منذ عدة أيام شاركت فى المؤتمر السنوى لمركز توثيق وبحوث أدب الطفل. والذى خصص هذا العام لذوى الاحتياجات الخاصة على مدى يومين من الجلسات المكثفة بدار الكتب والوثائق المصرية. اتسمت الدراسات والأبحاث المقدمة بسمت علمى رصين، واتسم المشاركون والمنظمون بروح رقراقة متناغمة مع معنى الطفولة، فمضى الأمر فى سلاسة لا تخلو من الجدية والانضباط وهو ما يحملنى الآن على تقديم التحية لهم جميعا والإشادة بشباب الإعلاميين من الطلاب الذين تطوعوا للمساعدة فى تدريب عملى على أرض الواقع، وهو ما نفتقده كثيرا فى غالبية جامعاتنا. تحية إليهم وإلى الدكتور أشرف قادوس أمين عام المؤتمر الذى أتاح لهم تلك الفرصة وساعدهم على اختبار قدراتهم مجددا روح المؤتمر بأناقة الشباب وحيويتهم التى لم تغب أيضا عن جميع العاملين بالمركز الذين لم يألو جهدا لراحة الحضور، ولم تغب الابتسامة عن وجوههم أيضا. ولعل منا من يعرف أن المركز يتبع دار الكتب والوثائق لكنه لا يعرف مكانه إلا حين يمر على فيللا مكونة من طابقين فى ميدان المماليك بالمنيل ويقرأ لافتة «مركز توثيق وبحوث أدب الطفل» ولعل منا من يعرف مكانه ويظن أنه مخصص للمجال البحثى والتوثيقى فقط ولا يعرف شيئا عن الأنشطة والخدمات التى تقدم من خلاله. ولهم جميعا أقول إن المركز يقدم كل ما يخص أدب الأطفال بجميع أطيافهم وغير الأطفال من المهتمين بمجال الطفولة والمكتبات بل والأدباء الذين يكتبون للأطفال. إذ تشغل الدور الأرضى من الفيللا مكتبة هائلة للأطفال بها أكثر من ٧٠٠٠ كتاب بالعربية و٦٠٠ كتاب بلغات أجنبية بالإضافة إلى الكتب العلمية وما يقرب من ١٠٠٠ دورية خاصة بالأطفال. وتقدم خدمات عديدة غير القراءة مثل: مسرحة القصص، وحكى القصص للأطفال فى سن ما قبل المدرسة، كما أنها تعقد لقاءات فكرية ومحاضرات تلائم الفئة العمرية. أما الطابق العلوى فيضم مكتبة البحوث التى تقدم خدماتها البحثية حول أدب الطفل للباحثين من طلاب الجامعات والدراسات العليا بما يقارب السبعة آلاف من المراجع والمصادر العربية والأجنبية والعديد من القوائم الببليوجرافية الهامة منها مثلا الببلوجرافيا الوطنية المصرية لكتب الأطفال المنشورة فى مصر من ١٨٩٢ حتى ١٩٩٥ م والببيلوجرافيا الوطنية المصرية لكتب الأطفال وببليوجرافيا كامل الكيلانى وغيرها.
من هنا كان من المهم أن أكتب عنه لأهميته وأهمية أن يعرف الجميع على مستوى الجمهورية ما يقدمه من خدمات.
فى مؤتمره السنوى الثالث هذا العام قدم عددا كبيرا من الأبحاث التى تلقى الضوء على فئة ذوى الاحتياجات الخاصة من الأطفال والأدب المقدم إليهم لنعرف كيف نساعدهم جميعا من خلاله، بمختلف أطيافهم من متفوقين، موهوبين، ومتأخرين دراسيا ومنغوليين ومتوحدين، أو من لديهم بعض القصور الحركى، وغيرهم من المكفوفين والصم والبكم والذين يواجهون معارك شرسة مع الأمراض كالسرطان. من هنا كانت أهمية هذا المؤتمر لهذا العام إذ تستطيع كل أسرة من الأسر التى منحها الله واحدا من هؤلاء الأطفال الذهاب إلى هناك لقراءة تلك الأبحاث التى تعينهم على رعايتهم بشكل أفضل بما توفره من معلومات علمية، وليتعرفوا أيضا على نوعية الأدب الملائمة لطفلهم وفق الحالة والسن ونوعية الاختلاف، سيعرفون أيضا عناوين الكتب الأدبية وربما يمكنهم تصويرها من المكتبة. كان حضورى لهذا المؤتمر لتقديم عرض تقديمى لمشروع الورشة الذى أتعامل فيه مع أبطال السرطان من الأطفال، وسعادتى كانت كبيرة بما استفدته من معلومات فى مختلف الفروع الأدبية والتربوية رغم ممارستى للمجالين إلا أننى اكتسبت ما جدد معلوماتى وأضاف إليها. وهو ما يشجعنى الآن أن أطلب من المسئولين بالمركز عقد ندوات متخصصة وفق جدول زمنى لكل فئة يحاضر فيها الأطباء المتخصصون والأدباء الذين يكتبون للطفل ويحضرها الآباء والأمهات والمرافقون للمرضى؛ لأنهم حتما سيجدون إجابة لما يشغل بالهم من أسئلة قد لا تجيب عنها خبرة التعامل اليومى فى المنزل، ولمواكبة أحدث طرق العلاج الطبى وأبحاثه أيضا.
وحبذا لو أمكن طرح طبعة من كتاب المؤتمر للجمهور فيستطيع كل فرد فى المحافظات الحصول عليه ولا يتكبد مشقة السفر إلى القاهرة، أعلم أن المركز يقدم أنشطة عديدة خاصة بهؤلاء الأطفال ليس بداخله فقط وإنما فى العديد من الأماكن خارجه أيضا، وأعلم مقدار تفانى القائمين على تلك الأنشطة، لكن الدور التوعوى للآباء والأمهات بل والأسرة بل والمجتمع كله يمكن أن يقدم لهم الكثير من الحرية والفهم ويجعل حياتهم أقل تعقيدا بما يتيح لهم التحليق فى سماء أرحب.