الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

طريق النجاح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استكمالًا لما بدأناه فى الأسبوع الماضى من حديثنا عن النجاح والفشل والثقة وانعدامها، وجدت بعض النصائح التى ربما تكون فارقة مع البعض فى حياتهم العامة والخاصة بعض منها جاء على لسان شخصيات ناجحة منهم ريتشارد برانسون رجل الأعمال المعروف، ومؤسس مجموعة «فيرجن جروب»، التى لديها حوالى ٣٦٠ شركة حين تحدث فى تدوينة شخصية له عن قتل الأشخاص لأحلامهم من خلال ارتيابهم وشكّهم بها، ويشير ريتشارد إلى أنّه سمع ذلك الاقتباس من سوزى قاسم، المخرجة السينمائية، والكاتبة والشاعرة، خلال لقائه بها، وجعلته تلك الجملة يفكّر مطولًا بها، كما يشير إلى أنّ التجربة والفشل ليست ما يقتل الأحلام وإنّما الشك الذاتى بها.
تبدأ القصة عادة بأن يعتقد أحدهم أنّ فكرته مدهشة، ثمّ لا يلبث أن يدرك الصعوبات حولها، ويبدأ بالتساؤل والشك بإمكانية تحقيقها، وصولًا إلى إلغائها ورميها فى سلة المهملات، وذلك بعد أن انطلق بحماس منقطع النظير، ويعود ذلك بسبب الكم الهائل من الشكوك التى راودته عن صعوبة التنفيذ.
يشير برانسون إلى مروره أيضًا بهذا الفخ عندما بدأ تأسيس شركته، ويشير إلى أنّه حاول اكتشاف المصاعب التى ستواجهه، وكان قراره الحفاظ على التشكيك الذاتى بقدرته على التنفيذ بعيدًا عن ذلك.
للتعامل مع تلك المخاوف، ينصح برانسون اتبّاع الخطوات التالية:
دوّن أفكارك:
حالما تلمع فى رأسك فكرة وتشعر، وكأنها شرارة وقد اتقدّت فى ذهنك وأنت متحمّس للعمل عليها، كن منفتحًا على جميع الاحتمالات، وآمن بأنّ كل شيء ممكن، وفى هذه النقطة تأكد من تسجيل كل شيء على الورق، وبأنّك دوّنت كل أفكارك سواء كانت سيئة أو جيدة، سجّلها كلّها، فأنت لا تعرف أى منها ستكون مفيدة لك لاحقًا.
ركّز على الحلول لا المعوقات:
عندما تبدأ بالبحث لتنفيذ فكرتك، ستجد المعوقات حتمًا أمامك، والنقطة هنا أن لا تركز على السلبيات، وإنّما حوّل هذا التحدى إلى فرصة لاكتشاف قدراتك، وإلى البحث عن طرق الحل لمشكلتك، وتابع المحاولة حتى إيجاده. هذه هى الخطوة الأصعب، وتستسلم الكثير من الشركات عند هذه النقطة.
خذ قسطًا من الراحة:
ينصح برانسون حين تجد الأمور تدفعك للوقوف عن العمل لفكرتك بأن تحصل على قسط من الراحة، مع فنجان من الشاي، ويشير برانسون إلى أنّه وفى كثير من الأحيان، لمعت الحلول أثناء ممارسته الرياضة أو خلال فترة راحة يقضيها مع عائلته. ويشير برانسون إلى أنّك عندما تجد الحل تشعر بمعنوياتك بدأت بالارتفاع ويعود التفاؤل إليك مرة أخرى ويعود الزخم اليك، وهذا ما يجعلك تنفذ الفكرة وليس أن تراودك نفسك بالشكوك حولها.
ويختم برانسون بالقول:
حافظ على الاعتقاد بأن الشيء الوحيد الذى يمنعك من التنفيذ هو أنت.
