الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الحرف التراثية هوية مصرية مهددة بالاندثار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحرف اليدوية المصرية لها مكانة مهمة بين الصناعات الأخرى، فهى حرف ذات مردود ثقافى واقتصادى متوارث، يعكس ثقافة وتاريخ الشعب المصري، ويمثل ثروة له، هذه الثروة تمثل عامل جذب للسياح، يعتمد فيها الصانع على مهاراته الفردية الذهنية واليدوية، باستخدام الخامات الأولية المتوفرة فى البيئة الطبيعية المحلية أو الخامات الأولية المستوردة. ويمكن أن تحقق مصر مكاسب مادية رائعة من اهتمامها وتدعيمها للحرف اليدوية، حيث إن حجم التجارة العالمية للحرف اليدوية والتقليدية يفوق ‏100‏ مليار دولار، وقد أدرك كثير من البلاد أهمية استثمار تراثها الحرفى، فعملت على إقامة آلاف الورش والمصانع، وبالتالى خلق الملايين من فرص العمل لشبابها.
والتقت «البوابة» على هامش ملتقى الأرابيسك الخامس بمجموعة من العاملين بقطاع «الحرف اليدوية التراثية»، التى تراجع دورها خلال الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام والعمل على كيفية تطويرها وتقديم الدعم الكامل لهذه المهن التراثية حفاظا عليها من الاندثار، وفتح قنوات جديدة من قبل التسويق لها.
فى البداية قال الكيميائى سعيد محمود، إنه يعشق الرمال ويراها كالمرأة الجميلة المتزينة بالحلي، مضيفا أن والده قام بعمل عمارة الحرم المكي، وباب منبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالحرم النبوي، مؤكدا أنه أحد الفنانين المبدعين فى مجال النجارة العربية على مستوى العالم، وكان والدى يمتلك مصنعا ضخما لخشب الكونتر، وألواح الأبلاكاج.
وأضاف «محمود»، إن ارتفاع سعر الخشب أثر بالسلب على صناعة الأثاث، وأصبحت مشكلة الحرفيين الأساسية خلال الفترة الحالية هى المادة الخام، ومن هنا بدأ يفكر فى ابتكار مادة جديدة من الرمال وتحويلها إلى مادة تشبه الخشب.
وتابع: الخشب الجديد المبتكر مكون من الرمال وقش الأرز وحطب القطن ومقاوم للماء والنار والبكتيريا، مرحبا بالتعاون مع أى مؤسسة حكومية فى مصر وذلك للاستفادة من الخامة التى ابتكرها فى إنجاز مشروعات قومية، وهذا ما يوفر فى تكلفة الأخشاب المستوردة، التى تصل إلى مليار ونصف دولار سنويا يمكن إنفاقها، على استيراد الألواح الخشبية ويوفر أيضا عملة صعبة للدولة، حيث إن الخشب المبتكر يوفر نحو ٧٥٪ من تكلفة تصنيع الأثاث.
وناشد «محمود»، الرئيس السيسى بتبنى هذه الفكرة وتقديم الدعم لها، بالإضافة إلى فكرة إعادة تدوير مخلفات الحاصلات الزراعية المساهمة فى إنتاج هذه الأخشاب، خاصة أن قش الأرز المسبب فى السحابة السوداء.
وقالت فاطمة إبراهيم، صاحبة مشروع الحلى بالنحاس المطلى بماء الذهب، إن صناعة الحرف اليدوية تحمل طابعا ثقافيا مصريا، وترمز لحضارتنا التى تتلاشى وتندثر، وأصبحت مهددة الآن‏،‏ بعد أن كانت تشكل القوة الإنتاجية الثانية بعد الزراعة، وبمثابة الصناعة الوطنية الثقيلة بمصر، وتعتمد صناعتنا فى العامل الأساسى على التصدير.
وأضافت «إبراهيم»، أنهم يصدرون مشغلاتهم لعدة دول، مؤكدة أن أهم المشاكل التى تواجه تلك المهنة هى «الخامات»، بسبب ارتفاع أسعارها بشكل كبير، مطالبًة الجهات المعنية بتوفير تلك الخامات بأقل الأسعار حتى تساعد على تحقيق الأرباح. 
وأشارت ريهام علوان إلى أن المشكلة الأساسية والوحيدة التى تواجهنا هى تسويق منتجاتنا الحرفية، فلا مجال لتسويقها غير المعارض، مضيفة أننا نسعى إلى تصدير منتجاتنا للخارج، ولكن تواجهنا العديد من الصعوبات فى تصديرها للخارج، مطالبة من الجهات المعنية لتوفير مشغولات الحرف اليدوية بسعر مناسب للمستهلك، مشيرة إلى أن أصحاب الحرف التراثية يعرضون منتجاتهم بالمعارض الدولية، وذلك لقلة التمويل، وارتفاع أسعار المواد الأولية، والخامات، ورفض المنتجين الدفع بالآجل.
الدكتورة رانيا عوف، رئيس شعبة الحرف التراثية والمشربية، إنها تعمل على تعليم فنون الصناعة اليدوية وتدريب الفتيات والشباب والأسر من خلال دورات تدريبية بتشغيل وتعليم الشباب والفتيات، لافتة إلى أن عدد الأسر التى تورد للجمعية المشغولات اليدوية والحرفية وصلت إلى ١٣٢ أسرة، ويتم بيعها بالمشاركة بالمعارض.
وأكدت «عوف»، أن هذا القطاع يحتاج إلى إعادة نظر، وليس مقتصرا على التمويل فقط، مشيرة إلى دور الرئيس السيسي، بدعمه وتشجيعه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإقامة العديد من المشروعات والصناعات الحرفية، والحرف اليدوية فى مناطقها ليست مجرد صناعات بدائية فقط، وإنما هى توثيق وتأريخ وتعبير عن التراث وهوية تلك المناطق التى تنصهر جميعها لتشكل الهوية الكبرى لمصر ولكل محافظة أو منطقة، تراث يمثل المكون الحقيقى للمجتمع الثقافى وبفقده واندثاره نفقد جزءا من الثقافة التراثية للمكان.
وقالت تسنيم البدرى التى تعمل بفن الحلى والزخرفة على الأوانى نوبية النشأة: إن تسويق المنتجات لم يعد فقط من خلال إقامة المعارض أو الإعلان عنها بوسائل الإعلام المختلفة، بل أصبحت التجارة الإلكترونية من القنوات الهامة للتسويق القادرة على توصيل كل المنتجات لمختلف شرائح المجتمع على مستوى الجمهورية.
وأرجعت «البدري»، أن أسباب انقراض بعض الصناعات إلى اختفاء التواصل ونقل المعارف بين الأجيال والتغيرات الحادة التى ضربت المجتمع المصرى ثقافيا ودينيا واجتماعيا واقتصاديا، وهى أسباب عامة، مشيرة إلى أنه من بين العديد من حرف التراث المنسي، تبرز فنون حرفة «الهمل» أو كليم المفروشات الأرضية الصحراوي، وهو نوع يجمع فى صناعته بين الكليم والسجاد من خيوط الصوف الطبيعى للأغنام وباستخدام النول.