يوم بعد يوم تضرب كل أم شهيد فى مصر مثلًا نقف أمامه مندهشين عاجزين عن النطق بكلمة تليق بهن. فهن صدقًا مصنع الأبطال والشهداء، ولن نعطيهم قدرهن ما فعلنا والعزاء أنهن فى الجنة مع فلذات قلوبهن. من أيام قليلة روى لى شخص قصة اقشعر لها بدنى، وسالت دموع العين، وأردت أن أشارككم فيها كما رواها على لسانه.
موقف حصل معايا فى ميكروباص الموقف الجديد فى الإسكندرية النهاردة الصبح، وأنا فى طريقى لشمال سيناء).
- أنا: ما تشد السرعة شوية يا أسطى.
- الأسطى: يعنى هطير يا بيه ما السكة واقفة قدامك أهى.
- الست: والنبى يا ابنى متنساش تنزلنى قدام عربيات شمال سيناء عشان بتلخبط كل مرة.
- الأسطى: حاضر يا ست قولتلك قبل كده حاضر.
- أنا: انتى رايحة سيناء يا أمى؟
- الست: أيوه رايحة أزور محمد ابنى أصله فى الجيش.
- ابنك مجند؟
- أيوه أمال كنت عايزنى أقعده جنبى القعدة للبنات أول ماجه ميعاد تجنيده راح ع طول ما هو أصله طالع لسيده الله يرحمه برضه كان فى الجيش كان ناضورجى روخر إيه مات عنده كتير 90 سنة إنما عينه تجيب لحد البر التانى محمد ابنى برضه نشنجى أوى بيتمرن ع الفانتوم والله.
- ربنا يوفقه ويرجعه بالسلامة.
- والنبى إنت باين عليك طيب وابن حلال زيه ده حتى شبهك كده والنبى وطولك تمام انتوا شكل بعض كده ليه؟ إنت عمال تكتب إيه؟ هه بص لى هنا إنت سرحت ف إيه؟
- أنا (تاركا ما بيدى) أبدًا والله معاكى أهو يا أمى.
ردت - هيقولى أبدًا برضه ما هو محمد كده برضه يبقى فيه اللى فيه وأسأله يقول لى أبدًا هى أبدًا دى اللى بتخلينى أعرف إن فيه حاجة (تبتسم).
- ابتسمت وقلت قلب الأم بقى.
- أيوه أومال إن ماكناش إحنا نحس بيكم مين هيحس بس هقولك ع حاجة:
- قولى يا أمى
- سيبها ع الله هو قادر يسلمك من كل شىء.
- ونعم بالله
- بقولك إيه ما تكتب لى جواب لمحمد بدل ما انت عمال تشخبط كده.
- الله!
- ها قولت إيه؟
- فى إيه يا أمى؟
- هتكتب لى جواب لمحمد؟
- (أنا بدون تفكير مسكت القلم والنوت وفتحت صفحة جديدة)وقلتلها طبعًا قولى أكتب إيه؟
- اكتب من فوق كده بسم الله الرحمن الرحيم وبعدين بوسة من هنا وبوسة من هنا، وقول له أمك بتسلم عليك صحتها بقت عال العال رجلها خفت، وهتروح مصر تدعيلك عند أم هاشم، وقول له أنا زعلت مع نبوية اوعى تكلمها يا محمد تصور يا محمد بتقول لى انتى مركبة فى رجليكى بابور بتحسدنى عايزة تكسحنى يا محمد عايزة تكسح أمك.
وبصت فى عينى وقالت لى اوعى تكون مش بتكتب وبتضحك عليا؟
- رديت بكتب والله أهو يا أمى كملى.
- بص يمين وشمال يا محمد وفتح عينيك واوعى عينك تغفل أصل دول غدارين وتاكُل كويس عشان تصلب طولك الواحد إن ما ملاش بطنه ميعرفش يعمل حاجة والبنت زكية بنت خالك الباكسة (مش فاهم معناها) قلقانة عليك ومرات عمك قاعدة مع ابنها فمصر عقبال امالتك بقى وتتجوز واحدة من مصر بندرية لف نفسك كويس بالبطانية الدنيا بتسقع بالليل ياحبيبى انا عارفاك مابتطيقش الغطا تزقه برجليك توقعه من ع السرير احسن تاخد رطوبة ومناخيرك تفضل سايبة والله طول النهار بدعيلك ربنا ينصرك على العدوين والسلام ختام يا بنى.
- (انتهيت م الكتابة وقطعت الورقة م النوت وناولتهالها) اتفضلى يا أمى.
- (ترد يدى وتبتسم) لأ خليها معاك إنت يا ابنى.
اخليه معايا؟ وبعدين هوانتى مش رايحة له؟ بتكتبى الجواب ليه يا أمى؟
- لأ ماهو ربنا افتكره فى رمضان اللى قبل اللى عدى
إيه مصدومًا «مات».
- لأ استشهد هو كان من اللى كانوا وقت الفطار هناك فى سيناء و.. و....... (تتلعثم كلماتى) ربنا يرحمه.
- أنا بقى اتعودت كل شهر أروح أزور زملاته هناك أوديلهم زيارة معتبرة أومال ماهما ومحمد واحد كلكم واحد يا ابنى وأيامكم صعبة ربنا يعينكم عليها (من قبل اللحظة دى بجملتين وأنا فعلا لسانى اتشل ومش لاقى أى كلام أقوله).
هى إزاى كده وبتتكلم كده فعلا بطلة أم بطل أم شهيد، وهى من أهل الجنة هيشفع لها وتكون معاه وطول ما موجود اللى زيها طول ما مصر فى أمن وأمان ليوم الدين.