لنأخذ هذه الحالة مثلًا، إذا أخبرك طالبٌ متفوقٌ أنّ سبب نيله العلامات العالية هى استيقاظه المبكر كل يوم وتناوله كأسًا من العصير الطبيعى قبل الامتحان، ودراسة المادة أولًا بأول، فلا تصدقه فهذه أسباب اختلقها دماغه بعد النجاح، ولن تجدى معك، ابحث عن الأسباب الخفية التى لن يخبرك بها، ليس بسبب إخفائها، وإنما ببساطة لأنه لا يعرفها أو سيعرفها لاحقًا، قد تكون هذه الأسباب بسبب مذاكرته لأسئلة السنوات السابقة القديمة والتى تتكرر دومًا، أو بسبب حضوره الدائم للمحاضرات مما يجعله ينتبه للأسئلة المهمة التى يلمّح لها الأستاذ فى محاضراته، قد يكون ذلك بسبب زياراته الدورية للأستاذ بعد المحاضرات، وقبل الامتحان مما يجعل الأستاذ بشكل إنسانى لا إراديّ، يلمح له للأسئلة المهمة، مهما كانت الأسباب الحقيقية، ما سيحدث أنّ الطالب بعد نجاحه، سيكون قد نسى تلك العوامل واعتقد دماغه أن شرب العصير أو الدراسة الليلية أو استعارة كتاب من المكتبة أو أى سبب منطقى آخر هو أحد أسباب نجاحه، وسيبرّر ذلك ببساطة أنّ شرب العصير مثلًا قد جعله متقد الذهن وحين يعطيك تلك النصيحة وتقوم باتباعها، فلن تحصل على شيء.
لا يمكن بكل حال من الأحوال إغفال مصطلحات الحظ والعشوائية، القدر والتوفيق، البركة والصدفة، اختر المصطلح الذى تفضّله كما شئت حول ما يحدث، ومع أهمية أخذها بعين الاعتبار فى حياتنا، إلّا أننى أريد إضافة استخدام مصطلح جديد نسبيًا، وهو «وجود سبب نجهله». بكل بساطة قد يكون هناك سبب لا نعرفه قد أدى إلى حدوث أمر ما، وعلينا دومًا أخذ ذلك بعين الاعتبار والبحث عن هذا السبب الخفيِّ وفهمه فهو طريقنا للنجاح، وليس اتباع الأسبابِ المختلقة التقليديةِ التى يرويها الناجحون لنا والتى لا تسمن ولا تغنى من جوع. ليس من الضرورة أن تبحث عن هذا السبب بقدر ما هو مهم أن تعرف أنّ هناك سببًا آخر قد لا تدركه، وأن لا تركن لما يخبرك به دماغك.
ابحث حقًا عن الأسباب الحقيقية، وحاول استكشاف الأسباب الخفية، وإذا لم تعرفها فتكيّف مع ذلك، فالطبيعى أن لا تعرفها أصلًا، والإصرار على معرفتها ضرب من ضروب إضاعة الوقت، ولقد نبّهنا القرآن الكريم إلى ذلك، فى قصة موسى، عليه السلام، مع الخضر عليه السلام، وتأكيد السورة الكريمة على {إنك لن تستطيع معى صبرا}، و{كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا}.
أحيانًا قد تطرق بابًا ويفتح لك باب آخر تمامًا! أى مثلًا أن تسعى للقيام بعمل مع جهة ما وتظل تحاول وتحاول، ثم إذ بأحد أصدقائك يخبرك بفرصة عمل فى مكان آخر وتكون مناسبة لك جدًا.
سيراودك الشك أحيانًا أو تشعر بالإحباط خاصة عندما تمر بأوقات صعبة، وستتساءل فى نفسك: هل كانوا على حق عندما نصحوك بالبقاء فى الوظيفة، ولكن هذه الشكوك لن تدوم وسيبددها أى نجاح ولو بسيط ستحققه فى طريقك.
واعلم جيدا أن الثقة بالنفس لا تسقط عليك من السماء، الثقة بالنفس تأتى من خلال العمل وتطوير الذات، الثقة تأتى من شعورك أنك جيد فى شىء ما، عندما تصبح مهاراتك جيدة وقدراتك متعددة، ولا بأس بها لدرجة ترى فيها نفسك أفضل من متوسط الأشخاص فى محيطك أو فى مجالك عندها سوف تبدأ فى الثقة بنفسك.
فى النهاية، عدم النجاح والشعور بانعدام الثقة فى النفس من وقت لآخر، وفى ظروف خاصة طبيعى جدا، وقد يكون مساعدا لنا فى إعادة النظر فى قراراتنا وحياتنا، وإذا عرفنا كيف نتعامل مع الأمر فلا يمكن لثقتنا فى أنفسنا سوى أن تزداد عما كانت عليه من قبل أن نفقدها.