تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
بعد تولى أنور السادات رئاسة الجمهورية، عمل مذبحة دمها خفيف للقضاة، وهو ما يعتبر مذبحة ثانية، لأن عبدالناصر عندما فصل القضاة لم يعط أسبابًا للفصل، وقيل وقتها إن الثورة تحمى نفسها، أما السادات فعندما أعاد القضاة قال: «أنا أعيد القضاة الشرفاء»، بما يعنى أن من لم يشملهم قرار العودة لا يعدون من الشرفاء، وهو بذلك أساء إلى كل من لم يشملهم قرار العودة.. وأنا عن نفسى حصلت على حكم من المحكمة بالعودة للقضاء، وظللت بعده أعمل شهورًا بالقضاء، ثم قدمت استقالتى لأعمل بالمحاماة (من مذكرات القاضى العادل عيد).
تقول عنه الموسوعة الحرة، إنه محام لامع، شغل مواقع القضاء الجالس والقضاء الواقف، وبرلمانى فذ، عارض بصلابة كل القوانين المقيدة للحريات.
كان قريبًا من تيار الإخوان المسلمين، هكذا قالت «الأهرام»، لكنه لم يكن عضوًا فى الجماعة، وكان يرى أن الإسلام أقر الشورى بمعنى الديمقراطية، ورفض الاستبداد بمعنى الأوتوقراطية، وكان يؤمن بنظام مدنى يقوم على الشورى، ويقوم فيه كل مواطن بواجبه، وأنه لا يوجد حكم دينى أو طبقة رجال دين فى الإسلام لها وحدها حق الحل والربط.
كان رمزًا للنقاء، يحمل ضمير القاضي، وجسارة المحامي، وبراعة النيابي، وأدت صلابته فى المعارضة البرلمانية إلى حرمانه من دخول مجلس الشعب فى دورة لاحقة رغم فوزه فى الانتخابات، وحصوله على أحكام قضائية بأحقيته فى الفوز، ولم يتح له تخطى هذه العقبة إلا فى انتخابات العام ٢٠٠٠ التى جرت تحت الإشراف القضائي.
كان ضمن أكبر حملة اعتقالات أكثر من ١٥٠٠ شخصية من معارضى الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكانت الإسكندرية من أكثر المحافظات التى شهدت أكبر حملة اعتقال لرموز منها رموز المعارضة سواء كانوا سياسيين أو تيارات أخرى، منهم الدكتور محمود القاضى وأبو العز الحريرى، وآخرون، وكانت الإسكندرية وقت المحجوب أكثر محافظات مصر تصديرا لكل المعارضين إلى مجلس النواب.
وتكشف الأستاذة هبة عادل، ابنته، النقاب عن مفاجأة، بقولها: إن والدها عُرض عليه منصب وزارى أيام الرئيس السادات، لكنه رفض مفضلا وجوده تحت قبة البرلمان كما رفض العديد من المناصب الأخرى المهمة.
وتضيف أيضا، أنه فتح ملف الفساد فى هيئة الأوقاف، عندما كان الشيخ الشعراوى وزيرا لها، وطلب منه محاسبة الفاسدين بالوزارة، وقال له «الساكت عن الحق يا مولانا شيطان»، فى استجواب لا يزال الأشهر فى تاريخ البرلمان المصري، وتؤكد هبة عادل عيد أن البعض فى بداية حياة والدها صنفه على أنه إخوانى، وظل الوضع كذلك حتى الثمانينيات، عندما شاركت جماعة الإخوان الإرهابية فى سقوطه بانتخابات مجلس الشعب؛ حيث قامت بدفع مرشحين ضده، وقتها أدرك الجميع أنه لا علاقة له بالإخوان.
ومن شهادة الراحل أبوالعز الحريرى، يقول: إن الفقيد لم يتناول طوال فترة عمله بالمحاماة أى قضايا مشبوهة تأتى من ورائها أموال كثيرة، مثل الدعارة والمخدرات.. وكان يرفضها، وأضاف: أنه بالرغم من أن عادل عيد بدأ مع الإخوان؛ فإنه فى النهاية ابتعد عنهم، نظرًا لأنه كان يتعامل بعقله وحكمته.
هنا نتوقف مع عادل عيد خلال فترة اعتقاله عام ١٩٨١، عندما عرض عليه أن يوافق على استفتاء الرئيس مبارك مقابل الإفراج عنه، إلا أنه رفض.
وتقول ابنته هبة عادل عيد فى مذكراتها: إنه كان يعشق نبيل الهلالى، وكان بيكلمنى كتير عنه... وكان بيحترمه جدًا، وبيعتبره أستاذه وقدوة له - نيبل الهلالى كان أكبر منه بحوالى عشر سنين أو أكتر، كان عنده نقاء ثورى أكتر بكتير من شيوعيين عرفتهم كويس.... مش مهم مرجعيته أيه طالما كان عنده كل هذا النقاء والنبل.
كان القاضى العادل بعيدًا عن المؤسسات الرسمية... وكان رأيه أن التغيير يبتدى بتوعية الناس بجوهر الدين دون مظاهره... ولو عاوز أقولك.
شارع أبوقير اتقفل يوم الجنازة... كانت العربيات بتعدى فى صف واحد.. رايح جاي... لو تشوف عند المنارة... أنا كنت واخدة مهدئ وكنت للحظات متخيلة أنه يوم الحشر.
قال لى عن نبيل الهلالى، إنه طبق الشيوعية على نفسه، وتنازل عن ميراثه لإخوته... رغم أن والده كان باشا.
وتقدر تعتبر عادل عيد توءمه غير الشيوعي.... أكيد أنت عارف قدرته وكفاءته كمحام، لو كان عاوز يعمل من المحاماة ثروة زى فريد الديب، كان عمل بكل سهولة، لكنه اختار القضايا اللى ضد الدولة ومؤسساتها والانتصار للمظلومين من كل التيارات.. ودى كانت أجمل حاجة فيه.
قال لى مرة: أنا مش حا سيبلكم عزب وعمارات، لكن حا سيب لكم اسم زى الجنيه الدهب.
فعلا ساب جنيه ألماظ... ألف تحية أستاذنا عادل عيد.