افتقدت جماعة الإخوان المسلمين بُصلتها بعد أكثر من تسعين عامًا من النشأة على يد مؤسسها الأول حسن البنا في صيف عام 1928، حتى أصبحت جسدًا ممتدًا بلا روح أو عقل، غير مدركة للزمن وليس لديها شعور بالجغرافيا رغم تمددها في أكثر من ثمانين دولة، تودع حياتها وتتهاوى بين ردهات الواقع العربي والإسلامي المنكوب وهي على مشارف المائة عام.
انحرفت بُصلة «الجماعة» في مصر بشكل أكبر في العقد الأخير، وتحديدًا بعد عام 2011، حيث كانت أكثر شراسة مع الواقع السياسي والاجتماعي المحيط، كما تكشف الوجه الحقيقي للتنظيم أمام أتباعه في هذه الفترة بعدما كانت تتغنى قياداته بالمظلومية تارة، فغاب وجهها الحقيقي عندما كانت تُنحي الديمقراطية جانبًا داخل مؤسساتها، فكانت أكثر تسلطًا حتى بعدما أصبحت مؤسسات الدولة ملكًا لها، فمارست أبشع أنواع الديكتاتورية داخل هذه المؤسسات، كما مارستها «الجماعة» مع مكونات المجتمع بالتهميش تارة وبالاستقواء تارة أخرى.
وجه «الجماعة» الحقيقي ظهر مع أول اختبار لها بعد 25 يناير عام 2011، حيث سقطت مؤسسات الدولة مع حالة من الفوضى، سمحت بتقدم جماعات دينية ذات هياكل تنظيمية مدربة للحكم أعقبها استئثار بمقاليده وسعي حثيث للسيطرة على مقاليد الدولة دون مشاركة لبقية طوائف المجتمع، وكأن لسان حالها يقول: «خلق الله الناس أمة واحدة» لا تنوع ولا اختلاف، تمهيدًا لإطلاق نسختها من الدولة الإسلامية تمهيدًا آخر لتطبيق مفهومها لما كانت تُطلق عليه أستاذية العالم.
جماعة الإخوان المسلمين التي تتغنى بتربية الفرد المسلم والأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم يليها الخلافة الإسلامية، تلك التي تاهت أمام حكم دولة وليس حكم عدة دول، وبالتالي ليس مناسبًا الحديث عن أستاذية العالم إلا في أدبيات «التنظيم» المتهاوي، فقد اعترف أحد قادة «الجماعة» قبل ثورة 30 يونيو عام 2013 أنهم فشلوا في إدارة شئون الدولة قائلًا: «كنّا نديرها بمنطق إدارة قسم الأشبال في الإخوان»!
دلالة منطق إدارة شئون «الجماعة» وكأنها قسم من الأقسام التي كانت تديريها قبل ثورة 25 يناير وتحديدًا قسم «الأشبال»، تدل على غياب رؤية التغيير داخل «التنظيم» فضلًا عن دوره بالمشاركة في تغيير المجتمع، «الجماعة» كانت تفتقد أبسط القواعد الأساسية التي تدل على وجود رؤية أو مشروع فكري غير بقايا تنظيرات مؤسسها حسن البنا والتي انقلبت عليها «الجماعة» بالكلية، بينما حافظت على مفاهيم العنف التي رسخها المؤسس الأول عبر رسائله وتحديدًا رسالة المؤتمر الخامس ورسالة «التعاليم».
مشروع «الجماعة» للسلطة حلم، ولكنه يفتقد الملامح الرئيسية التي يمكن الوثوق بها، فرغم أن «الجماعة» حدثتنا كثيرًا عن علاقتها بالأقباط وغلفت ذلك بقولها شركاء الوطن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، إلا أنها خاصمت هذا التنوع الديني وتعاملت بطائفية وازدراء عبرت عنه الكنيسة أكثر من مرة، وفوجئنا بالجماعة وحلفائها يقومون بحرق الكنائس على خلفية ثورة 30 يونيو، انتقامًا من الأقباط ودعمهم للنظام السياسي الوليد من رحم هذه الثورة.
رؤية «التنظيم» للتغيير انحصرت في شكلين، أحدهما عندما كانوا على رأس السلطة، وعبّر عنه مرشدها محمد بديع عندما قال: «يكفي أننا لن نسرق» وكأن دور السلطة التنفيذية فقط منع الفساد والرشوة، وهذا إن دل فإنما يدل على عاطفة مَن يحكمون وليس حكمة مَن لهم عاطفة، فتم إدارة شئون البلاد بالعاطفة حتى تكلس المجتمع واقعًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، افتقدنا معه لقواعد السياسة والمنطق.
