نستكمل فى هذا المقال استعراض نتائج رسالة الدكتوراه المتميزة للباحثة إيمان حمزة أبوزيد، التى نوقشت بقسم الإعلام
بكلية الآداب جامعة المنوفية، عن مستقبل صحافة الأطفال فى مصر؛ فبالنسبة للقائمين
بالاتصال فى صحف الأطفال سواء الإلكترونية أو المطبوعة، أشار الخبراء لمجموعة من
الصفات والخصائص التي يجب توافرها فى صحفى صحف الأطفال للحفاظ على البقاء والتميز
جاء فى مقدمتها القدرة على فهم الجمهور أى فهم تفضيلات واهتمامات الأطفال، ثم
الموهبة والاستعداد، ثم القدرة على عرض المادة أو الموضوع بأشكال مختلفة، ثم
القدرة على الإلمام بقواعد الكتابة الصحفية وأيضًا التقنيات الحديثة، ثم القدرة
على التواصل مع المصادر المختلفة، ثم القدرة على الكتابة للوسائل المتعددة، ثم
المهارة الخاصة بصحافة البيانات وتدريب وتطوير نفسه، ثم القدرة على التواصل مع
الجمهور، كما توصلت الدراسة من خلال آراء الخبراء ومن خلال قراءات الباحثة أن صحف
الأطفال ذات الإمكانات الاقتصادية الضعيفة تعتمد على صحفيين غير مؤهلين وغير
مدربين، وهذا ما يقلل من قيمتها لدى القراء.
أما بالنسبة للسمات والخصائص التى يجب أن تتوافر فى رسامى القصص فى
صحف الأطفال، فقد أشار الخبراء إلى مجموعة من الخصائص التى يجب أن تتوافر فى رسامى
القصص حيث جاء فى مقدمتها الهواية والموهبة، ثم القدرة على اتخاذ الرسم رسالة
لبناء الطفل، ثم القدرة على اختيار الرسم المناسب الذى يتفهم احتياجات الطفل، ثم
الثقافة الواسعة والاطلاع المستمر، ثم القدرة على اختيار الكاريكاتير البسيط
والسهل الموجه للطفل، ثم القدرة على إيجاد الكاريكاتير الذى يقدم الحلول المناسبة
لقضايا ومشكلات الأطفال، ثم جاءت نقطة فى غاية الأهمية، وهى أن الرسام لا بد أن
يكون لديه ذوق سليم فى الرسم المعبر عن حياة الطفل.
أما بالنسبة لمنافسة فضائيات الأطفال فى المستقبل، فقد أشار الغالبية
من الخبراء بنسبة بلغت (64%) أن هذه الفضائيات سوف تنافس صحف الأطفال فى المستقبل
سواء كانت صحفًا مطبوعة أو إلكترونية، حيث وجد أن النظريات الاتصالية المختلفة
تؤكد أن استهلاك وسيلة من وسائل الاتصال يتم على حساب الوسائل الأخرى سواء على
مستوى تمويل هذا الاستهلاك، أو مستوى الوقت المنفق فى الاستهلاك، بمعنى أن مشاهدة
الطفل للتليفزيون أو استخدامه لشبكة الإنترنت، أو ممارسته ألعاب الكمبيوتر تكون
على حساب قراءة المجلات الموجهة إليه. والمؤكد أن نسبة كبيرة من الأطفال العرب
الذين تتمتع أسرهم بدخول جيدة تمكنهم من تلبية احتياجاتهم من وسائل الإعلام
والترفيه المختلفة، يجلسون أمام شاشات التليفزيون لساعات طويلة، خاصة مع تزايد
المحطات الفضائية الموجهة إليهم والتى تُعد بديلًا مصورًا ومجانيًا لمجلات
الأطفال، وبصفة خاصة أطفال المدارس الابتدائية الذين تستهويهم القصص والحكايات
والبرامج التعليمية البسيطة، أما الأطفال الأكبر سنًا فى المدارس الإعدادية
والثانوية فإن شبكة الإنترنت تستحوذ على اهتمام قطاع عريض منهم بعد أن أصبحت متاحة
على نطاق واسع وبتكلفة معقولة، لذا فإنه لا بد من وجود تآزر بين صحف الأطفال
الإلكترونية والمطبوعة لمواجهة المنافسة الشرسة التى تتعرض لها صحافة الأطفال.
وبالنسبة للمشكلات التى تواجه صحف الأطفال المصرية فقد أشار الخبراء
إلى أن هذه المشكلات تتمثل فى المشكلات المتعلقة باقتصاديات الصحف، والمشكلات
المتعلقة بالقائمين بالاتصال، والمشكلات المتعلقة بمحتوى صحف الأطفال، لذا فإن صحف
الأطفال لا بد أن تهتم بالتمويل الجيد وحل المشكلات الاقتصادية، كما أنها لا بد أن
تهتم بتدريب الصحفيين وإيجاد حلول للمشكلات التى يتعرض لها الصحفيون.
ولا بد من حل المشكلات المتعلقة بمحتوى صحف الأطفال، وخاصة المحتوى
المترجم الذى يبث قيم وتقاليد وعادات المجتمع، خاصة أن معظم مجلات الأطفال فى
العالم لديها مشكلات عديدة أثرت على استمرارها، أما غالبية مجلات الأطفال الناجحة
والمستمرة فى الصدور فى عدد قليل من الدول العربية إذ يصدر فى مصر وحدها نحو 25%
من مجلات الأطفال فى الوطن العربي، ونعنى بها المجلات المستقرة ماديًا وتحريريًا،
والمستمرة فى الصدور لوقوف مؤسسات صحفية حكومية كبيرة خلفها، وظهر ذلك واضحًا من
خلال زيارة الباحثة للعديد من مجلات الأطفال، حيث وجدت فيها استقرارًا واضحًا مثل:
مجلة «علاء الدين» الصادرة عن مؤسسة الأهرام، كذلك ظهر استقرار فى مجلة «فار» عند
مقابلة رئيس تحريرها الأستاذة هويدا حافظ التى ذكرت أن استقرار «فارس» نابع أولًا
من استقرار «أخبار اليوم»، كما ظهر أيضًا استقرار فى مجلتى «سمير» عند مقابلة د.
شهيرة صلاح الدين رئيس تحريرها، وأيضًا استقرار «الهلال الصغير» وتصدران عن «دار
الهلال»، أيضًا عند مقابلة الأستاذة نجلاء علام رئيس تحرير مجلة «قطر الندى»
التابعة لوزارة الثقافة وجد أيضًا أنها مستقرة لدعم وزارة الثقافة لها.
إن ما سبق عرضه يؤكد أن صحافة الأطفال المطبوعة والإلكترونية، مثلها
مثل سائر وسائل الإعلام، لم تولد مكتملة البناء بل تنمو وتتطور فى شكلها ومضمونها
ضمن علاقات التأثير والتأثر، فيؤكد عدد من الخبراء أن صحافة الأطفال المطبوعة التى
تمتلك تراثًا غنيًا يمتد على مدار حوالى ربع قرن، ظلت تتأثر بوسائل الإعلام التى
ظهرت بعدها، ولكن هذا التأثر لا يعنى أنها تقضى عليها، واتفق الخبراء أن معظم
المشكلات التى تواجه صحافة الأطفال لا بد وأن يتم التغلب عليها فى المستقبل.
وبعد أن عرضت الدراسة آراء عدد من الخبراء عن مستقبل صحافة الأطفال
فى مصر، فإن النظرة العلمية المتأنية لواقع ودور صحف ومجلات الأطفال فى مصر
والعالم العربى تدفعنا إلى المطالبة بتدخل الدول فى صناعة مجلات الأطفال تدخلًا
مباشرًا، لإصدار هذه المجلات وتمويلها وإدارتها باعتبارها أداة من أدوات التنشئة
الوطنية بوجه عام، مع الحفاظ على استقلالية سياستها التحريرية، ورغم ما تتعرض له
صحافة الأطفال الورقية من منافسة شرسة تؤدى - ضمن أسباب أخرى - إلى تراجع مكانتها
ودورها المعرفى فى مصر والعالم العربي، إلا أنه لا يمكن استعادة هذه المكانة، وذلك
الدور من خلال خفض أسعار بيعها أو توزيعها بالمجان على الأطفال فى إطار دعم
الثقافة الوطنية، ولكن شرط أن تكون هذه المجلات معبرة بحق عن ثقافتنا العربية،
وليست نسخًا من المجلات الأجنبية المتشابهة.
وبالنسبة للسيناريوهات المستقبلية المتوقعة أو المحتملة لصحافة
الأطفال فى مصر فى الفترة من 2015، وحتى 2025، خلصت الدراسة إلى وجود ثلاثة
سيناريوهات متوقعة هى: سيناريو الثبات أو السيناريو المرجعى أى: ثبات الوضع كما هو
عليه الآن، وسيناريو الإبداع أو التفاؤلى، وسيناريو التردّى أو السيناريو التشاؤمى.
وقد انتهت الدراسة إلى وضع رؤية لتطوير صحف الأطفال المصرية فى المستقبل وذلك على مستوى صحف الأطفال، وأقسامها، وإيراداتها، وأخلاقيات صحف الأطفال، وأخيرًا كيفية استفادة صحف الأطفال من التكنولوجيا الحديثة والثورة المعلوماتية.