالبيع بمحلات تجارية مؤجرة فى سوق (زنقة الستات) أى أنها أصبحت مرشحة لكى تهدم النسيج المعمارى للزنقة الأثري، ونفس القضية تتطلب إعادة النظر من كل الجوانب حول مبنى المحافظة التى نقلت لأرض زراعية وأقول للمحافظ عبدالعزيز قنصوة أنه لا يوجد مستحيل فى الهندسة وأصبحت القاعدة المعطلة عن تطبيق مبدأ إعادة الشيء لأصله خاصة أن هناك مشروعًا لإقامة جراج متعدد الطوابق مكان المحافظة القديم، وإذا كان المحافظ أعلن يوم 4 ديسمبر قرارًا بحصر المباني التراثية لتطويرها، ولم يذكر الزنقة رغم أنه له سلطة إيقاف هذا المزاد حتى لا ينشأ مركز قانونى يتغير فيه الموقف كما حدث عندما أنشئ المول فأصبح مدينًا بعشرات الملايين وهو موضوع تحقيق النيابة العامة.

إن المحليات تقف على عتبة مرحلة جديدة وتمثل نقطة تحول تاريخى لأن القضية منشآت أثرية وتراثية نادرة فقد بدأت تمثل سلطة قوة الثورة عقب يوليو، وفى عهد السادات تحولت إلى إدارة بلا ثورة، وفى عهد مبارك لم تعد هناك لا سلطة ولا إدارة ولا ثورة، وإذا كانت حاليًا تحاول أن تستعيد عافيتها من مستنقع الفساد فهى مطالبة بالمواجهة على أن تقتل الجراثيم، فكيف يقبل العقل أن تترك المبانى التاريخية تتآكل ويتم تدميرها بينما تهلل أمجادنا الفنية بعد أن قرر اليونسكو إدراج أراجوز شكوكو ضمن تراث الإنسانية.

أكاد أسمع صوت طاغور يصرخ باللغة العربية بعد أن سمع خبر هدم فيلا أحمد شوقى على كورنيش الإسكندرية يقول معلقًا ومرددًا: «وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا».