الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة البرلمان

زواج القاصرات جريمة باسم "الستر".. البرلمان: مقترح قانون لحبس المأذون وولي الأمر المتورطين من ٥ لـ ١٠ سنوات.. محمد العقاد: سبب رئيسي في ضياع الحقوق واختلاط الأنساب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الوقت الذى أصبحت فيه ظاهرة الزواج المبكر منتشرة بشكل واسع فى الأقاليم، واحتدم الصراع بين القانون والأعراف فى المحافظات المصرية، والتى يتجه فيها أولياء الأمور إلى تزويج فتياتهم قبل إتمام السن القانونية، وغالبًا ما ينتهى الأمر بالفشل مع وجود طفل أو أكثر، حيث يتصدران مصر واليمن أعلى المراتب فى زواج القاصرات على مستوى العالم.
 ووفقا للتقرير الدورى لخط النجدة بالمجلس القومى للأمومة والطفولة، بلغ عدد البلاغات التى تلقاها الخط حول زواج الأطفال وصل 61% من جملة البلاغات خلال هذا العام، أعلاها من محافظة الفيوم بنسبة 91%، تليها محافظة القاهرة ثم الجيزة، فالدقهلية فالشرقية، علاوة على بلاغات عن مأذون شرعى أو موثق يعقد قران بنات تتراوح أعمارهن ما بين «14 و16» سنة مقابل جمع المال.
 كما ينص القانون المصرى رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ على اعتبار الزواج المبكر حالة من حالات الاتجار بالبشر تصل عقوبتها للمؤبد وغرامة ١٠٠ ألف جنيه على كل من له الولاية أو الوصاية أو المسئول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات.
فى ظل انتشار ظاهرة زواج القاصرات فى قرى محافظات مصر، سعى عدد من أعضاء مجلس النواب، إلى تبنى الأمر، نظرًا لما تمثله الظاهرة من خطر يهدد المجتمع المصري، مشيرين إلى أن القضية باتت ملحة لإقرار تعديلات على القانون الذى يجرم زواج القاصرات تحت سن ١٨ عاما، وذلك بإدخال نصوص لمعاقبة كل الأطراف المساعدة فى هذه الجريمة سواء من الأهل أو سماسرة الزواج أو المأذون، مطالبين بمعاقبة المأذون والأب فى حالة عقد زواج لم يتم أحد طرفيه سن الـ ١٨ عاما. 

وتقدم محمد العقاد، عضو مجلس النواب، باقتراح برغبة بشأن تغليظ عقوبة زواج القاصرات والمتورطين فيها لتصل العقوبة للحبس مدة زمنية تتراوح من ٥ إلى ١٠ سنوات، أو غرامة مالية تبدأ من ١٠ آلاف جنيه وحتى ١٠٠ ألف جنيه، أو توقيع العقوبتين معا.
وأشار العقاد، إلى أن زواج القاصرات يهدد المجتمع، ويعد سببا رئيسيا فى ضياع الحقوق واختلاط الأنساب، ولهذا لا بد من تشريع للتصدى لهذه الظاهرة، ينص على عدم زواج من هم دون ١٨ عاما، للحفاظ على الحقوق وعدم ضياعها وبناء مجتمع سوى قائم على الفكر الناضج. 
وأكد عضو مجلس النواب، أن الفتاة لا بد أن يكون من حقها الولاية على نفسها، وهذا يتحقق عند بلوغها سن الـ ١٨ عاما، مشددا على ضرورة توقيع العقوبات على موثق الزيجة حال علمه وسحب المهنة منه.

وقالت النائبة أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب، إن قضية زواج القاصرات، من أكبر القضايا التى تواجه المجتمع فى الآونة الأخيرة نظرًا لما لها من آثار سلبية تؤثر على المجتمع ككل، مشيرة إلى أن الزواج المبكر يهدر حق الفتيات المتزوجات، نظرًا لأن عقود الزواج تكون غير موثقة وعقود عرفية.
وأشارت حسونة، إلى أن القانون يمنع زواج من هن دون السن القانونية، الأمر الذى يحول دون توثيق تلك العقود، الأمر الذى يكون له عائد سلبى على تسجيل الأطفال، وقد يؤثر فى أوراق التحاقهم بالمدارس، مؤيدة المطالبات بتشديد عقوبة زواج القاصرات لمواجهة الظاهرة، فهى من الأسباب الرئيسية للزيادة السكانية، حيث إن عملية الإنجاب تتم فى سن صغيرة ما ينتج عنه ارتفاع نسبة الإنجاب، وطالبت بتشريع قانون ينص على تجريم زواج من هن دون ١٨ سنة.

