تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
هى انتصارات رمزية، ولكنها قادرة على استعادة الروح لـ 100 مليون مصرى، مباراة مصر وتونس الأخيرة نموذجا، نظر إليها المتخصصون فى كرة القدم، وأنا لست منهم، على أنها تحصيل حاصل، الفريقان صعدا بالفعل قبل بدء المباراة، ولكنها تمثل مباراة كأس بينهما لمن سيصعد إلى قمة المجموعة ومن منهما سيحل ثانيًا، مصر وتونس أو مصر ودول المغرب العربى بشكل عام أعتبرها حكاية منافسة شريفة نحو الصدارة، الفراعنة ونسور قرطاج وأسود الأطلسى، وغيرها منتخبات كروية تعرف معنى الاحتراف والعالمية.
وتتأثر تلك المنتخبات مدًا وجزرًا بمعطيات الواقع السياسى والاجتماعى والأمنى الذى تعيشه كل دولة على حدة، ففى مصر رغم الصعود إلى كأس العالم إلا أن الأداء السيئ كان مشابهًا تمامًا لما يعيشه المواطن المصرى من توتر وعدم تركيز، وكما وقف المواطن المصرى مدافعًا عن بقائه إثر هجمات إرهابية وأزمات اجتماعية، كان المنتخب المصرى يعتمد ذات الخطة فى الدفاع فى مبارياته ليأتى فوزه بالمصادفة أو بضربة حظ، رغم ثراء خطوطه فى الدفاع والوسط والهجوم بمواهب تساوى وزنها ذهبًا.
مباراة مصر وتونس مساء الجمعة الماضى، كانت فاتحة خير وتأسيسا جديدا لمدرسة الثقة بالنفس والتحلى بالمسئولية وتعظيم الموهبة، الفريق الذى انتشر على كامل الملعب رأيته مهاجمًا وهو بالضبط ما نحتاجه فى مختلف مناحى حياتنا، فالقاعدة البسيطة التى تعلمناها هى أن «الهجوم هو خير وسيلة للدفاع»، فالهجوم المبنى على خطة متقنة يؤتى ثماره ولو فى اللحظات الأخيرة، وهذا ما تم بالفعل فى هذه المباراة عندما تمكن الموهوب الفذ محمد صلاح من كسر عقدة مصرية تونسية استمرت طويلًا.
لا يمكن لصحفى مصرى أن يكتب داعيًا للتعصب، الفريق التونسى يضم مواهب جبارة والتقليل من شأنه هو أمر يخالف الواقع ويطمس الحقيقة، ولكن الصحفى المصرى يستطيع أن يرصد بسهولة كمية الاحتقان التى صاحبت المعلق الرياضى التونسى على واحدة من القنوات المعادية لمصر، جاء التعليق بعيدًا تمامًا عن المهنية وعن الروح الرياضية، وهو ما يعكس المحاولات المريضة التى يمارسها البعض بهدف الوقيعة بين جماهير دول ذات عمق تاريخى فى الثورة والحضارة والرياضة مثل مصر وتونس.
وعلى ذلك تبقى تلك المباراة التى صعدت بمصر إلى مكانها اللائق على قمة مجموعتها ولو كان حتى هذا الصعود بفارق الأهداف، المهم هو أن تكون الفكرة الرئيسية هى استلهام المنهج الصحيح الذى يتجه بوضوح للتخطيط السليم والثقة فى النفس وتحديد الهدف والإيمان بالموهبة، وقتها لن يعوزنا شىء، سنخطو مئات الخطوات للأمام عندما يكون الكادر المناسب فى المكان المناسب، هذا الكلام لا يتوقف عند مباراة كرة فقط ولكنه يمتد إلى كامل شئون الدولة المصرية، فلا يليق أن تواصل مصر الجديدة حركة تقدمها معتمدة على كوادر مفلسة تتحكم فى مفاصل الدولة بالوزارات والدواوين، تلك الكوادر التى تفجر فى وجهها ثورتان وما زالت الوجوه القديمة نفسها صامدة مدافعة عن مكتسباتها الرخيصة، لنا فى كرة القدم نموذج يحتذى، عندما تتوفر الإرادة وتتوفر آليات النجاح يتحقق الفوز المؤكد.
هذه بدهيات، ولكن المستفيد من الخسارة ينكرها دائما ويرفض العمل بها، فالعمل بروح الفريق والتنسيق الجماعى هى مفاتيح التغيير الإيجابى، ويبقى داخل كل عمل جماعى جوهرة تشع بالطمأنينة والأمان، تبقى تلك الجوهرة هى كلمة السر فى الجودة والإتقان، وشاهدنا ذلك بوضوح فى حالة الموهوب محمد صلاح الذى صار مفتاح الفرحة للمصريين وبوابة السعادة لهم، فمتى يرزقنا الله بألف أو آلاف من محمد صلاح، يتم توزيعهم بعدالة فى قطاعات المجتمع المختلفة.. المجد للموهبة.