قررت الأمم المتحدة اعتبار اليوم 9 ديسمبر يوما عالميا لمكافحة الفساد من أجل زيادة الوعي بمشاكل الفساد وبنود الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والعمل على منعه، وفى مصر تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد فى نفس اليوم العالمي لمكافحة الفساد والتى أعلنها المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء الأسبق يوم 9 ديسمبر 2014.
وقد حددت الاستراتيجية المصرية بأربع سنوات «2014 – 2018» فترة زمنية للسلطات الثلاث «التنفيذية – التشريعية - القضائية» من أجل تنفيذ تلك الاستراتيجية.
وأعلن عن تشكيل اللجنة العليا التنسيقية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية برئاسة رئيس الوزراء كما أشارت الخطط الزمنية والتفصيلية من خلال الأجهزة الرقابية مع تفعيل دور الإعلام بالإضافة إلى أهمية التشريعات المنوط بها المساهمة فى تقليص الفساد والقضاء عليه من الناحية القانونية.
وغني عن البيان ما أشارت إليه ديباجة الدستور التي ذكرت حرفيا «نكتب دستورًا نغلق به الباب أمام أي فساد وأي استبداد ونعالج فيه جراح الماضي من زمن الفلاح الفصيح القديم وحتي ضحايا الإهمال وشهداء الثورة فى زماننا ونرفع الظلم عن شعبنا الذي عاني طويلًا».
فضلا عن أهمية مواد الدستور 215 – 216 و217 التى حددت كلا من «البنك المركزي – الهيئة العامة للرقابة المالية – الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية» وأهمية أن تقوم تلك الأجهزة بدورها فى مكافحة الفساد مع ضرورة عرض التقارير السنوية على رئيس الجمهورية – مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء فور صدورها.
وعلى أن يقوم مجلس النواب بنظرها واتخاذ الإجراءات المناسية حيالها فى مدة لا تتجاوز 4 أشهر على أن تنشر هذه التقارير على الرأى العام.
ومع انتهاء المرحلة الأولي من الاستراتيجية فى مرحلتها التى بدأت منذ 4 سنوات وهي التى انتهت اليوم 9 ديسمبر الجاري وقد أعلن أن الاستراتيجية تم تنفيذها بنسبة ما يقرب من 95 % من محاور الخطة السابقة، كما أعلن أن الاستراتيجية مددت لفترة جديدة ولمدة 4 سنوات قادمة تبدأ من «2019– 2022».
ومن هنا يجق لنا أن نطرح مجموعة من الأسئلة المشروعة والموضوعية حول مدي نجاح الاستراتيجية السابقة:-
• هل تم تقييم حقيقي عن التحديات والفرص التى واجهت الفترة السابقة فى مكافحة الفساد؟
• وهل تم استخلاص الدروس المستفادة واقعيًا للانطلاق نحو الفترة الجديدة لمواجهة الفساد والتى سوف تستمر لأربع سنوات قادمة؟
ورغم كل الجهود المقدرة للكشف عن الفساد خلال الفترة السابقة وتقديرنا لكافة السلطات نحو مكافحة الفساد فإنه يحق لنا أن نتساءل مجددًا:-
• لماذ لم تعلن اللجنة العليا لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية عن عدد الاجتماعات التى عقدتها وعن نتائج أعمالها على الرأي العام المعني أصلا بمواجهة الفساد؟
• لماذا لم نقرأ أو نسمع عن النتائج التفصيلية للاستراتيجية السابقة من خلال التقارير الرسمية التى تكشف عن حجم عدد القضايا والمواجهات الأمنية وإعداد الدعاوي القضائية أو حجم البلاغات التى تم التحقيق فيها ونتائجها؟
• ماذا حققت نتائج التقييم للاستراتيجية الأولي عن حجم الأموال التى تم مصادرتها أو استردتها لصالح الخزانة العامة وفيما صرفة؟
• ما حجم المستهدف والمأمول فى المكافحة وما تم على أرض الواقع؟
• وهل بالفعل ساهم الإعلام بحملاته عن نشر ثقافة مواجهة الفساد وأهمية ذلك على الرأي العام؟
• وهل قام بالفعل رجالات الدين الإسلامي والمسيحي بدورهما الروحي فى مجابهة الفساد ونشر التعاليم الدينية فى ذلك؟
• أما عن التدريب للعاملين فى الدولة على مكافحة الفساد فهل تم بالفعل عمل دورات التثقيف لأهمية الموضوع؟
إن احترام المادة 217 من الدستور التى تؤكد أهمية أن تقدم الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية تقارير سنوية لعرضها على كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء فور صدورها فهل تم ذلك بالفعل؟!.
• وهل قام مجلس النواب بنظر هذه التقارير واتخاذ اللازم والمناسب عن الفترة الزمنية المحددة دستوريا خلال 4 شهور من تاريخ عرضها؟
• وهل تم نشر ذلك بالفعل على الرأي العام؟
وبعد فإن القول إن الخطة السابقة قد حققت 95 % ونجحت أمر يحتاج إلى إعادة نظر طالما لم تعلن النتائج التفصيلية على الرأي العام خصوصًا ونحن نواجه الفساد الذي انتشر بشكل أصبح يهدد التنمية فى بلادنا.
وماذا عن الفساد الكبير الذي يؤدي إلى خسائر بالمليارات من الدولارات فى قضايا التحكيم الدولي بسبب فساد بعض الاتفاقيات التى تخسر فيها بلادنا وبسببها أموال الشعب المصري خصوصًا ولم نسمع عن أي محاكمة أو ملاحقة للمسئولين عن هذا الفساد.
وقد طالبت باعتباري نائبا فى البرلمان بمحاكمة هؤلاء الفاسدين عن مافيا ما يعرف بالتحكيم الدولي وللأسف تناست الحكومة طلبي رغم أهميته!!!.
وفى هذا السياق أيضا من المهم أن نتذكر ما قاله رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي فى 12 يونيو 2015 فى لقائه مع التليفزيون المصري بأن «الفساد مستشرٍ بدرجة كبيرة فى بلادنا «وكذالك فى لقائه مع الشباب من خلال البرنامج الرئاسي فى مارس 2016» بأن الدولة لديها إرادة حقيقية لمكافحة الفساد بكل أشكاله وأن هناك محورين الأول هو الإجراءات الأمنية والملاحقات القضائية أما المحور الثاني فيتمثل فى تعديل التشريعات والقوانين التى تسهل وتصوب أداء الأجهزة التى تكافح الفساد.
نحن بحق نريد تطبيق الشفافية التى نص عليها الدستور وحق المعرفة للمواطنين بأهمية نشر التقارير الخاصة بمكافحة الفساد على الرأي العام حتي يمكن أن يتطلع بشكل أفضل نحو الاستراتيجية الجديدة لمواجهة الفساد خلال الأيام القادمة وحتي عام 2022 وحتى نضمن التوجه الحقيقي نحو التنمية المستدامة التى نريدها أفضل لبلادنا.