وفى الصدد ذاته، أكد محمد عبدالعزيز الغول، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أنه لا بد من وجود ضوابط ومعايير لمواجهة ظاهرة زواج القاصرات، مشيرًا إلى أهمية أن يتقاسم العقوبة ولى الأمر مع المأذون الشرعي، بإلغاء رخصة المأذون ومعاقبته بالحبس.
وأوضح الغول، أنه فى حال توقيع العقوبة على المأذون سواء بسحب الرخصة أو الحبس من شأنه تقليل الأمر، لانصراف المأذونين عن إتمام العقود، مطالبًا بتنظيم حملات توعية مجتمعية من المتخصصين بقرى المحافظات، نظرًا لانتشار الظاهرة بشكل خاص فى القرى على عكس المدن.

فيما قالت منال ماهر الجميل، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب: إن تجريم زواج القاصرات يقع على رأس قائمة أولويات اللجنة خلال دور الانعقاد الرابع، وأشارت، إلى أن المجتمع وبشكل خاص فى الوجه القبلى يعتمد زواج القاصرات، مشددة على أهمية أن تتم التوعية بخطورة الأمر وتبنيها، نظرًا لما يمثله الأمر من خطورة، حيث إن الأمر ليس مقتصرا على البحث عن آليات مواجهته فقط بتغليظ العقوبات، وإنما من خلال حملات توعية.
بينما قال النائب عبدالمنعم العليمي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن عددا كبيرا من أعضاء مجلس النواب تقدم بتشريعات خاصة بتجريم الظاهرة، والتصدى لها، مشيرًا إلى أن الحكومة أرسلت مشروع قانون إلى البرلمان، أحالته اللجنة التشريعية إلى شيخ الأزهر لإبداء الرأى فيه.
وأشار إلى أن القانون نص على عقوبات خاصة بزواج القاصرات، إلى جانب عقوبة تجاوز المأذون وإتمام الزواج لمن هن دون ١٨ سنة، مضيفًا أنه تقدم خلال دور الانعقاد الثالث بمشروع قانون خاص بتنظيم عمل المأذونين، تمت إحالته إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لمناقشته والبت فيه.

وأكدت مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، وعضو المكتب السياسى لائتلاف دعم مصر، أن الدستور المصرى حدد من هم دون سن ١٨ سنة كـ«أطفال»، مؤيدة المطالبات بتغليظ العقوبة على المتورطين بزواج القاصرات.
وأشارت عازر، إلى أن تلك الظاهرة تهدد المجتمع ككل، حيث إنها ترفع من نسبة الطلاق، وتزيد من نسبة أطفال الشوارع، وتسريب الأطفال من المدارس، وذلك لجهل الأم بالقيم الاجتماعية نظرًا لزواجها بسن صغيرة، ما يجعلها تجهل قيمة الزواج وتربية الأطفال، مضيفة أن تغليظ العقوبة أو إقرار تشريع وحدهما غير قادرين على التصدى للظاهرة، أو القضاء عليها.
وطالبت، بتضافر جهود الدولة، من تعليم ووسائل إعلامية، وصولًا للخطاب الديني، ورجال الدين، إضافة إلى المثقفين ومنظمات المجتمع المدني، وتكثيف جهودها حول الأمر.

وفى السياق ذاته، أشارت جليلة عثمان، وكيل لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، إلى أن القانون حدد سنا للزواج، لافتة إلى أن اختراق هذه السن يقابل بعقوبة لابد من تغليظها، لمعاقبتهم. ووصفت ظاهرة زواج القاصرات بأنها صورة من صور الإتجار بالبشر، مشيرة إلى أن تغليظ العقوبة يجب أن يقع على الزوج وولى الأمر ومحاسبتهم، مؤكدة أهمية تنظيم حملات توعية حول الأمر، وإيجاد حلول مجتمعية، من منظمات المجتمع المدني، يتبناها المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وإنشاء منظومة موحدة، ومبادرة بجميع محافظات الجمهورية.
بينما قال النائب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، إن ظاهرة زواج القاصرات، تؤثر على كافة فئات المجتمع، نظرًا للزواج المبكر للأمهات والتى تمنعها من تحمل مسئولية الأسرة، والتى تقع على عاتقها فى سن صغيرة.
وأشار أبو العلا، إلى أن الأمر يترتب عليه تسرب الفتيات من التعليم وعدم استكمال دراستهن، ما يؤثر على ارتفاع نسبة الأمية فى ظل اتجاهات الدولة إلى محوها، لافتًا إلى أهمية تطبيق القانون بحسم وتغليظ العقوبة على المتخلفين.
وأوضح، أنه يجب العمل على اختلاف سياسة الوعى المجتمعي، نظرًا لأن القانون لن يكون حلا رادعا للتخلص من الظاهرة، إضافة إلى إلزامية التعليم ومعاقبة التسرب من العملية التعليمية، وتجديد الخطاب الديني.

