الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإخوان من غياب الرؤية إلى تفكك التنظيم «5»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جماعة الإخوان المسلمين دشنت نظامها الخاص وذراعها العسكرية عبر خطوات محسومة ومعلومة، في نهايتها تم إعلان الجناح العسكري للجماعة في العام 1939، معلنًا عن نفسه بالعمليات العسكرية التي طالت كل فئات المجتمع بما في ذلك المسلحين داخل التنظيم مثل سيد فايز عضو النظام الخاص.
تدشين الجناح العسكري للجماعة كان بقرار من مؤسسه الأول حسن البنا وعبر رسائله التي تربى عليها «الإخوان» ووسائل التربية التي أرساها وسار عليها «التنظيم» فيما بعد، بل فوجئنا أن المرشدين من بعده يعممون رسائل «البنا» للنظام الخاص على كل أفراد الجماعة حتى بات «التنظيم» شبه عسكري لا فرق بينه وبين كل جماعات العنف والتطرف التي جاءت بعده.
الصورة شبه العسكرية للجماعة لم تظهر بعد 10 سنوات من النشأة وقت إعلان رسالة المؤتمر الخامس للجماعة، وإنما كانت منذ اللحظة الأولى لنشأة «التنظيم» عندما قرر حسن البنا إنشاء فرق الجوالة، وقد كانت بداية للعمل المسلح (رياضات عنيفة)، كان هدفها تهيئة أعضاء الجماعة لرياضات مسلحة أو أكثر عنفًا، حتى بعد حل النظام الخاص عادت «الجماعة» من جديد لتفعيل هذا النوع من الرياضات حتى حل محلها العمل العسكري، ونفذته حديثًا حركات "سواعد مصر، حسم، لواء الثورة" وغيرها من التنظيمات التي نشأت بعد 30 يونيو من العام 2013.
جماعة الإخوان المسلمين تستخدم العنف فور شعورها بالقوة مباشرة، وهو ما دفع المؤسس حسن البنا للإسراع بتشكيل الذراع العسكرية للجماعة في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي واختيار عبدالرحمن السندي رئيسًا له بدلًا عن محمود عبدالحليم أول رئيس للجناح العسكري، رغم أن «السندي» لم يكن جامعيًا ولم يكمل دراسته، كما كان عضوًا جديدًا في «الجماعة» فلم يتشرب أفكار «التنظيم» بعد.
لم تكن جماعة الإخوان المسلمين دعوية في وقت ما، فقط أجّل حسن البنا استخدام العنف حتى تكتمل قوة «الجماعة» العددية، وعندما اكتملت هذه القوة أعلن عن ضرورة أن يكون للحق الذي يراه قوة تحميه، فأنشأ الذراع العسكرية للجماعة، وقبل هذا التدشين ومنذ اللحظة الأولى لعمل «البنا» وإعلانه نشأة الجماعة في العشرينيات الميلادية وهو يهيئ أتباعه على ذلك من خلال الرياضات العنيفة من خلال «الجوالة» والإعداد الروحي من خلال «الكتيبة».
إعداد حسن البنا لأتباعه بهذه الصورة جعل «التنظيم» الذي أنشأه على عينه بعد تسعين عامًا أكبر مصدّر للعنف بين غيره من الجماعات والتنظيمات الدينية في العصر الحديث، بل هناك جماعات كثيرة خرجت من عباءة «التنظيم» بأفكاره وسلوكه.
كانت «الجوالة» دليلًا لا يقبل الشك في أن «الجماعة» قررت استخدام العنف منذ اللحظة الأولى لميلادها، فقد كانت بديلًا للعمل العسكري ومقدمة قبل نشأة الذراع العسكرية للجماعة، كما كانت «الجوالة» بديلًا للعمل العسكري ولكن للمجموعات التي ارتبطت بالعمل الدعوي، ويبدو أن المؤسس الأول جعلها بديلًا للعمل العسكري يمارسه القائمون على العمل الدعوي، فإذا كان أعضاء النظام الخاص يمارسون العنف وتدريباته، فلا بد لباقي القواعد أن تكون على أهبة الاستعداد من خلال بعض التدريبات الرياضية الأخرى وكانت «الجوالة» تؤدي الغرض ذاته.
قبل نشأة النظام الخاص للجماعة كان حسن البنا يستعرض فرق الجوالة ضمن طوابير استعراضية ضخمة كان يتراوح عدد المشتركين فيها بين الستة آلاف والعشرة آلاف جوال، كل هذه الاستعراضات كانت تهيئة لأتباعه على أهمية ما كان يطلقه من شعارات «الجماعة» والجهاد في سبيل الله أسمى أمانينا وتمهيدًا لنشأة الجناح العسكرية للجماعة.
ولعل مغزى هذا الاستعراض كان يظهر في المناسبات الدينية التي كانت تخرج فيها الجماعة مثل غزوة بدر وبعض المعارك الإسلامية التي ورد ذكرها في السيرة النبوية، والمقاربة هنا مهمة في مشهد قوة يحمل دلالات عنف في مناسبة تاريخية من السيرة تحمل نفس المعنى.
وهنا بدأ حسن البنا يشعر بقوة «الجماعة»، فبدأ في إضفاء الشكل شبه العسكري على «التنظيم» من خلال طوابير الاستعراض هذه التي تمثل دلالة على العنف كانت وما زالت واضحة.
فرق الجوالة إحدى وسائل الإخوان التربوية، استخدمتها الجماعة في ممارسة أنشطتها، وشارك حسن البنا في عروضها بالشوارع مرتديًا زيها المعروف في ذلك الوقت، فضلًا عن مشاركة كل أعضاء «التنظيم» حتى أصبح «التنظيم» شبه عسكري، وكأنه كان يضرب من نفسه مثلًا في ذلك.
كانت هذه الفرق تتحرّك بعروضها في شوارع القاهرة حتى تُبهر الناس، ثم تقوم المجموعات الدعوية المسئولة عن التجنيد بعملها، فتجند العشرات والمئات بعد الانبهار بعروض الجوالة، التي مثلت نقطة الاستعداد لدى التنظيم ومنطلقها للعنف، ومارس من خلالها أعضاء الجماعة العنف.
من أهم نُظم جماعة الإخوان المسلمين أو وسائلهم نحو التربية الروحية أو الرياضية ما يسمى بالكتيبة، فضلًا عن وسائل التربية الأخرى مثل، الأسرة، والرحلة، والجوالة، وكل هذه الوسائل لا تقل أهمية في ترجمة الأفكار لسلوكيات وهي تعبر عن مفهوم العنف الكامن أو الظاهر عند الجماعة.