الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الإخوان من غياب الرؤية إلى تفكك التنظيم «3»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جماعة الإخوان المسلمين كثيرًا ما تتبرم من النقد وتضيق بالرأي، ليس هذا فحسب بل تشن حملات إعلامية مرتب لها بهدف الاغتيال المعنوي لكل من يقترب من مساحة انتقادها بخاصة لو كان انتقادًا علانيًا، وتشهر أسلحتها في وجه من يقترب من انتقاد الفكرة المؤسسة لها وربما لا تُلقي بالًا لمن يُسبها، وقد تكون سعيدة بذلك على الأقل أمام نفسها وأتباعها الذين تُصور لهم بين الوقت والآخر أنها مظلومة كمحاولة لإثبات صدق فكرتها وإخلاص قادتها!
تستخدم «الجماعة» منصاتها الإعلامية في أسلوب التشهير والاغتيال المعنوي تجاه خصومها داخل «التنظيم» أو حتى خارجه، ويتم التعامل مع هؤلاء الخصوم كلٌ حسب ما اقترفه من جريمة في حق «التنظيم» وحسب خطورته على «الحركة»، ويتم استخدام عشرات الألوف من أعضاء «الجماعة» في حملات الاغتيال والتشويه، ولذلك يمكن للجماعة أن تُصدر عشرات الشائعات في دقائق معدود من خلال جهازها الإعلامي المتحرك عبر أتباعها ومن تأثروا بأفكارها.
«الجماعة» تعتمد سياسة التجاهل إزاء بعض الانتقادات التي تناقش أفكارها وتهدد بنسف هذه الأفكار ولا تُحب أن تدخل في جدل ربما يؤثر عكسيًا على أتباعها، وهذه السياسة قد تكون أخف الضررين فيما يمكن أن يلحق بها بسبب ما يطرح من أفكار أو ما يكتب أو يقال، خاصة إذا كان الباحث المجتهد على دراية بالفكرة المؤسسة للجماعة ولديه قدر من التحليل يسمح له بقراءة «التنظيم» وتوقع ردود أفعاله، فيكون قادرًا على تقدير مواقفهم بقدر فائقة.
لا يوجد أي سر وراء حملات الاغتيال المعنوي والمشانق التي تنصبها «الجماعة» للمختلفين معها أو معارضيها أو منتقديها غير أنها تخشى من فكرة الخروج الجماعي من «التنظيم»، فدائمًا لديها هاجس من أي انشقاقات داخلية تُغري أخرين بالخروج من «التنظيم» أو ممارسة أي ضغوط على قيادة «الحركة» من الحرس الحديدي والذي حول «الجماعة» إلى تنظيم شبه عسكري، هذه الهواجس ربما تكون المحرك الأساسي وراء حملات التشويه الممنهجة ضد خصومها.
شهدت جماعة الإخوان المسلمين موجات خروج جماعي خلال العقود التسعة لنشأتها، ولكن نجح «التنظيم» في اغتيال أفكار الخارجين عليها حتى أضحوا ضحايا للتنظيم الذي لا يُلقي بالًا لأي منتقد، كما أن انتقاده لا يُلقى أي قبول داخل حقول «التنظيم» الذي نجح في السيطرة على عقول أتباعه.
يستخدم «التنظيم» في السيطرة على أتباعه مبدأ السمع والطاعة، فتحركهم القيادة بمنطق قوله تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ» فتغلق أي أبواب للحوار أو النقد أو حتى السؤال، وفي الجهة المقابلة تُطلق على منتقديها وفق أدبيات «الجماعة» «المتساقطون على طريق الدعوة»، هي تشبه «الجماعة» بدعوة الإسلام وتشبه أي متمرد على أفكارها بأنه «ساقط» تشبيهات مرعبة لأتباع «التنظيم» الذين لا يريدون أن يقعوا تحت طائل «التنظيم» الذي لا يرحم منتقديه.
جزء من عدم قبول تنظيم الإخوان لأي انتقاد يوجه إليه أو شروعه في الاغتيال المعنوي لمنتقديه هو انغلاق «التنظيم» على نفسه، فهو لا يُعطي فرصة للآخرين أن يعرفوا عنه، فقط هو يريد أن يقول ما يريد أن يقوله هو على نفسه، ولذلك أغلب الخارجون على «التنظيم» أصحاب مشاريع فكرية تسعى «الحركة» بما تمتلكه من أدوات لإفسادها.
تنظيم الإخوان يمتلك آلة جبارة لتشويه أي أفكار تنتقدها، كما أنه قادر على تشويه الهيئات وتجريح أصحابها لمجرد الاختلاف معهم، ويمكن قراءة ذلك من خلال تحليل محتوى مضمون ومحتوى لخطاب «الجماعة» عبر أدواتها الإعلامية المختلفة، فالجماعة بأفرادها في نسختها الجديدة أصبحت تسب معارضيها أكثر من عدد التسبيحات اليومية خلف كل صلاة، بل سخروا الصلاة للدعاء على هؤلاء المختلفين، فالجماعة لم تعد تختلف عن غيرها من الأحزاب السياسية، غير أنها اعتمدت أسلوب الاغتيال والتشهير تجاه كل من يختلف معها ولا يوافقها الرأي فيما تذهب إليه.
كما تواجه «الجماعة» منتقديها عبر مبدأ الثقة وهو أحد أركان البيعة العشرة كما تحدث مؤسسها الأول حسن البنا في رسالة التعاليم التي صنع من خلالها تنظيمًا كبيرًا ما زال عصيًا على بعض أجهزة الأمن التي تُصر أن تتعامل مع أطرافها، بينما تترك رأسه بأفكارها دون مواجهة، وعندما يواجهون هذه الأفكار يكون من خلال طرق السب التي تتيح للجماعة أن تثبت لغيرها أن مظلومة وأن فرقًا من الكارهين لها وللإسلام يشنون عليه هذه الحرب.
سقوط «الإخوان» أو تفكك منظومتها مرتبط بقدرة منتقديها على تقديم البديل، وقدرة هذا البديل على تفكيك أفكارها، أعتقد أن بديل «الجماعة» لا بد أن يكون في الدولة التي يحاول «التنظيم» أن يطرح نفسه بديلًا عنها، «الجماعة» تخلق مجتمعات موازية، ولذلك علينا أن نهدم هذه المجتمعات لتبقى الدولة الوطنية التي يجتمع تحت رايتها كل الفرقاء.