الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مافيا ورش التمثيل واللعب بأحلام الشباب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفن ليس حكرًا على أحد، والموهبة هبة يمنحها الخالق لمن يشاء وقتما شاء وأينما شاء، وفن التمثيل من أقدم وأهم أنواع الفنون وأكثرها شيوعًا ورغبة بين الجماهير، ومع تزايد أجور الفنانين وتسلط الأضواء عليهم من كل اتجاه، على عكس بداية ظهور فن التمثيل فى مصر، وأصبح التمثيل حلم الجميع والسعى وراء الشهرة مطلب جماهيرى والرغبة فى النجومية والثراء السريع الهم الشاغل لمعظم الشباب وبعض الشُياب.
وفى خضم هذا السعى اللاهث وراء الشهرة والثراء، ضاعت قيم الفن وأهدافه ودُمرت قواعده الأساسية التى تهتم بالأساس بإصلاح أحوال المجتمع ونقله من خلال العمل الفنى لإحداث التطهير سواء فى الكوميديا أو التراجيديا، حسبما وضع أرسطو قواعد الدراما فى كتابه «فن الشعر».
وقد ندرك أن يكون هذا الشغل الشاغل للشباب فى الوقت الذى أصبح فيه التمثيل ولعب كرة القدم، هما أساس النجومية والثراء والوصول للعالمية فى بعض الأحوال، لكن لا ندرك ولا نقبل أن يتحول حلم الشباب إلى «سبوبة» لبعض المنتسبين للوسط الفني، ولا داعى لذكر أسماء حتى لا تشخصن الأمور، فخلال السنوات الخمس الأخيرة أصبحت موضة ورش التمثيل هى الغالبة على الوسط الفنى والمسيطرة على أحلام الشباب، خاصةً مع قلة الأعداد التى يقبلها المعهد العالى للفنون المسرحية فى دفعاته، وبالرغم من لجوء المعهد لفتح باب الدراسة بالقسم الموازى مقابل آلاف الجنيهات، «أهو ندخل قرشين للمعهد ونلم اللى عايزين يمثلوا بفلوسهم وجحا أولى بلحم الممثلين»، وإلا فما فرق معايير القبول بين طالب الانتظام وطالب الموازى غير قيمة مصاريف الدراسة؟! إلا أن هذا القسم الموازى لم يستطع احتواء كل الأعداد الراغبة والطامعة فى التمثيل، فبدأت مافيا ورش التمثيل التى لم يهرب من براثنها كبار نجوم التمثيل والإخراج، وإيه اللى يمنع ما دام السبوبة حلوة وبآلاف الجنيهات ومش ملزمين بتشغيل حد، والغاوى ينقط بطاقيته، فاتجه هؤلاء الشباب إلى هذه الورش، واتلمت الفلوس وأخدنا القرشين واللى يشتغل يشتغل واللى ميشتغلش ميشتغلش، وحلوا مشاكلكم مع النقابة، فأصبحت هذه الورش دكاكين لبيع الموهبة واستغلال الأحلام، وبالتالى إهدار دور الفن؛ لأنك مدرستش يعنى أيه فن بجد، وهنا تقع نقابة المهن التمثيلية فى مأزق التشغيل وتصاريح العمل؛ حيث تفرض لوائح وقوانين النقابة أن لا يمارس مهنة التمثيل إلا أعضاؤها مع السماح بنسبة ١٠ بالمئة من خارج النقابة، لكن ١٠ بالمئة تعمل أيه قدام عشرات الآلاف اللى نفسهم يمثلوا، ويبدأ اللف فى الدائرة المغلقة، هل تعطى النقابة التصاريح لكل من هب ودب؟ ويبقى التمثيل والفن حكرًا على الأعضاء ونتجاهل المواهب الأخرى؟ والاّ نخليها سداح مداح وكل اللى عايز يعمل حاجة يعملها واهو كله فن وحرية؟! وخصوصا مع خريجى ورش التمثيل.
الفن ليس حكرًا على أحد والتمثيل تفرضه الموهبة، لكن للفن أصول وقواعد، وللتمثيل أهداف سامية ليس منها الشهرة والثراء السريع، ولكل منهم معاهدة المتخصصة لدراسته وتعليمه وإنشاء جيل من الفنانين المدركين لمعنى وقيمة ورسالة الفن، فالفنان لا يختلف عن الجراح، فكل منهم يستخدم مشرطة لاستئصال الأورام الخبيثة، فالأول يستأصل أورام المجتمع، والثانى يستأصل أورام الجسد. فهل سنسمع يومًا عن ورش لتخريج أطباء وجراحين ومهندسين وغيرهم من المهن المهمة التى تحتاج إلى دراسة وفهم وإدراك؟ لا أعتقد؛ فبناء المجتمع يبدأ من بناء فنانيه ومثقفيه ومبدعيه كل فى مجاله وحسب قواعده وأصوله ودراسته.