فكرت كثيرا قبل أن أكتب كلمة عن الوظيفة الجديدة بإحدى الوزارات حتى ظن بعض أصدقائي أنني تراجعت عن وجهة نظري في تلك الوظيفة الجديدة التي نصطدم بها كثيرا خلال تعاملاتنا اليومية، وتفتح علينا أبوابا أخرى ليس لنا بها من سلطان، أطلقت عليها مصطلح "المعرقل الرسمي" وليس "المتحدث الرسمي" هذا هو المصطلح الحقيقي لدوره.
تعلمنا أن مهام المتحدث الرسمي لأي جهة أو "وزارة" أن يكون لسان حال الوزارة، يشرح سياساتها، يضمن توضيح تلك السياسة ونشرها للفئات التي تستهدفهم المواطنين وهم هنا يتجاوز عددهم أكثر من 36 مليون "عامل" على الأقل إضافة لأسرهم، وتعريف الشعب المصري بقرارات الوزير والوزارة وأسبابها ونتائجها، وتوضيح ما استُشكل منها، تنفيذا لسياسات الشفافية التي الزم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه وألزم بها الحكومة المصرية ووزاراتها ومتحدثيها الرسميين.
"المعرقل الرسمي" تعديل أضافه أحدهم على وظيفة "المتحدث الرسمي" فاستحق اللقب بجدارة، ليكون أول معرقل رسمي لوزارة مصرية، وتناسى أن من مهام وظيفته أن يكون همزة وصل بين السيد الوزير وبين الوزارة بهيئاتها وبين وسائل الإعلام، التي هي بدورها همزة وصل بين الوزارة والحكومة وبين الشعب، إلا أنه سيادته عدل هذه المهمة وجعل نفسه "همزة قطع" بين الوزارة ووزيرها وبين وسائل الإعلام والصحفيين وأسكن بينهم العداوة والبغضاء.
المعرقل الرسمي، لا يمارس دوره، يهتم بعرقلة الصحفيين ووسائل الإعلام وإبعادهم عن الوزير وعن قرارات الوزارة وبدل من دعوة الصحفيين لحضور فعاليات وزيارات وقرارات الوزير، لا يفعل شيئاً غير عرقلة عملهم وعرقلة توضيح مهام الوزير والوزارة للرأي العام
رغم سفره المستمر مع "معالي الوزير" في جميع فعالياته داخليا وخارجيا، إلا أن المتحدث الرسمي، ولا ننتقد سفره وحضوره الفعاليات فهو أمر مطلوب ليرى بالعين مايجب أن يتحدث عنه، لكنه يسافر ويحضر ويأتي عند دوره كمتحدث رسمي يتحول لـ"صامت رسمي" ويتجاوز ذلك ليصبح المعرقل الرسمي لأنشطة الصحفيين والإعلاميين الذين يحملون هم وزارة تعمل ووزير يجتهد وهيئات تنتج، ومواطنين يطلبون بحقهم في المعرفة، كما أن من حق الوزير والذين معه أن يعرف الناس جهودهم، فلا يجدون عند "الصامت الرسمي" أو "المعرقل الرسمي" إلا الصمت والعرقلة.
"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" صدق الله العظيم.
هل يعقل أن يصل الأمر لدرجة سوء التعامل مع الصحفيين وأن يتم منعهم من دخول الوزارة إلا بميعاد مسبق، هل يصل حد البعد والتفرقة بين الوزير وصحفيي الوزارة إلى درجة عند طلب تصريح من الوزير أو مداخلة تليفزيونية فيجب الترتيب قبلها بيومين على الأكثر ويقتصر فقط على اثنين أو ثلاثة هما فقط مسموح لهم بالتواصل مع الوزير، لماذا تغلق بل وتمنع كل قطاعات الوزارة من التعامل مع الصحفيين؟ لحساب من! هل هي مؤامرة على الوزير أم لحمايته كما قال صديقنا "المعرقل الرسمي"؟.
وفي يوم من الأيام لوحظ أن أحد وكلاء الوزارة بدأ نجمه يلمع فإذا بالسيد المعرقل يقوم بدوره سريعاً بـ"عرقله" وكيل الوزارة، الفلاني وألزمه بعدم التعامل مع الصحفيين أو التحدث لأى إعلامي، والمضحك في الأمر أنه عند اقتراب ميعاد التغيير الوزاري السابق يأتي لنفس وكيل الوزارة بمكتبه ليطلب منه أن يقسم على المصحف بأنه لم يطلب مقابلة مع أي جهة من الجهات المختصة بترشيحات أسماء الوزراء حينها.
وفي النهاية دعونا نتساءل: وما العمل ؟!