خسرت الحكومة المصرية الكثير بسبب تأخير انتخابات المحليات وغياب المجالس الشعبية باعتبارها حقا دستوريا ولمدة تزيد على 10 سنوات حيث إن آخر انتخابات محلية كانت فى أبريل 2008 ونحن الآن على أبواب العام الجديد 2019 وهنا لابد من الاشارة الي المخالفة الدستورية للمادة 242 والتى تنص على أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدرج خلال 5 سنوات من تاريخ نفاذه ودون إخلال بأحكام المادة 180 من الدستور التى تتحدث عن انتخابات المحليات.
يضاف إلى ذلك مخالفة الحكومة للمواد «27 – 29 – 217 – 218 – 219» التى تتحدث عن أهمية الشفافية والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وغني عن البيان أن قانون الإدارة المحلية هو من القوانين المكملة للدستور.
وقد كشف غياب المجالس المحلية عن مجموعة من المظاهر الخطيرة التى تخسر بها الحكومة والشعب تكلفة مالية عظيمة فضلا عن تدني مستويات الخدمات وقد تجلي ذلك فى مجموعة من المظاهر..
أولًا:
• تراكم القمامة «24 مليون طن سنويًا» غير مخلفات الردم والمخلفات الزراعية.
• ارتفاع المشاريع المتعثرة بالمحافظات.
• ظاهرة العقارات والمباني الآيلة للسقوط التى تهدد المواطنين.
• التعديات على الأراضي الزراعية بما يزيد على 3.5 مليون فدان و4.5 مليار متر مربع من أراضي البناء.
• وقد طال الفساد اتهام بعض المحافظين ونوابهم وسكرتير عموم وبعض من رؤساء الأحياء ومهندسي إدارات التنظيم وغيرهم من القيادات الوسيطة والصغري.
• انعدام الثقة بين المواطنين والحكومة فى موضوع تقنين الأراضي بالإهمال والتراخي فى سرعة حل مشاكل المواطنين وتحصيل قيمة الأراضي من المواطنين وهي بالمليارات.
ويكفي الإشارة إلى تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، فضلا عن الأحكام القضائية التى صدرت ضد الفاسدين وعمومًا قد ارتفعت تكلفت الفساد على المواطنين فى ظل عدم استخدام الأراضي بالإضافة إلى ما تتحمله الحكومة من تكلفة مالية وبشرية بسبب حملات الإزالة مع تحميل الشرطة المصرية أعباء إضافية مع مواجهة الإرهاب والتطرف والجريمة اليومية.
ثانيًا:
• تحملت الحكومة أعباء الحكم بالمركزية الشديدة فى إدارة 27 محافظة منها 23 محافظة مركبة و4 محافظات بسيطة بها آلاف من القري والنجوع فضلا عن المدن والمراكز والأحياء، مع تبني سياسات خاطئة تحتاج إلى إعادة نظر.
• خسرت الحكومة وأصبحت عاجزة عن إدارة ملفات المشروعات المتعثرة أو إيجاد تنمية محلية حقيقية فى المحافظات سواء فى الزراعة – الصناعة – التجارة والدليل فشل المناطق التنموية والصناعية فى المحافظات.
إن كل تلك الخسائر لم تعد الحكومة تدرجها إلا بمشاركة المجالس المحلية المنتخبة وإدماجها سواء فى المشاركة بالرأي أو حقها الرقابي فى صناعة القرارات المحلية.
ثالثا:
حتي مجلس النواب فهو خاسر أيضا بسبب انشغال أعضائه بالتفاصيل الخاصة بمشاكل المحليات وهو ليس دوره على الإطلاق ولكن الضرورة والواقع قد شغلته عن القيام بدوره بشكل أفضل فى التشريع والرقابة.. والمرسوم له دستوريًا.
أما عن المكاسب التى سوف تجنيها الحكومة والنواب والشعب من انتخابات المحليات فإنها تتمثل فى الفوائد التالية:
• تمكين ما يقرب من 56 ألف شاب وشابة للفوز بمقاعد المجالس المحلية على مستوي الجمهورية وهو التمكين الحقيقي للشباب المصري للمشاركة فى إدارة شئون البلاد.
• عملية الانتخابات للمحليات سوف تجري بين ما يزيد على نصف مليون مرشح إذا ما كان التنافس على المقعد الواحد بـ «10 مرشحين فقط» وبذلك سوف تتم انتخابات المحليات فى مناخ تنافسي وديمقراطي.
• فوز 56 الف شاب وشابة سوف يحصلون على خبرات عالية خلال 4 سنوات عمر المجالس المحلية تجعلهم الصف الثاني المؤهل للبرلمان باعتبار أن المحليات هي المدرسة الأولي للبرلمان وهو ما يعني ضخ دماء شابة فى الحياة السياسية والحزبية.
• تخفيف الأعباء على أعضاء مجلس النواب حتي يتفرغون لمهام التشريع والرقابة ورسم السياسات العامة.
• تحسين ظروف الحياة للمواطنين من خلال تطوير الخدمات التي فى أمس الحاجة إليها.
• مواجهة الفساد واستكمال تفعيل استراتيجية مكافحة الفساد ووجود آليات للمحاسبة والرقابة والمتابعة للوحدات المحلية.
• إشاعة مناخ ديمقراطي فاعل نحو اللامركزية.
وهنا نتسأل..
• أيهما أفضل لبلادنا أن تبقي سنوات بدون مجالس محلية منتخبة تمارس حقها الدستوري.
• أيهما أفضل زيادة حجم الفساد أم مواجهته لصالح التنمية.
• أيهما أفضل الاستخدام الأفضل لأراضي الدولة أم التعديات على الأراضي الزراعية والبناء.
• أيهما أفضل انخراط الشباب المصري وتمكينه فى أوسع مشاركة أم تركهم للسلبية والجريمة والبطالة والانحراف «63.8 % من مجموع الشعب المصري شباب».
• أيهما أفضل خلق مجتمع ديمقراطي تحكمه اللامركزية أو يخضع لسياسات المركزية الشديدة.
ولعل ذلك ما يطرحه المواطنون والمهتمون بالمحليات من أسئلة، منها لماذا لم يتم تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن عام 2016 هو عام انتخابات المحليات؟ لماذا لم يتم تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء السابق بأن عام 2017 سوف تجيء فيه الانتخابات؟ كذلك إعلان رئيس مجلس النواب بأن عام 2018 سوف يصدر قانون الإدارة المحلية؟
وبعد
إن الأمر أصبح الآن بيد الإرادة السياسية للحكومة ومجلس النواب معا من أجل انتخابات المحليات التى نريدها من أجل تطوير بلادنا للأفضل.