الشكل الثاني الذي اعتمدته «الجماعة» في حكمها تركز على مفهوم العنف، الذي شكّل بناء «التنظيم» الفكري، فمارست هذا العنف عندما كانت على رأس السلطة وعندما أرغمت على ترك السلطة في محاولة منها لاستعادته، فتمت شرعنة تحركاتها العنيفة وتكفير خصومها بمسميات «فقه المقاومة الشعبية»، وانقسمت «الجماعة» بسبب فقه البعض من قياداتها في استخدام العنف وطريقة هذا الاستخدام وليس في مبدأه، وهذا إن دل فإنما يدل على غياب الرؤية التي حتمًا سوف تنتهي بتفكك «التنظيم» رغم عمره الذي قارب المائة عام.
وجه «الجماعة» الحقيقي ظهر مع أول اختبار لها بعد 25 يناير عام 2011، حيث سقطت مؤسسات الدولة مع حالة من الفوضى، سمحت بتقدم جماعات دينية ذات هياكل تنظيمية مدربة للحكم أعقبها استئثار بمقاليده وسعي حثيث للسيطرة على مقاليد الدولة دون مشاركة لبقية طوائف المجتمع، وكأن لسان حالها يقول: «خلق الله الناس أمة واحدة» لا تنوع ولا اختلاف، تمهيدًا لإطلاق نسختها من الدولة الإسلامية تمهيدًا آخر لتطبيق مفهومها لما كانت تُطلق عليه أستاذية العالم.
جماعة الإخوان المسلمين التي تتغنى بتربية الفرد المسلم والأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم يليها الخلافة الإسلامية، تلك التي تاهت أمام حكم دولة وليس حكم عدة دول، وبالتالي ليس مناسبًا الحديث عن أستاذية العالم إلا في أدبيات «التنظيم» المتهاوي، فقد اعترف أحد قادة «الجماعة» قبل ثورة 30 يونيو عام 2013 أنهم فشلوا في إدارة شئون الدولة قائلًا: «كنّا نديرها بمنطق إدارة قسم الأشبال في الإخوان»!
دلالة منطق إدارة شئون «الجماعة» وكأنها قسم من الأقسام التي كانت تديريها قبل ثورة 25 يناير وتحديدًا قسم «الأشبال»، تدل على غياب رؤية التغيير داخل «التنظيم» فضلًا عن دوره بالمشاركة في تغيير المجتمع، «الجماعة» كانت تفتقد أبسط القواعد الأساسية التي تدل على وجود رؤية أو مشروع فكري غير بقايا تنظيرات مؤسسها حسن البنا والتي انقلبت عليها «الجماعة» بالكلية، بينما حافظت على مفاهيم العنف التي رسخها المؤسس الأول عبر رسائله وتحديدًا رسالة المؤتمر الخامس ورسالة «التعاليم».
مشروع «الجماعة» للسلطة حلم، ولكنه يفتقد الملامح الرئيسية التي يمكن الوثوق بها، فرغم أن «الجماعة» حدثتنا كثيرًا عن علاقتها بالأقباط وغلفت ذلك بقولها شركاء الوطن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، إلا أنها خاصمت هذا التنوع الديني وتعاملت بطائفية وازدراء عبرت عنه الكنيسة أكثر من مرة، وفوجئنا بالجماعة وحلفائها يقومون بحرق الكنائس على خلفية ثورة 30 يونيو، انتقامًا من الأقباط ودعمهم للنظام السياسي الوليد من رحم هذه الثورة.
رؤية «التنظيم» للتغيير انحصرت في شكلين، أحدهما عندما كانوا على رأس السلطة، وعبّر عنه مرشدها محمد بديع عندما قال: «يكفي أننا لن نسرق» وكأن دور السلطة التنفيذية فقط منع الفساد والرشوة، وهذا إن دل فإنما يدل على عاطفة مَن يحكمون وليس حكمة مَن لهم عاطفة، فتم إدارة شئون البلاد بالعاطفة حتى تكلس المجتمع واقعًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، افتقدنا معه لقواعد السياسة والمنطق.
الشكل الثاني الذي اعتمدته «الجماعة» في حكمها تركز على مفهوم العنف، الذي شكّل بناء «التنظيم» الفكري، فمارست هذا العنف عندما كانت على رأس السلطة وعندما أرغمت على ترك السلطة في محاولة منها لاستعادته، فتمت شرعنة تحركاتها العنيفة وتكفير خصومها بمسميات «فقه المقاومة الشعبية»، وانقسمت «الجماعة» بسبب فقه البعض من قياداتها في استخدام العنف وطريقة هذا الاستخدام وليس في مبدأه، وهذا إن دل فإنما يدل على غياب الرؤية التي حتمًا سوف تنتهي بتفكك «التنظيم» رغم عمره الذي قارب المائة عام.