وأكدت النائبة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أن انتشار ظاهرة زواج القاصرات يأتى بتدمير للقيم الاجتماعية والصحية، مشيرة إلى أنها عامل رئيسى فى ارتفاع نسبة الطلاق، نظرًا لافتقاد الفتيات فى تلك السن إلى النضج.
وأضافت، إلى أن نسبة نجاح ذلك الزواج منعدمة، نظرًا لأن الزواج يتم قبل بلوغ الفتيات السن القانونية، ونضجهن لتحمل أعباء الأسرة، مشيرة إلى أن بعض الفتيات ينخدعن فى بادئ الأمر بأن الزواج يكون ترفيهيًا ولكنها تفاجأ بأعباء ومسئوليات لا تستطيع تحملها، ما يؤدى إلى الطلاق.

خبراء: انتهاك واضح لحقوق الإنسان « فرويز »: يجب معاقبة الأهالى من خلال تشريع قانونى لارتكابهم تلك الجريمة

قال الدكتور جمال فرويز، الخبير النفسي، إن قرى الصعيد شهدت انتشارًا لزيجات الفتيات اللاتى لم يتخط عمرهن ١٣ عامًا لاعتقاد الكثيرين من أهالى تلك الفتيات بأن زواجهن فى تلك السن «سترة»، وأيضًا من باب تخفيف الأعباء المادية عن كاهلهم، وخاصة فى ظل الظروف المادية الصعبة التى يتعرض لها الكثيرون.
وأضاف فرويز، أن الفتيات اللاتى يتم زواجهن لم تصل أعمارهن إلى السن القانونية، مشيرًا إلى أنه فى حالة عدم تخطى الفتاة سن الزواج المحدد يتم الزواج عن طريق تحليل السنة أو أخذ شيكات على الزوج وغيرها من الطرق لحين إثبات الزواج رسميا بعد تخطيها السن القانونية.
وأشار الخبير النفسي، إلى أن الفتيات فى سن مبكرة لا يعرفن معنى مسئولية الزواج، ولكن تقتصر أحلامهن على ارتداء فستان أبيض يخفى وراءه إهانة لكرامتها وانتهاكا لطفولتها، مؤكدًا ضرورة معاقبة الأهالى من خلال تشريع قانونى لارتكابهم تلك الجريمة. 

فيما قالت الدكتورة منى أبو طيرة، أستاذ علم النفس، إن خطورة زواج القاصرات تتمثل فى قهر المرأة نفسيا وفكريا، والأسرة التى تقبل ذلك، والمجتمع الذى لا يتخذ الإجراءات الحاسمة لمنع هذه الظاهرة، ودستوريا الفتاة لا يسمح لها بالزواج قبل ١٨ عاما حتى لا تحرم من طفولتها ورعايتها وإتمام دراستها.
وأضافت، أن زواج القاصرات يعد انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان، ولفتت إلى المشكلات النفسية التى تواجهها الفتاة وافتقاد الإحساس بالأمان والرعاية، متسائلة «كيف تعطى الفتاة الأمان لأولادها وهى مفتقدة له؟، وكذلك كيف تربى جيلا جديدا وهى قد حرمت من التعليم؟!»، و«كيف تعيش فترة المراهقة وهى أم وتحمل مسئولية كبيرة عليها؟» وبذلك تتعرض لأمراض نفسية كثيرة، فلم تعش طفولتها، وفشلت فى أن تكون زوجة وأما لخبرتها البسيطة.
وأشارت أستاذ علم النفس، إلى أن الفتاة المتزوجة قاصرًا ترسم لنفسها صورة سلبية قد تؤدى إلى هروبها من مجتمعها، فهى ليست شريكة لزوجها فى أى شيء، لأنها ليست ذات خبرة بالنسبة له، متابعة «القاصر تتحول مع الوقت لخادمة للزوج فقط وعليها سماع الأوامر فقط، فهى غير متمتعة بالصحة النفسية السوية، وبالتالى تنشئ جيلا ضعيفا».


وفى سياق متصل، أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن أزمة زواج القاصرات لم تكن حديثة العهد، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن فى استمرارها دون وضح حلول جزرية لها، مضيفة أن مؤسسات الدولة عليها دور رئيسى فى توعية وتثقيف المواطنين ومعاقبة الأهل فى حالة الخروج عن القانون بزواج بناتهن القاصرات من أجل المال أو تحت شعار «السُترة».
وأضافت خضر، أن انخفاض نسبة التعليم خصوصًا لدى الفتيات بسبب الاعتقادات الموجودة فى الريف والقرى والنجوع واعتقادهم بأن الفتاة ليس لها إلا الزواج أو بيت زوجها على حد تعبيرهم واقتصارها على الأعمال المنزلية يجعلهم يزوجون أطفالهن لأول عريس يأتي، قائلة: «زواج القاصرات يعد فيروسا منتشرًا فى الريف والصعيد ويجب علاجه».